في مسلسل الخيال العلمي الكوميدي الشهير “دليل المسافر للمجرة”، تحدث المؤلف دوجلاس آدامز عن مخلوقات “الفوجون” الغريبة الخيالية، قائلاً إنها آخر من يجب أن تستمع إليه يقرأ الشعر، لأنها ثالث أسوأ الكائنات في الكون فيه، لكن، لو كان مخلوق “الفوجون” البشع حقيقياً، لكان ممتلئاً بالفخر بالشعر الذي كتبه روبوت جوجل الذكي، ربما لكان قد قرأه في جميع الحفلات من شدة الإعجاب !
كيف تكتب آلات دون قلب قصائد عاطفية؟
بعد أن قرأ الروبوت آلاف الروايات الرومانسية، قام الباحثون بإعطاء الروبوت الجملة الابتدائية والجملة الختامية، وطلبوا منه أن يكمل الفراغ فيما بينهما فظهرت قطع غريبة درامية، ومثيرة للاهتمام، مستعيناً بالخوارزميات، الجمل المحددة بالخط الثقيل تعود للعلماء:
“لا يوجد أحد آخر في العالم.
لا يوجد أحد آخر في مرمى بصري.
لقد كانوا الأشخاص الوحيدين الذين يهمون.
كانوا الوحيدين الباقين.
كان عليه أن يكون معي. كان عليها أن تكون معي.
كان عليّ أن أفعل ذلك. أردت أن أقتله.
بدأت في البكاء.
التفت إليه.”
شاعر بالصدفة: ألم يكن مخططاً للأمر؟
جوجل تعمل حالياً مع جامعة ستانفورد وجامعة ماساتشوستس في الولايات المتحدة لتحسين مهارات اللغة الطبيعية لدى روبوتاتها، عن طريق تكنولوجيا للذكاء الاصطناعي تسمى النموذج الشبكي العصبي التكراري (RNNLM)، وهو نفس النظام الذي تستخدمه جوجل في الترجمة الآلية (جوجل ترانسليت) والتعليقات على الصور، هذا الروبوت قادر على بناء جمل بمعدل كلمة واحدة في المرة، عن طريق تحليل الكلمات السابقة في الجملة.
الأسلوب الذي تكتب به روبوتات جوجل ليس قادراً على كتابة موضوع كامل مترابط حالياً، فهي تستخدم خوارزميات لتوليد جمل لا تكمل الجمل السابقة ولا التالية لها بالضرورة، لهذا يظن القارئ أن ما كتبته شعر، لكن الحقيقة أن الروبوت عجز عن كتابة قطعة كاملة، فخرجت جمل مقطعة تشبه الشعر النثري.
“لقد كان صامتاً للحظة طويلة.
كان صامتاً للحظة واحدة.
كان الجو هادئاً للحظة واحدة.
كان هادئاً وبارداً.
كان هناك وقفة.
لقد جاء دوري.”
وهذه أيضاً قطعة أخرى بدت كأنها قصيدة شعرية:
“كان هذا هو السبيل الوحيد.
ذلك هو السبيل الوحيد.
كان دورها كي تطرف بعينها.
كان من الصعب أن أعرف.
كان هذا هو وقت المضي قدماً.
كان عليه أن يفعل ذلك مرة أخرى.
لقد نظروا جميعاً إلى بعضهما البعض.
لقد استداروا جميعاً كي ينظروا إلى الخلف.
لقد استدارا معاً كي يواجها.
لقد استدارا معاً ومشيا بعيداً.”
الجمل التي ولّدها الروبوت سليمة من الناحية النحوية، معظم الجمل متناسبة مع جملة البداية والنهاية، ومع إن الجمل الباقية ليست شعرية كفاية، إلا إنها حافظت على موضوع الجملة الأولى والأخيرة، وقد لاحظ العلماء حدوث تحسن في قدرة الآلة على توليد جمل لها معنى إذا ما ضمت معاً.
“قال لا.
قال “لا”.
قلتُ “لا”.
قالت “أعرف”.
قالت “شكراً”.
قالت “تعال معي”.
قالت “تكلم إلي”.
قالت “لا تقلق بشأن ذلك”.”
وهنا قصيدة أخرى:
“قال إنه لا يحب ذلك.
انتظرت لأجل ما قد حدث.
لقد حدث منذ ثلاثين عاماً تقريباً.
لقد كان قبل أكثر من ثلاثين عاماً.
لقد مات منذ سنتين.
كل شئ على ما يرام هنا.
إنه على ما يرام هنا.
كلنا على ما يرام هنا.
تعال إلى هنا في خمس دقائق.”
ربما يشعرك مستوى القصائد بالسخرية أو الضحك، هذا آخر ما تود قراءته على حبيبتك بالتأكيد، وربما تشعر بالقلق، من الروبوتات التي لم تعد تريد زحزحة السائقين والعمال فقط من عملهم، بل والفنانين أيضاً، لكن تأكد أن حالك ستكون أفضل بالطبع من الجمهور الذي حكم عليه أن يستمع إلى شاعر طائفة “آزجوس الكيرا”، ثاني أسوأ الشعراء في الكون، في رواية “دليل المسافر إلى المجرة” الخيالية الشهيرة، فمات أربعة من الجمهور بالنزيف الداخلي !