تشير دراسة جديدة إلى أن تناول جرعة واحدة من مركب موجود في الفطر السحري يمكن أن يقلل من القلق والاكتئاب لدى مرضى السرطان.
ووجد الباحثون أن المرضى الذين تناولوا فطر سيلوسيبين شعروا بالأمل أكثر وأصبحوا أقل إحباطا وأقل خوفا من الموت، وعندما قارن الباحثون تناول المركب مع جلسات للعلاج النفسي، كان هناك تحسن امتد لأكثر من أربع سنوات.
وتضيف الدراسة، التي أجراها باحثون أمريكيون، أن “تأثير هذا المخدر الموجود في فطر عيش الغراب قد يستمر لنحو خمس سنوات في حالات الاكتئاب الناجمة عن الخوف من الموت، والتي تصيب مرضى السرطان”، مشيرةً إلى أن “حصول المرضى على جرعة واحدة منه ارتبط بانخفاض مستمر في مستوى القلق، والاكتئاب، واليأس، والإحباط، والخوف من الموت في كل نقطة من نقاط المتابعة التي أُجريت في المرة الأولى بعد ثلاث سنوات من حصول المريض على تلك الجرعة، وفي المرة الثانية بعد مرور أربع سنوات ونصف على تناول الدواء”.
يقول الفريق، من كلية جروسمان للطب بجامعة نيويورك، إن النتائج تقدم دليلا على أن الفطريات السحرية يمكن أن تكون علاجا لمشكلات الصحة العقلية بين مرضى السرطان، بل وتساعد في دفع عملية تقنين الدواء.
يوجد “السيلوسيبين” في نحو 200 نوع من أنواع “فطر المشروم”، الذي طالما وُصف بأنه “الفطر السحري”؛ بسبب مركباته القادرة على علاج الاكتئاب والتغلُّب على ضغوط الحياة.
تُعد هذه الدراسة امتدادا لدراسة سابقة أُجريت عام 2016 على 29 مريضًا بالسرطان؛ إذ حصل كلٌّ منهم على تسع جلسات للعلاج النفسي، بالإضافة إلى جرعة واحدة من مخدر “السيلوسيبين”، أو جرعة من دواء وهمي يُدعى “النياسين”، يمكن أن ينتج إحساسا بدنيا بطيئا يحاكي تجربة مخدر “السيلوسيبين”.
وبعد سبعة أسابيع، تبادل جميع المشاركين العلاجات، وجرت مراقبتهم لقياس المؤشرات المرضية للقلق والاكتئاب ضمن عوامل أخرى، وفي التقييم النهائي الذي استمر لمدة ستة أشهر ونصف، وجد الباحثون أن السيلوسيبين يرتبط بتأثيرات طويلة الأمد مضادة للقلق والاكتئاب.
مقالات شبيهة:
وتمت متابعتهم 3.2 و 4.5 سنوات بعد أخذ المركب لأول مرة، وقال أكثر من 70 في المائة إنهم ما زالوا يعانون من تحسن في القلق والاكتئاب المرتبطين بالسرطان و “التغيرات الإيجابية في الحياة”.
ولم تكتفِ نتائج الدراسة بتأكيد استمرار التحسُّن في مستوى القلق والاكتئاب لدى حوالي 60 إلى 80% من المشاركين، بل أكدت أيضا حدوث تحسُّن في نوعية الحياة وتعديل مواقف المرضى تجاه التفكير في الموت.
وقالت “جابي أجين-ليبيس” -المتخصصة في علم النفس السريري في جامعة بالو ألتو في كاليفورنيا، والباحثة الرئيسية في الدراسة الجديدة: “هذه النتائج قد تلقي الضوء على كيفية استمرار الآثار الإيجابية لجرعة واحدة من سيلوسيبين لفترة طويلة”.
يقول الباحثون إن حوالي 40 في المائة من الناس في جميع أنحاء العالم سيتم تشخيص إصابتهم بالسرطان في حياتهم، وثلثهم سيصابون بالقلق أو الاكتئاب المرتبط بمرضهم.
وقد وجدت الدراسات السابقة أن هذا يؤدي إلى ارتفاع معدلات الانتحار، وانخفاض معدلات البقاء على قيد الحياة ونوعية حياة سيئة بشكل عام.
يقول ستيفن روس -أستاذ مساعد بجامعة “نيويورك لانجون هيلث”، والباحث المشارك في الدراسة- في تصريحات لـ”للعلم”: هناك حاجة ماسة إلى وسيلة بديلة لعلاج القلق والاكتئاب المرتبطَين بالسرطان. ووفقا لإحصاءات من عدة مصادر، فإن نحو 40% من سكان العالم قد يصابون بالسرطان على مدار حياتهم، وإن ثلث هؤلاء الأفراد يعاني من القلق والاكتئاب، وغيرها من أشكال الضيق بسبب إصابته بالمرض.
يضيف “روس” أن “هذه الظروف ترتبط بنوعية حياة رديئة، وزيادة معدلات الانتحار، وانخفاض معدل البقاء على قيد الحياة، كما أن طرق العلاج الدوائية التقليدية -مثل مضادات الاكتئاب- قد تكون فعالةً لأقل من نصف مرضى السرطان، ولا تعمل بشكل أفضل من الدواء الوهمي، بالإضافة إلى ذلك، قد لا يكون لهذه العقاقير أي تأثير على التخلُّص من هذه الاضطرابات، التي عادةً ما تصاحب تشخيص السرطان، وترتبط بالرغبة المتسارعة في الموت، وزيادة التفكير في الانتحار”.