رغم أنها يمكن أن تنقذ الطفل أو الأم إلا أن دراسات ربطت الولادات القيصرية بزيادة خطر حدوث مشاكل صحية طويلة الأجل لكل من النساء والأطفال، وأظهرت دراسة حديثة وجود علاقة بين الولادة القيصرية وخطر تطور مرض التوحد أو اضطراب نقص الانتباه.
نظرت الدراسة، التي نشرت في أغسطس في “JAMA Network Open”، إلى بيانات من 61 دراسة منشورة سابقا، والتي شملت أكثر من 20 مليون ولادة، ووجدت أن الأطفال الذين يولدون بعملية قيصرية هم أكثر عرضة بنسبة 33% للإصابة باضطراب طيف التوحد، وبنسبة 17٪ للاصابة باضطراب نقص الانتباه، لكن الدراسة لم تثبت أن حالات الولادة القيصرية المخطط لها أو الطارئة تسبب مباشرة مثل هذه الحالات.
وقالت “تيانيانغ تشانغ”، الطالبة في علم الأعصاب السريري في معهد كارولينسكا في ستوكهولم، وأحد مؤلفي الدراسة، إن الأبحاث السابقة أظهرت ارتباطات مختلفة بين الولادة القيصرية والمشاكل الصحية طويلة الأجل، بما في ذلك ارتفاع معدلات السمنة والربو عند الأطفال.
وقد نظرت هذه الدراسة في مجموعة من قضايا الصحة التنموية والعقلية، ورغم أنها وجدت ارتباطا بين الولادة القيصرية وطيف التوحد واضطرابات نقص الانتباه، إلا أنها لم تجد ارتباطا كبيرا مع اضطرابات أخرى من قبيل التشنج أو اضطرابات الوسواس القهري أو اضطرابات الأكل.
عند التفكير في آلية محتملة لبعض النتائج طويلة الأجل المرتبطة بالولادة القيصرية، يركز الكثير من الاهتمام على الميكروبيوم، وعلى بكتيريا الأمعاء المختلفة التي اكتسبها الأطفال الذين يولدون طبيعيا مقابل أولئك الذين يولدون بالولادة القيصرية.
أثناء الولادة الطبيعية، يتعرض لمجموعة من الكائنات الدقيقة، والتي يمكن أن تلعب دورا في حالات مثل السمنة والربو والسكري، وقد يركز البحث الإضافي على آثارها المحتملة على النمو العصبي أيضا. الولادة القيصرية تعني أيضا أن الأطفال لا يتعرضون لنفس القوى الميكانيكية وهرمونات الضغط الأمومية أثناء المخاض.
وأوضح الباحثون أن العوامل التي تؤدي إلى إجراء العملية، بما في ذلك كبر سن الأم أو خطر الولادة المبكرة، يمكن أن تفسر هذا الارتباط.
وأشار علماء لم يشاركوا في الدراسة إلى أن النتائج “معيبة بشكل كبير”، وقالوا أن هذه المراجعة المنهجية والتحليل التلوي يدل على وجود علاقة بين الولادة القيصرية والتوحد، لكن هناك عددا من العوامل الكامنة التي أدت إلى ذلك ولم يتم حسابها في تطور هذه الظروف.
وفي وقت سابق، كشفت منظمة الصحة العالمية أن نسب الولادة القيصرية تجاوزت المعدّل المسموح به حول العالم، ووجد الباحثون أن الولادة القيصرية تؤثر بشكل مباشر على نمو الدماغ وأن التغيرات في طريقة الولادة قد يكون لها عواقب دائمة على المواليد.
في مقال افتتاحي عام 2018 في المجلة الطبية البريطانية The Lancet بعنوان “وقف وباء عملية قيصرية عالمية” قدر أن هناك 6.2 مليون عملية قيصرية غير ضرورية كل عام، نصفها في البرازيل والصين.
يتفق الجميع على أن بعض الولادات القيصرية ضرورية لصحة الأم، أو سلامة الطفل، أو كليهما، واقترح أن تتحدث النساء الحوامل عن طريق المخاض والولادة مع مقدمي الرعاية الصحية، وبالتأكيد بحلول موعد الثلث الثاني من الحمل.
قبل ثلاثين عاما، قالت الدكتورة بيتران المسؤولة الطبية في قسم الصحة الإنجابية والبحوث في منظمة الصحة العالمية : “لم نكن نفكر حتى في هذه الآثار الطويلة الأجل الأخرى، مثل الربو، والسمنة”. وبدلا من ذلك، كان المعنيون بارتفاع معدلات الولادة القيصرية لا يبحثون إلا عن معدلات وفيات الأمهات والرضع وغيرهم. مخاطر قصيرة الأجل.
ورغم أن المعدلات القيصرية التي تبلغ 10 في المائة أو 15 في المائة تعني انخفاضات كبيرة في معدل الوفيات، إلا أن المعدلات أعلى بكثير من تلك التي لا تنقذ بالضرورة الكثير من الأرواح، رغم أنها قد تفيد الأطفال بطرق أخرى.
الجهود المبذولة لخفض معدل الولادة القيصرية في الولايات المتحدة لها بعض التأثير، حيث إن المعدل الذي بلغ ذروته عند 32.9 في عام 2009 ينخفض الآن، وإن كان بطيئًا.
وقالت الدكتورة آنا بيلار بيتران، إن معدل الولادة القيصرية في تزايد في جميع أنحاء العالم، ليس فقط في البلدان المتقدمة بل في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل أيضا، وأن نسبة متزايدة من الزيادة هي لمؤشرات غير طبية، وأضافت إن البرازيل وجمهورية الدومينيكان وإيران ومصر لديها معدلات قيصرية تبلغ حوالي 50 في المائة.
بالنظر إلى زيادة معدلات الولادة القيصرية في جميع أنحاء العالم، قالت الدكتورة بيتران، “لا يوجد سبب واحد لهذه الزيادة.”
كثير من الناس الذين يعاني أطفالهم من مشاكل النمو العصبي (والقضايا الصحية الأخرى) قلقون من العلاقة السببية، والتشكيك في الروابط الوراثية، والتعرضات البيئية، وتاريخ الحمل والولادة، وقائمة طويلة من الاحتمالات الأخرى، ولهذا فإن هذا النوع من البحث – والأبحاث التي يجب أن تتبعه – مهمة جدا.
وقالت السيدة تشانغ: “لا يمكننا القول إن العملية القيصرية تسبب ذلك، لقد وجدنا الرابطة، وهو ما يعني الحاجة إلى مزيد من الدراسات، ومع ذلك، قالت: لا ينبغي للمرأة أن تتردد في الخضوع لعملية قيصرية إذا كانت ضرورية طبيا”.