بينما كان العلماء يقومون بمسح وتحليل البكتيريا في أنوف 90 شخصاً، وجدوا أن السلالة الأكثر شيوعاً هي بكتيريا Staphylococcus lugdunensis، لكنهم لم يتخيلوا حينذاك أنهم سيكشفون بالصدفة فيها دواء قد يكون الحل السحري لإيقاف البكتيريا الخارقة عند حدها أخيراً !
لم نُهزم بعد أيتها البكتيريا.. سوف نلعب هذه الورقة أولاً
الفريق الذي يقف خلف هذا الكشف ينتمي إلى جامعة توبنغن بألمانيا، وقد استطاع استخدام الدواء لمقاتلة بكتيريا “مارسا” الخطيرة والخارقة في الفئران، مما يرجح احتمالية أن يصبح في أيدينا دواء جديد قوي يوماً، وحتى إن كان الأمر يستلزم بضع سنين قبل أن يكون هناك تركيبة منه تناسب الإنسان، إلا إن ذلك يدعو للتفاؤل بشكل كبير.
المضادات الحيوية تتكون عادة بواسطة بكتيريا التربة والفطريات، لكن الاكتشاف الجديد المذهل هو إن بكتيريا الفلورا الموجودة بداخل الإنسان قد تكون هي أيضاً مصدر للمضادات الحيوية، بحسب ما قال عالم الأحياء الدقيقة الأستاذ أندرياس بيشيل. العلماء اكتشفوا أيضاً أن بكتيريا “مارسا”، وبكتيريا Staphylococcus lugdunensis، نادراً ما توجدان معاً في أنف الإنسان، وهو ما يدعم فكرة كونهما أعداء.
لماذا قد يقلب هذا الكشف طاولة اللعب؟
الشئ الذي يجعل هذه الاكتشافات أكثر إثارة هو المشكلة المتعاظمة الخاصة بمقاومة المضادات الحيوية، وهي مصيبة إن أردنا أن نكون أكثر دقة، فالميكروبات تتطور بشكل دائم كي تقاوم دفاعاتنا ضدها، ونحن لم نجد فئة جديدة من المضادات الحيوية مثل هذا الدواء منذ الثمانينات !
القصة لم تنته هنا، بل يتوقع أن هذا الكشف سوف يبنى عليه اكتشافات أخرى في المستقبل كما يقول العلماء، فدواء Lugdunin قد يكون قمة الجبل الجليدي التي تظهر فوق سطح الماء فحسب، وبمعنى آخر؛ من الممكن أن يكون هذا الدواء قادراً على محاربة بكتيريا خارقة أخرى غير “مارسا”، أو تكون هناك بكتيريا أخرى في أنوفنا نستخرج منها الأدوية، لكن، أمامنا سنوات قبل أن نجد أياً من هذا.
أهم مضاد حيوي محتمل .. جاء بالصدفة
الشئ المسلي هو إننا نستطيع أن نضيف هذا الاكتشاف إلى قائمة “اكتشافات الصدفة”، لأن فريق البحث هنا لم يكن يبحث عن سلالة بكتيريا جديدة عند بداية بحثه، ومع إن الخبراء يحذرون من أن بكتيريا “مارسا” سوف تكون قادرة في نهاية المطاف على قتال دواء Lugdunin، إلا إن الباحثين يعتقدون إننا الآن نسبق البكتيريا الخارقة بخطوة على الأقل، وهذا شئ باعث على الطمأنينة حالياً، خاصة في ظل توحش البكتيريا الخارقة، للدرجة التي جعلت العلماء يتبئون بأن تقتل مئات الملايين من الناس بحلول العام 2050، ما يجعلنا في حالة سباق محموم لكي نتغدى بها قبل أن تتعشى بنا.
هذه البكتيريا المنقذة من البكتيريا الخارقة المميتة، لابد وأنها سوف تخطر ببالك حين يعبث طفلك بأنفه، أو حين يهاجمك أحدهم بأنك “تحشر أنفك”، عليك أن تخبره بأنك تعتبر هذه هدية أكثر منها عيباً.