في العام الماضي في اليابان، كان هناك فأر، نما له شعر.
لابد أن الجملة مضحكة بالنسبة إليك، فما الخبر في هذه الجملة الذي يجعلها تستحق الذكر أصلاً؟ كما إنك ستندهش عندما تعلم أن العلماء قفزوا فرحاً وهم يشاهدون هذا، الفكرة أن هذا الجلد لم يكن طبيعياً كما تتوقع، وإنما كان أول جلد يُزرع في المختبر، ويؤدي وظائف الجلد الطبيعي، يفرز العرق والزيوت التي تحميه، وأخيراً، الشعر.
أول جلد يقف إلى جنب الجلد الطبيعي في حلبة سباق واحدة
فريق علماء من مركز “ريكن” الياباني لتطوير البيولوجيا ، كانوا قد أعلنوا تفاصيل كيفية وصولهم إلى رُقَع جلد مزروعة من الخلايا الجذعية المستخرجة من لثة الفئران، لينتج جلد مزروع يطابق الجلد الحقيقي في وظائفه، وعندما نقلوه إلى الفئران التي تم تثبيط جهازها المناعي، استطاع الجلد الاندماج بشكل ممتاز، حتى إنه قام بعقد الصلات من الأعصاب المحيطة والأنسجة العضلية.
ومع إن هذا الأمر ما يزال يحتاج إلى خمس أو عشر سنوات قبل أن يتكرر في البشر، لكن العلماء يقولون إن لديه القدرة على إحداث ثورة حقيقية في ترقيع الجلد، الذي يعتمد حالياً على الأخذ من أجزاء أخرى في الجسم، أو الاعتماد على الجلد الاصطناعي غير الكفء، لأنه يفتقد القدرة على نمو الشعر أو إنتاج الزيوت مثل الجلد الطبيعي، ولهذا تبدو رقع الجلد مختلفة عن باقي أجزاء الجسم، بل قد يكون الأمر أسوأ، إذ إنه قد يشكل خطراً على الصحة، لكن هذا الجلد المزروع الجديد واعد للدرجة التي دفعت الباحث الرئيسي تاكاشي تسوجي للقول في تصريح له، أننا نصبح أقرب من أي وقت مضى لتحقيق حلمنا بالقدرة على إعادة تخليق الأعضاء في المختبر لزرعها.
هذا الجلد الجديد بالغ الحيوية، لأن الجلد أكثر من مجرد كيس يحفظ أعضاءنا من التدلي في الشارع، فهو أكبر عضو في الجسم، مسئول عن تنظيم الحرارة، كما إنه ينتج الفيتامينات ومواد الترطيب، وهو مستودع للطاقة وحصن ضد العدوى، ناهيك عن كونه واحداً من افضل المصادر للمعلومات الحسية في العالم من حولنا، لكن المشكلة أن ترقيع الجلد الحالي لا يستطيع أن يؤدي أياً من هذه الوظاف على نحو سليم، فهو لا ينظم الحرارة لأنه غير قادر على التعرق، كما إنه لا يرطب نفسه لعدم قدرته على إنتاج الزيوت، ما يضطر المرضى إلى وضع الزيوت باستمرار، لئلا يشقق جلودهم الجفاف، كما إنها لا تتصل بالأعصاب والعضلات.
جذور الجلد الثوري تمتد إلى عشر سنوات مضت
هذا المشروع استفاد من تكنولوجيا يرجع اكتشافها إلى عام 2006، والتي سمحت للباحثين بأن يعيدوا البرمجة الجينية لأي خلية قديمة ليحولوها إلى خلية جذعية، وهو ما يعرف باسم “تحفيز الخلايا الجذعية متعددة القدرات”، وقد طبقوه بأخذ الخلايا من لثة فئران التجارب والتأثير عليها كيميائياً لتأخذ مساراً مختلفاً، وعندما زرعوها على السطح الخارجي لفئران تجارب أخرى، تطور الجلد بشكل طبيعي ليكون العديد من الطبقات القادرة على أداء وظائف الجلد الطبيعي.
ضحايا الحريق .. أول اسم على قائمة الانتظار
الباحثون لم يجربوا صلاحية الجلد الجديد في فئران لم يثبط جهازها المناعي، وبعض العلماء المراقبين أعربوا عن مخاوفهم بألا تكون ممكنة الزراعة في البشر، لكن باحثين آخرين قالوا إنهم كانوا بانتظار مثل هذه الدراسة على أحر من الجمر، فهي تحاكي هندسة الجلد الطبيعي، وتحاكي وظائفه مجتمعة، وإذا نجح، فلن يستفيد منه ضحايا الحرائق فقط، وإنما سيفتح المجال لعلاجات ثورية ورائعة، مرضى فقدان الشعر سيكونون على قائمة الانتظار أيضاً مع كثير من المشاكل الطبية الأخرى التي لم يكن لها حل شافٍ، كما إن شركات التجميل سوف تجد فيه فرصة ممتازة لتجربة مستحضراتها بشكل أقرب إلى الواقع.