الجميع يتحدث عن هرم الجيزة في مصر باعتباره أكبر هرم في العالم، لكن الحقيقة أنه ليس كذلك، إذ إن هناك هرماً يهزمه في هذا اللقب ولا يعرف عنه الناس الكثير، الهرم هو “هرم تشولولا الأكبر”، وهو معبد قديم لحضارة الآزتك في المكسيك، وله قاعدة أكبر بأربع مرات من هرم الجيزة، وضعف الحجم تقريباً، لكن الناس لا تعرفه، لأنه يرتدي طاقية الإخفاء !
كيف ارتدى أكبر هرم في العالم طاقية الإخفاء؟
الهرم الأكبر على الإطلاق غير معروف، لأن هيكله الضخم مخفي تحت طبقات من الطين، والنباتات الاستوائية، مما يجعله يبدو كأنه جبل طبيعي، وليس هرماً، ولقد كان خفياً لدرجة أن المستكشف الأسباني الشهير هرنان كورتيس غفل عنه تماماً، وبنى الأسبان كنيسة فوقه مباشرة، وهي ما تستطيع مشاهدته في الصورة بوضوح.
لكي نفهم مدى روعة بناء هذا الهرم الكبير، علينا أن نعود إلى أصول معبد “Tlachihualtepetl”، وهو الاسم الذي يعني “الجبل الذي صنعه البشر”، وهي غير واضحة قليلاً، على الرغم من وجود إجماع على أنه بني عام 300 قبل الميلاد لتكريم الإله القديم قوتزلكتل، وقد استخدم شعب الآزتك في بنائه نوعاً من الطوب المصنوع من الطين الجاف يسمى adobe، ويتميز الهرم بست طبقات فوق بعضها، تم بناؤها على مدى عدة أجيال، فكل مرة يتم إكمال طبقة، يتم متابعة البناء عبر طاقم جديد من العاملين، وهذا هو الشئ الذي جعل هذا الهرم يصبح الهرم الأكبر في العالم، فهو بقاعدته التي تبلغ 450 في 450 متراً، يساوي أربع أضعاف حجم الهرم الأكبر في الجيزة، أما بالنسبة للطول فهو يبلغ تقريباً 66 متراً، والحجم الكلي يصل إلى 4.45 مليون متر مربع، أما حجم الهرم الأكبر في الجيزة فهو 2.5 مليون متر مربع فقط، الفرق الوحيد هو أن هرم الجيزة أطول بطول 146 متراً.
هل أخفاه الآزتيك .. أم خبأته الصدفة؟
شعب الآزتيك القديم استخدم هذا الهرم الضخم على الأرجح كمكان للعبادة، قبل أن يتحرك بعدها بألف عام إلى مكان قريب وأصغر، وقد كان كان مزيناً بالحشرات الملونة الحمراء والسوداء والصفراء، لكن عدم صيانته بشكل دوري، تسبب في تعرض الطين الجاف لما يحدث للطين عادة في الأجواء الرطبة، وهو الشئ الذي وفر مكاناً لإنبات جميع أنواع النباتات الاستوائية.
عالم الآثار ديفيد كاربالو من جامعة بوسطن صرح للـBBC بأن المكان أصبح مهجوراً تقريباً في القرنين السابع والثامن الميلادي، لكن المعبد الجديد البديل الذي كان يشبه الهرم أيضاً، دمر بواسطة الأسبان، فحين جاء الغازي “إرنان كورتيس” الأسباني مع جيشه في أكتوبر 1519، أي بعد 1800 عاماً من بناء الهرم، قام بعمل مذبحة قتل فيها 3000 شخص في ساعة واحدة، أي ما يصل إلى 10 بالمئة من سكان المدينة، وسوى معابدهم الدينية بالتراب، لكنه لم يلمس هذا الهرم لسبب بسيط جداً، لأنه لم يعرف بوجوده أصلاً، لقد ظنه جبلاً !
بعد هذا قام الأسبان عام 1594 بعد استقرارهم في المدينة ببناء كنيسة على رأس الهرم الخفي، سموها كنيسة La Iglesia de Nuestra Señora de Los Remedios أي “سيدة المداواة”.
الأمر يترك لنا بضع أسئلة لا يوجد لها إجابات واضحة، هل كان الآزتك يعلمون أن استخدامهم للطوب الطيني سوف يشجع النباتات على النمو فوق الهرم وإخفائه فيما بعد، ودفن الهرم بشكل كامل عن الأعين أم لا؟ فالهرم لم يكتشف إلا في أوائل القرن التاسع عشر، عندما كان السكان المحليون يبنون مستشفى للأمراض النفسية بالقرب منه، وفي 1930 بدأ علماء الآثار يكشفون سره، بعد أن قاموا بحفر سلسلة من الأنفاق يمتد كل منها 8 كيلومترات، لكي يستطيعوا الوصول، والآن، بعد 2300 سنة من بنائه لأول مرة، تحول إلى قبلة للسياح من كل أنحاء العالم.
علماء الآثار يأملون أن يصلوا لطرق أكثر تطوراً في الاستكشاف دون اقتحام هيكل البناء أو التسبب في اختلاله عن وضعه الأصلي، وذلك لكي يصلوا إلى نظرة أكثر فهماً وشمولية عن الطريقة التي بني بها، وكيف تحول إلى ما يشبه الجبل في النهاية، وارتدى طاقية إخفاء حمته من التدمير كي نراه أمام أعيننا الآن.