عندما يفقد شخص ما بصره بسبب مشكلة في القرنية، فإنه لا يجد أمامه حلاً إلا أن ينضم إلى قائمة الانتظار للزرع، حينها لا تصبح المشكلة الوحيدة هي نقص أعداد المتبرعين، وإنما حتى بعد الحصول على القرنية، حيث يوجد خطر رفض الجسم لها، لكن فريق علماء أسترالياً أحدث حالة اهتمام عامة بعد أن أعلن عن توصله لتقنية لزراعة خلايا القرنية في المختبر، وإعادتها للشخص نفسه، وسوف تبدأ التجارب الإكلينيكية على مرضى حقيقيين في العام القادم بعد نجاحها في الحيوانات، كما قال مهندس الطب الحيوي بيركاي أوتشيليك الذي قاد هذا البحث في جامعة ملبورن. حالة الاهتمام العارمة سببها أن هذا قد يعيد الرؤية لملايين الأشخاص في العالم، وقد تهزم عمليات زراعة القرنية بالضربة القاضية !
تهزم عمليات زرع القرنية بالضربة القاضية .. أمل للملايين
القرنية هي الطبقة الخارجية للعين، أشبه بالنافذة الزجاجية لبيتك، وهي تحتاج للبقاء رطبة وشفافة كي تكون سليمة، لكن الشيخوخة والأمراض أو الصدمات قد تتسبب جميعها في تدمرها، أو انتفاخها، ما ينتج عنه تدهور الرؤية، والحل لهذه المشاكل حالياً هو زرع القرنية، لكن هناك مشكلة دائمة في نقص عدد المتبرعين، ومع إن هناك 47 ألف زرع قرنية حدثت في الولايات المتحدة لوحدها في 2014، إلا إنه لا يوجد متبرعين كفاية لتغطية الاحتياج الكلي، كما إن المشكلة لا تنتهي هنا، بسبب احتمالية حدوث رفض الجسم المستقبل للقرنية المزروعة، بالإضافة إلى أضرار الأدوية المثبطة للمناعة، ومضاعفات الرفض أو هذه الأدوية.
أرفع من الشعرة .. كيف ابتكر العلماء الغشاء المنقذ؟
الطريقة التي قام بها الفريق اعتمدت على أخذ عينة من خلايا قرنية الحيوان الذي تتم التجربة عليه، وزراعتها على غشاء صناعي رقيق في المختبر من مادة “الهيدروجيل”، ثم تكثير العدد وإعادته فيما بعد إلى العين، بزراعته في السطح الداخلي لقرنية المريض، داخل العين، عبر شق صغير جداً.
الغشاء المستخدم في العلاج رقيق لدرجة تصل به إلى سمك أرفع من الشعرة، حوالي 50 ميكرومتراً فقط، وبمجرد أن يؤدي وظيفته بعد أن تستعيد الخلايا المزروعة التدفق الصحي للماء بين القرنية والجزء الداخلي للعين، فإنه يبدأ في التحلل ويختفي في غضون شهرين، لهذا لا يوجد أعراض جانبية لاستخدامه، كما إنه يسبب تجدد النسيج الأصلي، ما يسمح لنا باستخدامه بطرق مختلفة.
بالإضافة إلى تخليصنا من مشاكل انتقال الأمراض أو رفض العضو المزروع، هناك ميزة أخرى تتمثل في إمكانية استخدام الغشاء المزروع في عدة مستقبلين، فإذا لم تتمكن من استخدام خلايا المريض نفسه في الزرع، يمكنك أن تستخدم الخلايا من متبرع واحد، لتنقذ أعين ما يصل إلى 20 مريض.
السيد أوتشيليك يأمل الآن أن يبدأ مع فريقه في التجارب الإكلينيكية في السنة القادمة، ومع إن الوقت ما يزال مبكراً للحكم اعتماداً على نجاح تجارب الحيوانات، إلا إنها تفتح الأبواب للأمل لملايين المرضى في العالم، على مصراعيها.