لماذا يشعر الإنسان بالفضول؟ وهل يوجد لدى العلماء تعريف لهذا الدافع الفطري؟
الفضول متأصل في البشر، فهو يساعدنا على التعلم كأطفال ونعيش كبالغين.
يهتم الباحثون عبر العديد من التخصصات بالفضول، لذلك ليس من المستغرب عدم وجود تعريف مقبول على نطاق واسع للمصطلح.
ويليام جيمس، أحد أوائل علماء النفس الحديث، وصفه بأنا “الدافع نحو الإدراك الأفضل”.
كتب إيفان بافلوف أن الكلاب تشعر بالفضول حول المنبهات الجديدة من خلال “ما هو؟” رد الفعل الذي يجعلهم يركزون تلقائيًا على شيء جديد يأتي إلى بيئتهم.
في حين ثبت أن تحديد تعريف ما هو أمر صعب، إلا أن “الإجماع العام هو بعض وسائل جمع المعلومات”، وفقا لما قالته كاثرين تومي، محاضرة في اللغة وتطوير التواصل في جامعة مانشستر في المملكة المتحدة، لـ Live Science.
يتفق علماء النفس أيضا على أن الفضول لا يتعلق بتلبية حاجة فورية، مثل الجوع أو العطش؛ لأن الدافع جوهري.
شق طريقنا في العالم
يشمل الفضول هذه المجموعة الكبيرة من السلوكيات، ربما لا يوجد أي “جين فضولي” واحد يجعل البشر يتساءلون عن العالم ويستكشفون بيئتهم.
ومع ذلك، فإن الفضول يحتوي على مكون وراثي، حيث تتفاعل الجينات والبيئة بعدة طرق معقدة لتشكيل الأفراد وتوجيه سلوكهم، بما في ذلك فضولهم.
حدد الباحثون التغييرات في نوع جيني معين أكثر شيوعا في الطيور المغردة الفردية التي تحرص بشكل خاص على استكشاف بيئتها، وفقًا لدراسة عام 2007 نشرت في مجلة Proceedings of the Royal Society B.
وفي البشر، ارتبطت الطفرات في هذا الجين، والمعروفة باسم DRD4، بميل الشخص إلى البحث عن الجدة.
بغض النظر عن التركيب الجيني، يجب أن يتعلم الرضع كمية لا تصدق من المعلومات في فترة زمنية قصيرة، والفضول هو أحد الأدوات التي وجدها البشر لإنجاز هذه المهمة الهائلة.
قال تومي: “إذا لم يكن الأطفال فضوليين، فلن يتعلموا شيئا أبدا ولن يحدث التطور”.
تُظهر مئات الدراسات أن الأطفال يفضلون الجدة، ففي دراسة كلاسيكية عام 1964، أظهر عالم نفسي أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين شهرين و 6 أشهر يصبحون أقل اهتمامًا بنمط بصري معقد كلما نظروا إليه.
مقالات شبيهة:
تعاني من مشاكل عاطفية؟ إليك الحل العلمي للتعامل مع الإجهاد العاطفي
بدون كريمات..كيف تخفف من الهالات السوداء تحت عينيك؟
أشارت دراسة عام 1983 في مجلة علم النفس التنموي للأطفال الأكبر سنًا قليلاً (الذين تتراوح أعمارهم بين 8 أشهر و 12 شهرًا) إلى أنه بمجرد اعتياد الأطفال على الألعاب المألوفة، فإنهم يفضلون ألعابًا جديدة، وهو سيناريو يعرفه مقدمو الرعاية جيدا على الأرجح.
هذا التفضيل للحداثة له اسم: الفضول الإدراكي، وهو ما يحفز الحيوانات غير البشرية والرضع وربما البالغين من البشر على استكشاف أشياء جديدة والبحث عنها قبل أن يقل اهتمامهم بها بعد أن يألفوها.
قال توومي “إن الاستكشاف الذي يقومون به هو هذيان منهجي”، فعندما يبلغ عمر معظم الأطفال بضعة أشهر فقط، يبدأون بإصدار أصوات متحركة ومتكررة تشبه الكلام أثناء تعلمهم كيفية التحدث.
تُظهر Babbling فائدة الفضول الإدراكي، ويبدأ كاكتشاف عشوائي تماما لما يمكن أن يفعله علم التشريح الصوتي.
وقالت: “في نهاية المطاف” سوف يضربون شيئًا ويفكرون “هذا يبدو وكأنه شيء ستفعله أمي أو أبي”. ثم يفعلون ذلك مرارا وتكرارا.
لكن الأمر لا يتعلق بالأطفال فقط، حيث أن الغربان مشهورة باستخدام الفضول الإدراكي كوسيلة للتعلم، فعلى سبيل المثال، ربما يساعد الدافع لاستكشاف بيئتهم الغربان على تعلم تصميم الأدوات البسيطة التي يستخدمونها لصيد اليرقات من الشقوق التي يصعب الوصول إليها.
جعل العالم يعمل من أجلنا
نوع آخر من الفضول هو الذي يطلق عليه علماء النفس الفضول المعرفي، ويتعلق الأمر بالبحث عن المعرفة والقضاء على عدم اليقين.
و قال توومي إن الفضول المعرفي يظهر لاحقًا في الحياة وقد يتطلب لغة معقدة.
بالنسبة لأغوستين فوينتيس، أستاذ الأنثروبولوجيا في جامعة برينستون، فإن هذا الشكل من الفضول قد وضع البشر – وربما جميع أعضاء الجنس البشري – بعيدًا عن الحيوانات الأخرى ومهد لنا الطريق لملء كل ركن تقريبًا من العالم، وابتكار التقنيات من محاور اليد إلى الهواتف الذكية.
قال فوينتس لـ Live Science: “البشر تجاوزوا ببساطة تعديل الطبيعة إلى تخيل وابتكار إمكانيات جديدة كاملة تنبثق من هذا النوع من الفضول”.
المصدر: https://www.livescience.com/why-are-humans-curious.html