في اكتشاف مثير للدهشة باستخدام النموذج الحيواني القياسي لمتلازمة داون (DS)، تمكن العلماء من تصحيح عجز التعلم والذاكرة المرتبط بالحالة – السبب الوراثي الرئيسي للإعاقة الإدراكية واضطراب الكروموسومات الأكثر تشخيصا في الولايات المتحدة – مع الأدوية التي تستهدف استجابة الجسم للضغوط الخلوية.
في دراسة نشرت في 14 نوفمبر 2019، في مجلة Science، أظهر فريق بقيادة باحثين في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو وكلية بايلور للطب أن بعض العاهات الفكرية المرتبطة بالـ DS قد تُعزى إلى إنتاج البروتين المعدل في منطقة من الدماغ يسمى الحصين، وهو أمر أساسي للتعلم وتكوين الذاكرة على المدى الطويل.
ولكن في ما يسمى الماوس Ts65Dn، المصمم هندسيا لالتقاط السمات الوراثية والسلوكية والمعرفية لمتلازمة داون البشرية، يمكن التراجع عن هذه التغييرات، فعندما أجرى الباحثون عقاقير تستهدف أحد مسارات استجابة الإجهاد الرئيسية للخلية، تمكنوا من إعادة مستويات البروتين إلى طبيعته ، مما تسبب في اختفاء العجز المعرفي النموذجي للماوس Ts65Dn.
على الرغم من أن السمات المعرفية لـ DS قد اعتُبرت بشكل عام لا رجعة فيها، وِفقا للباحثين، تشير هذه النتائج إلى أنه قد يكون من الممكن تحسين الوظيفة المعرفية لدى DS البشري باستخدام مركبات مماثلة.
نظرا لأن DS ناتج عن نسخة إضافية من الكروموسوم 21، فقد درس العلماء المرض عمومًا من خلال عدسة الوراثة، مع التركيز بشكل أساسي على الطرق التي يعطل بها الكروموسوم الزائد نشاط الجينات الطبيعي.
لكن في الدراسة الجديدة، وبدلا من تقييد جهودهم على الجينات والكروموسومات، قام العلماء بتدريب أنظارهم على الدور غير المستكشَف إلى حد كبير “proteostasis” – وهو مصطلح فني لآلية تصنيع البروتين في الخلية ومراقبة الجودة – في DS.
قاد الدكتور بيتر والتر، مؤلف مشارك مشارك في الدراسة، البحث للكشف عن وجود صلة بين عيوب “proteostasis” ومتلازمة داون.
نهج جديد لدراسة متلازمة داون
مقالات شبيهة:
7 طرق بسيطة لجعل دماغك يعمل بشكل أفضل
هل متلازمة الطفل الوحيد حقيقية وماهي آثارها الصحية؟
وإثر إجراء بحوث مكثفة، تبين أن وجود صبغي إضافي في الدماغ هو الذي أدى على الأرجح إلى تراجع إنتاج البروتين في منطقة “الحصين”. ويؤدي هذا الصبغي الزائد لدى المصابين بـ”متلازمة داون”، إلى تراجع إنتاج البروتين في الدماغ، من خلال إحداث تفاعلات في الخلية.
وأوضح الباحث، بيتر والتر، في بيان صحافي، أن “الخلية تقوم بمراقبة صحتها، بشكل مستمر، وحين يحصل شيء ما على نحو خاطئ، فإن الخلية تتفاعل، من خلال إنتاج كمية أقل من البروتين، وهذا البروتين ضروري حتى تجري القدرات المعرفية، بقدر عالٍ من الكفاءة، أما حين ينقص، فيقع الخلل في تكوين الذاكرة”.
وأضاف أن “الباحثين قاموا بتعطيل أنزيم مسؤول عن إحدى التفاعلات غير المرغوب بها داخل الخلية أو ما يعرف بتفاعل ‘آي إس آر’، ولوحظ أن القدرات المعرفية لدى الفئران تغيرت بشكل ملموس، كما تحول مستوى البروتين في الدماغ، بشكل مذهل”.
ويوضح الباحثون أن نجاح هذا الحل العلاجي، وهو التحكم في البروتين ووقف التفاعل غير المرغوب فيه داخل أدمغة فئران التجارب، لا يعني بالضرورة أن الأمر ينطبق بشكل مباشر على جسم الإنسان، لكن هذا الإنجاز يمنح بارقة أمل للمصابين بالاضطراب.
قاد والتر الدراسة الجديدة مع المتعاون ماورو كوستا ماتيولي، أستاذ علوم الأعصاب في كلية بايلور للطب والذي يعمل حاليا أستاذا زائرا في مختبر والتر بفضل جائزة UCSF.