عزيزي القارئ هل تأتيك لحظات تشعر فيها أنك لا تستحق ما حققته في حياتك؟
لحظات من الشعور غير المبرر بانعدام الأمن؟
تساورك أفكار كثيرة بأنك محتال لا إرادي؟
وأن لا يهم ما حققته من نجاح لأنك لست جديرًا به، هذا ما يسميه العلماء بمتلازمة المحتال، أو تجربة المحتال (Impostor syndrome)
ما هي متلازمة المحتال؟
عندما يشعر إنسانًا ناجحًا -بعد تحقيق نجاح أو إنجاز- أن نجاحه حدث فقط لأسباب خارجية مثل: الحظ، أو المصادفة، أو مساعدة الآخرين له، ليس لأنه يستحقه.
مع شعور ملح مستمر بعدم الثقة في النفس، والخوف الدائم من اكتشاف الآخرين أنه مجرد محتال!
ومع حدوث أخطاء أو إخفاقات في حياته يربطها دائمًا بعدم كفاءته المهنية.
هل تعد متلازمة المحتال مرضًا نفسيًا؟
لم يصل العلماء بعد إلى تشخيصها مرضًا نفسيًا له أسباب وانتشار محدد وأمراض مصاحبة، ولم تثبت علاقتها بمرض الاكتئاب أو القلق العام.
متلازمة المحتال تحدث للأشخاص ذوي الإنجازات والمهارات الرفيعة مثلما تحدث لأصحاب المهارات المتوسطة والبسيطة.
العلم بوجود المتلازمة.. بداية العلاج!
بدأت الدراسات حول متلازمة المحتال مؤخرًا، هذا أدي لعدم انتشار المصطلح في أوساط عديدة، يعلم الجميع عن الاكتئاب والقلق والهلع،
ولكن القليل فقط من يعلم بوجود ما يسمى بمتلازمة المحتال.
عندما تتحول كل مشاعرك وشكوكك إلى الإدراك بوجود مشكلة ما، هذا يساعدك على التعامل مع مشاعرك!
متى تتكون لديك مشاعر “الاحتيال”؟
تبدأ في تكوين مشاعر وشكوك متلازمة المحتال مع حدوث مجموعة من التصرفات، أو الظروف:
- عادةً ما تكون مع بداية العمل في وظيفة جديدة، ولكن سجلت حالات إصابة لأشخاص خبيرة في عملها.
- عندما تقوم بعمل ويكون أداؤك واضحًا أمام الجميع، بالتالي تنتظر التقييم منهم.
- في بيئة عمل مليئة بالتوقعات المرتفعة، وتوقع النجاح والإنجاز منك دائمًا.
- مع زملاء عمل ناجحين، فتبدأ حينها بالمقارنة والشعور بأنك غير كفء مثلهم.
- تحدث أكثر مع الأشخاص الذين يعانون من القلق المستمر، وضعف الثقة بالنفس.
الأشخاص الكماليون ومتلازمة المحتال
لدى الأشخاص الكماليون توقعات مرتفعة للنجاح والإنجاز، بالتالي هذه التوقعات تكون سببًا كبيرًا في معاناتهم من متلازمة المحتال.
مع شعور مستمر أن هذا النجاح ربما كان يحتاج نجاحًا أكبر!
وأن هذا الإنجاز أقل من المتوقع! لذلك تنتشر متلازمة المحتال وسط الأشخاص الكماليين.
كيف ننشئ طفلَا أكثر عرضة للإصابة بها؟
يمدح الكثير من الآباء والأمهات أولادهم فقط عند تحقيق الإنجازات، فالمدح والمكافأة مع الإنجاز الكبير.
ينشأ الطفل مجبرًا على المضي في تحقيق النجاح، ويمدح نفسه مع تحقيقه، ويصاب بضعف الثقة لو لم يتحقق بالشكل المطلوب أو المتخيل.
في بادئ الأمر تكون التوقعات المرتفعة للنجاح من قبل أسرته، ثم لا يلبث حتى تكون توقعاته كلها مرتفعة من وجهة نظره الشخصية.
ركز على إنجازاتك أيضًا!
يبدو ذلك شعارًا جميلًا، وربما يظن البعض أنه صعب التحقيق، والعلاج.. بداية العلاج تكون بتوفير وقت للاحتفال بالإنجازات، البسيطة والكبيرة.
مثلما نوفر وقتًا لجلد الذات وتقليل الثقة بالنفس.
الإدراك والإقرار بوجود نجاح ما في كل تجربة، يزيد الثقة بالنفس، يكثر مع من يعانون من متلازمة الاحتيال عدم سماع الآراء الجيدة في عملهم، ليس لأنهم لا يريدون سماعها.. ولكن لأنهم لا يستطيعون سماعها!
ويركزون فقط مع النقد والآراء اللاذعة لأنها تنمي مشاعرهم وأفكارهم عن أنفسهم.
نعم لقد حان الوقت لنفي المحتال!
من أين نبدأ في نفي “المحتال”؟
- الإداراك الكامل أن مشاعرك وشكوكك ليست غريبة، أو أنك فقط الذي تشعر بها.
- التحدث مع معالج نفسي، أو صديق، حول مشاعرك.
- وضع توقعات واقعية، والإقرار بأن الكمالية أمر جيد نسعى إليها ولا يشترط تحقيقها.
- الإقرار بإنجازاتك، وتسجيل كل نجاح صغير.
- توثيق أسباب الإخفاقات حتى تستطيع استنتاج أسباب حدوثها، أحيانًا تكون الأسباب خارجة عن إرادتك.
يحدث كثيرًا مع مواجهة المشكلات النفسية والتحديات الحياتية نتائج عكسية، لأن العلاج ربما يسبب المشكلة أيضًا، مثل من يريد أن يخفض وزنه ويشعر بالقلق والحزن لذلك فيبدأ في اتباع نظام غذائي ولا يستطيع الاستمرار عليه كما ينبغي، فيصاب بالقلق والحزن أيضًا!
لذلك عزيزي القارئ.. قد لا تستطيع التخلص من مشاعر متلازمة الاحتيال بشكل كامل، ولكن مع الوقت تستطيع إدراك أنك قادر على ذلك، وأن نجاحاتك وإخفاقاتك جزء منك.. فتبدأ في تقديرها والتعايش معها.
المصادر
1- https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC7174434/
2- https://www.rtor.org/2019/02/19/impostor-syndrome-mental-illness/
3-https://www.beyondblue.org.au/personal-best/pillar/in-focus/am-i-normal-imposter-syndrome