كتّاب قصص الخيال العلمي يخترعون سيناريو قابل للتطبيق لمدينة تطفو فوق الكوكب الناري
قام كاتب قصص الخيال العلمي (تشارلز ستروس) مؤخراً، بإطلاق فكرة لبناء مستعمرة على كوكب الزهرة، حيث اقترح أن يُجبر أغنياء العالم على التبرع للمشاريع التي تسعى لتحسين الإنسانية، وأحد هذه المشاريع هو بناء مدينة عائمة على سطح الزهرة.
الزهرة هو ثاني أقرب الكواكب للشمس، وسطح الكوكب ساخن بما يكفي لإذابة الرصاص، وجو الكوكب يحتوي على ضغط كثيف، يشابه كثافة الضغط في بيئة 3000 قدم تحت الماء، الأمر المدهش أن الجو على الزهرة يبدأ بالبرود كلما ارتفعنا عن سطح الكوكب، حيث تعتبر مسافة حوالي 30 ميلاً بالارتفاع صالحة للسكن البشري، كون درجات الحرارة على هذا الارتفاع تشابه درجات حرارة البحر المتوسط، ودرجات الضغط الجوي تشابه درجات الضغط على مستوى سطح البحر في الأرض، لذا فإن هذا الارتفاع صالح لبناء مدينة عائمة يعيش عليها البشر.
الأمر الذي لا يصدق، أن مشروع المدينة العائمة هو مشروع ممكن من الناحية النظرية،حيث قام العلماء بالاشتراك مع كاتب قصص الخيال العلمي المؤلف (جيفري لانديس) بتقديم بحث بعنوان “استعمار كوكب الزهرة”، في مؤتمر الاستكشاف البشري للفضاء، حيث يقول البحث أن الغلاف الجوي لكوكب الزهرة والمكوّن من ثاني أكسيد الكربون، يحتوي على هواء صالح لاستعمال البشر.
يقوم مجموعة من كتّاب قصص الخيال العلمي والعلماء بمناقشة فكرة استعمار كوكب الزهرة على مدونة (Selenian Boondocks)، وهي مدونة لمناقشة سياسة الفضاء، والاجراءات الفضائية، والتكنولوجيا والأعمال التجارية الفضائية، وإحدى أكبر المشاكل التي تتم مناقشتها في المدونة، بأن روّاد الفضاء سيعانون من تدهور خطير لعظامهم وعضلاتهم، في حال تم بناء مستعمرات بشرية على سطح القمر أو المريخ وذلك نتيجة للجاذبية المنخفضة، خاصة وأن العلم لم يتوصل بعد لمعرفة مقدار الجاذبية التي يحتاجها جسم الإنسان لمنع عظامه وعضلاته من التدهور، وبالنظر إلى أن جاذبية كوكب الزهرة هي الأقرب إلى جاذبية الأرض، حيث تشكل 9/10 من جاذبية الأرض، لذا فإن هذا الكوكب يعد صالحاً من هذه الناحية لسكنى البشر.
فضلاً عما تقدم، فإن الضغط الجوي على سطح الكواكب التي يعتقد بأنها صالحة لسكنى البشر، يعد أمراً بالغاً بالأهمية، كون الغازات تسعى للتوازن، وبالنظر إلى أن القمر أو المريخ بالكاد يحتويان على طبقة من الغلاف الجوي، فإن هذا سيؤدي إلى امتصاص كامل اوكسيجين الجسم البشري في حال حدث شق صغير في بدن الإنسان، أما على مسافة ثلاثين ميلاً فوق كوكب الزهرة، فإن الضغط الجوي الملائم لن يؤدي إلى تسرّب الأوكسجين خارجاً، زد على ذلك بأن الغلاف الجوي الكثيف لكوكب الزهرة، يساعد على منع الإشعاعات من الوصول إلى المستعمرة البشرية، كما أن درجة الحرارة اللطيفة على بعد 30 ميلاً فوق الكوكب، تساعد على تخفيض كمية الطاقة التي ستستخدم لتسخين أو تبريد المستعمرة البشرية.
يقترح (لانديس) طريقة لبناء مستعمرة على مستوى 30 ميلاً فوق كوكب الزهرة، عن طريق بناء مجال مصفّح بمعدن التيتانيوم بسماكة 0.04، وهذا المجال سيكون قادراً على الصمود عند دخول المجال الجوي لكوكب الزهرة، والعوم لبضعة أميال فوق سطح الكوكب، كما تم اقتراح أن يتم تعديل الصاروخ الفضائي (وهو الجزء الذي يتم إسقاطه من سفينة الفضاء اثناء الاقلاع) بحيث يستطيع أن يطفو بعد استعماله ويكون قابلاً لإعادة الاستعمال، وبذلك يوفّر وسيلة انتقال من وإلى المستعمرة، كما أن بعض روّاد مدونة (Selenian Boondocks)، قاموا بتزويد الموقع بالعمليات الكيميائية المطلوبة لاستخراج الهواء للتنفس (خليط من النيتروجين والأكسجين)، فضلاً عن العمليات المطلوبة لاستخراج المياه ومختلف مواد الوقود والبناء، وبعد ذلك، يمكن إرسال مختبرات روبوتية صغيرة الى كوكب الزهرة، والتي ستكون مهمتها تجهيز الكوكب بمواد الحياة الأساسية، وبعد سنوات سيقوم المستوطنون الذين سيقطنون بشكل دائم، ببناء الجسور والطرقات والمنصات، وتجهيز أنانيب طويلة تتدلى من أسفل المستعمرة إلى كوكب الزهرة لجمع المواد الأولية من سطح الكوكب.
في نهاية المطاف، يجب علينا أن نأخذ بعين الاعتبار بأن هذا المشروع يكلف تريليونات الدولارات للانتقال خارج العالم وصناعة عالم آخر فوق كوكب الزهرة، لذا فإن الأسباب التي ستدفع العالم إلى المضي قدماً بهذا المشروع يجب أن تكون مقنعة بشدة، كوجود مورد حيوي هام على كوكب الزهرة، أو وقوع كارثة نووية أرضية .