في سفينة يونانية غارقة، عام 1901 أخرج المستكشفون لأول مرة قطعة كبيرة غامضة من البرونز تسمى “أنتيكيثيرا” ، مليئة بالرواسب، من وسط مجموعة كبيرة من التماثيل اليونانية البرونزية والرخامية، لكنهم ظنوا أنها مجرد حجر، ولم يفهموا ما هو، بقي مجهولاً ومحيراً لمدة تزيد عن قرن من الزمان، لكن الشئ الفارق حدث بعد فترة من إيجاده، عندما انقسم إلى قسمين، كاشفاً عن بقايا نظام معقد من التروس، وعندها ذهل العلماء، واعتقدوا أنهم أمام أول حاسوب ميكانيكي في العالم !
الستار يتكشف عن الكمبيوتر الغامض الأقدم في التاريخ
مكتبة “مؤسسة كاترينا لاسكاريديس التاريخية”، عقدت تجمعاً هذا الشهر في اليونان، استغله فريق الباحثين الدولي ليعلنوا عن نتائج تحقيقهم الجدي والطويل، عما يعتقدون أنه “أقدم كمبيوتر في العالم”، وقد كانت نتائجهم مؤكدة للكثير من الأشياء التي نعرفها بالفعل، لكن في نفس الوقت كانت هناك تفاصيل نعرفها لأول مرة، وفوق هذا فقد سلطت الضوء على فترة من التاريخ اليوناني، لا نعرف عنها الكثير.
سر الأداة الغامضة يفتح ملفات أسرار أخرى
الأداة الغريبة يعود تاريخها إلى وقت ما بين سنة 200 و 70 قبل الميلاد، ويعتقد الفريق أن علماء الفلك اليونانيين القدماء استخدموها لدراسة السماء، وقد تمكن الباحثون من قراءة 3,500 حرفاً من النص الذي يعد وصفاً لهذه الأداة، مما يعطيهم فكرة أفضل عن حقيقة عملها.
هذه التفاصيل تعد كثيرة بالنسبة إلينا، لأنها تأتي عن فترة نعرف منها القليل جداً عن علم الفلك اليوناني، ولا نعرف شيئاً عن التكنولوجيا آنذاك، هذه الأداة هي المصدر الوحيد، لهذا، فإن هذه النصوص الصغيرة، كبيرة جداً بالنسبة إلينا كما يقول أحد أعضاء الفريق، أليكسندر جونز، أستاذ التاريخ في العلوم القديمة في جامعة نيويورك.
لا ألعاب .. لكن؛ تنبؤات بالخسوف
الفريق يقول إن هذه الأداة كانت تستخدم كآلية لتقويم الشمس والقمر، فهي تظهر أطوار القمر، ومكان الشمس والقمر في البروج، بالإضافة إلى أماكن الكواكب، كما يعتقد إنه كان قادراً على التنبؤ بالخسوفات، وقد كان جهازاً تعليمياً لفيلسوف كما يبدو، فهي لم تكن أداة للأبحاث يستخدمها الفلكيون للقيام بعمليات الحوسبة، أو يقوموا باستخدامها في التكهنات المستقبلية، وإنما شئ يستخدم في التعليم عن الكون ومكاننا في الكون، لقد كان مثل كتاب علم الفلك، والذي كان يربط حركات السماء والكواكب، مع حياة الإغريقيين القدماء وبيئتهم.
أقدم كمبيوتر في العالم، لن يضع الضوء عليه فقط، بل سيضئ لنا الكثير من المناطق المظلمة والمجهولة في التاريخ.