حكمت محكمة صينية بالسجن 3 سنوات وغرامة كبيرة على عالم الأحياء الصيني “هي جيانكوي” الأستاذ الجامعي السابق الذي عدل في جينات طفلتين توأم خلال مرحلة الأجنة.
وتثير قضية تعديل جينات الأجنة جدلا أخلاقياً كبيراً حول العالم وتتصاعد المطالب بإقرار قواعد أخلاقية أكثر صرامة بهذا الشأن.
واعترف هو وزملاؤه تشانغ رينلي وكين جينتشو بالذنب خلال المحاكمة، وفقا لما ذكرته شينخوا، وقالت المحكمة بأن جهودهم كانت “في السعي لتحقيق الشهرة والمكاسب الشخصية”، وحُكم على تشانغ وكين بالسجن مع وقف التنفيذ، وتم تغريمهما أيضا بنحو 430،000 دولار.
لقد قام هو وزملاؤه بتجنيد الأزواج حيث كان الرجل مصابا بفيروس نقص المناعة البشرية، لإنشاء أجنة ذات طفرة جينية جعلت ذرية الأزواج محمية من الفيروس، ولكن بعد إعلانه عن أبحاثه في العام الماضي تقريبا – وأن الفتاتين التوأمين، المعروفتين ب”لولو ونانا”، قد ولدتا – أدان المجتمع العلمي العالمي هذا العمل ووصفه بأنه سابق لأوانه وغير أخلاقي.
وقال معظم العلماء أنه لا يزال من المبكر تحرير الحمض النووي للأجنة المبكرة أو الحيوانات المنوية أو البيض بنية خلق أطفال – ما يسمى بتحرير الجراثيم التي تغير الجينوم بطرق تنتقل إلى الأجيال القادمة.
وقال هيه جيانكوي في 25 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2018 إنه استخدم تكنولوجيا تعديل الجينات المعروفة باسم “كريسبر-كاس 9” لتغيير جينات طفلتين توأمين سميتا “لولو ونانا”، ولدتا عن طريق التلقيح داخل المختبر قبل أن يتم زراعتهما داخل رحم الأم، ما أثار رد فعل غاضب في الصين والعالم بشأن أخلاقيات أبحاثه وعمله.
مقالات شبيهة:
وبعد مرور عام على الولادة، لا توجد طريقة لمتابعة حالة الطفلتين. وتردد آنذاك أن السلطات كانت على دراية بهوية الطفلتين، وأنهما تخضعان للملاحظة الطبية.
وينطبق الأمر نفسه على امرأة كانت حبلى في ذلك الوقت بجنين ثالث، قام العالِم “هي” بمعالجة جيناته وراثياً، ولم يتم الإعلان في أي وقت عما إذا كان الطفل قد وُلِدَ.
ويتواصل العمل في المختبرات في أنحاء العالم، سعيا لتطوير تقنية تعديل الجينات، والتي تشمل هدف جعلها تقنية يمكن تطبيقها على البشر.
ورغم دعوات العديد من الباحثين والخبراء إلى فرض حظر على التعديل الوراثي، والاتفاق الطوعي بعدم إجراء أبحاث عليه، أعلن العالم الروسي دينيس ريبريكوف قبل أسابيع قليلة عن هدفه لعلاج الصمم الوراثي عبر تعديل جيني للجنين.
وفي حزيران/يونيو الماضي، أعلن الباحث في “الجامعة الطبية للأبحاث الوطنية الروسية” في البداية عن هدفه لتعديل جينات الأطفال، لمنحهم مقاومة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية (ايدز)، كما فعل “هي”.
ويبدو أن هناك حاجة ملحة في الوقت الحالي لمناقشة القضايا الأخلاقية ذات الصلة، ووضع مبادئ توجيهية ملزمة دولياً بشأن مثل هذه الأنشطة، بحسب ما يقول بيتر دابروك رئيس “مجلس الأخلاقيات الألماني” والذي أشار إلى الحاجة إلى نقاش واسع النطاق، على المستويين المحلي والدولي، وأوضح أنه “يجب أن تغادر القضية مجال النقاش بين الخبراء وأن تتحول إلى نقاش اجتماعي… وهو أمر له بُعدُ تاريخي إنساني.”
وفي أيار/مايو الماضي، أعلنت لجنة الخبراء بالمجلس موقفها بشأن ما يعرف باسم تعديل الجينوم البشري، أو معالجة جينات النسل. واتفق الخبراء على أنه لا يمكن السماح لهذه الإجراءات حاليا بسبب ما تشكله من مخاطر، ولكن لا يمكن استبعادها تماما لأسباب أخلاقية. وفي الوقت نفسه، شكلت “منظمة الصحة العالمية” مجلس خبراء لصياغة مبادئ توجيهية للإشراف على استخدام مثل هذه التقنيات وإثارة نقاش عام.
وفي محاولة لإضفاء المزيد من الشفافية، قامت منظمة الصحة العالمية بإنشاء سجل للدراسات السريرية ذات الصلة في هذا المجال، ومازال التعديل في المواد الوراثية البشرية، محظورا في كثير من الدول، ومنها ألمانيا والولايات المتحدة.