في المغرب، أصبحت دورات الجفاف أكثر تواتراً، حيث انتقلت من مرة واحدة كل خمس سنوات إلى مرة كل عامين، ويعد الجفاف تهديدا حقيقيا لواحات الأجداد، فقد فقدت البلاد بالفعل ثلثي أشجار النخيل البالغ عددها 14 مليون شجرة خلال القرن العشرين.
وتلخص أشجار النخيل على أرض صفراء أمام أنقاض منزل من الطوب المهجور، في منطقة قاحلة في جنوب شرق المغرب مصير الواحات المهددة بالانقراض بسبب تغير المناخ.
وقال محمد الحوكري، أحد سكان واحة سكورة في محافظة ورزازات، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 25000 نسمة: “نشأت في هذه الواحة وشهدت تقلصها التدريجي، وقد أصبحت مهددة بالاختفاء كليا”.
الأرض المتصدعة والواحات العطشى
لقرون عديدة، كانت الواحات المغربية موطنا للتجمعات البشرية والأنشطة الزراعية والتراث المعماري والثقافي، مستفيدة من موقعها على طريق القوافل التجارية عبر الصحراء، واليوم، في سكورة، فقط أشجار الزيتون التي لا تستهلك الكثير من الماء لا تزال تقاوم وسط أشجار النخيل على الأرض المتشققة، رغم أنه وحتى الثمانينات من القرن الماضي، كان الرمان وأشجار التفاح تنمو في هذا المكان”.
مع دورات الجفاف المتكررة والمدمرة على نحو متزايد، أصبحت الواحات، التي كانت ذات مرة دروعا من التصحر، “مهددة بالانقراض نظرا للتأثير الكبير لدرجات الحرارة المرتفعة على موارد المياه”،وفقا لآخر تحذير من منظمة غرين بيس غير الحكومية.
على مدار القرن الماضي، فقد المغرب بالفعل ثلثي أشجار النخيل البالغ عددها 14 مليون شجرة، حسب الأرقام الرسمية.
وقال لحسن الميموني، عميد كلية ورزازات، على هامش مؤتمر حول السياحة التضامنية في الواحات: “تعتمد أنشطة الواحة على المياه الجوفية، التي يتم توفيرها عموما بواسطة الثلج من الجبال، وقد عانت من ظاهرة الاحتباس الحراري في الثمانينيات والتسعينيات”.
مقالات شبيهة:
الجفاف المدمر
وقد شهدت منطقة سكورة، التي كانت جذابة للمزارعين في السابق، شبابها يذهبون للعمل في مكان آخر، وأصبح النشاط هامشيا.
وبنبرة يائسة قال أحمد نفحات، وهو مزارع خمسيني استقر في سكورة منذ 25 عاما، عندما كانت المنطقة خضراء والمياه وفيرة: “أنا مستعد لبيع أرضي، لكن لا يوجد مشتر، فقد رحل الجميع”.
وأضاف أن الجفاف دمر كل شيء، معربا عن أسفه لارتفاع تكلفة المضخات الكهربائية المستخدمة لسحب المياه أكثر عمقا، حيث أن العثور على الماء يتطلب حفر أكثر من 40 مترا، بينما كان يتراوح بين 7 إلى 10 أمتار في الثمانينات، وفقا للسكان.
كما ساهم الاستخدام المكثف للمضخات الكهربائية في الإفراط في استغلال منسوب المياه، وفقاً لـ “عبد الجليل” (37 عامًا) وهو كهربائي في مراكش وأكادير جنوبا، حيث يقضي معظم وقته.
واستنكر محمد التخلي عن الأساليب التقليدية التي سمحت بتوزيع المياه “اقتصاديا وعقلانيا”، في إشارة إلى نظام قديم للري بواسطة قنوات تدعى “خطارات”.
في الأفق تقف قمم جبال الأطلس المغطاة بالثلوج، ولكنها غير كافية لإطعام الأودية الجافة التي تعبر الواحة، وتظهر آثار الجفاف أيضا على طول الطريق المتعرج من مراكش إلى ورزازات، على بعد 40 كم من سكورة.
وقالت غرينبيس “تواتر حالات الجفاف ازداد خلال العشرين إلى الأربعين سنة الماضية في تونس والمغرب وسوريا والجزائر، مرورا بالمغرب من مرة واحدة كل خمس سنوات إلى مرة واحدة كل سنتين”.
الوعي للتعامل مع التصحر
بالنسبة لمحمد، فإن إنقاذ الواحات يتطلب “زيادة الوعي” بخطر التصحر، ويأسف بشكل خاص “لاقتلاع العديد من أشجار النخيل لبيعها لأصحاب الفلل”.
لإعادة تأهيل منطقة الواحة، أطلقت الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجرة أركان (ANDZOA) في عام 2008 “برنامجا كبيرا بزراعة ثلاثة ملايين شجرة، وهو هدف تم تحقيقه في عام 2019″، وفقا لـ “إبراهيم حفيدي”، مديرها الإداري.
“لقد حددنا لأنفسنا هدف تعبئة مليار متر مكعب من المياه بحلول نهاية عام 2020″، لا سيما مع بناء السدود وإعادة تأهيل قنوات الري، وهو برنامج متقدم جدا”.
ندرة المياه لا تهدد الواحات فقط، فقد شهدت مدينة زاكورة شبه الصحراوية في عام 2017 “مظاهرات العطش” المناهضة لانقطاع المياه المتكرر.