هل أنت من الأشخاص الذين يمتلكون أهدافاً كثيرة: تناول الطعام بشكل أفضل، تعلم اللغة الفرنسية، توفير المال، كل هذه الأهداف تتطلب قوة إرادة قد تكون تتجاوز طاقتك، أليس كذلك؟
تبعاً للدكتورة (كاتارينا بيرنيكر) من جامعة زيوريخ، وهي طالبة ما بعد الدكتوراه متخصصة في دراسة الإرادة، فنحن لا نعطي أنفسنا قدرها الكافي، حيث أن معظمنا يظهر قدراً لا بأس به من ضبط النفس يومياً، سواءً في الخروج من السرير في الوقت المحدد، أو إنجاز المهام المزعجة، فعلى الرغم من أن تلك الأشياء قد لا تبدو كإنجازات كبيرة، إلّا أن القيام بأي عمل واع يخدم هدفاً طويل الأجل، مثل توفير المال، أو تجاوز احتياجات فورية تبعث على الرضى، مثل البقاء في السرير، يعتبر نوعاً من أنواع قوة الإرادة.
على الرغم من ذلك، يبدو أنه لا يوجد أي أحد يعتبر نفسه بأنه يمتلك القدرة على ضبط النفس بالقدر الذي يريده، وهذا هو السبب الذي يجعل الباحثين يسعون وراء معرفة ماهي قوة الإرادة بالضبط وكيفية الحصول على المزيد منها، فالشيء الذي يحدث في رؤوسنا ويمنعنا من أخذ قيلولة بعد الظهر بهدف تأدية مهمة أخرى، أو يمنعنا من أخذ كعكة محلاة أثناء اتباعنا لنظام غذائي بغية التقليل من وزننا، لا يزال غير واضح، فقوة الإرادة هي مفهوم اخترعه علماء النفس، ولكن علماء الأعصاب، من ناحية أخرى، يميلون لدراسة الوظيفة التنفيذية، التي تضم بعضاً من العمليات الدماغية التي تشارك في إظهار قوة الإرادة، مثل السيطرة على الانفعالات، فعندما تحاول توجيه سلوك ونمط أو نشاط كهربائي في الدماغ، فإن هذا يؤدي لتوليد صراع داخلي، فإذا كان هنالك كعكة موضوعة أمامك، فإن جزء منك سيريد تناولها لأنها تعتبر مصدر غني بالطاقة، في حين أن الجزء الآخر لا يريدك أن تفعل ذلك لأنك وضعت هدفاً لإنقاص وزنك، في حين يظهر المفاوض الثالث ليقول “حسناً سوف أتناولها، ولكن أقسم، بأني سأتدرب لوقت أطول فيما بعد كي أتخلص منها”.
يشبّه طبيب الأعصاب (ديفيد إيجلمان)، مدير مختبر الإدراك والنشاط في كلية بايلور للطب، الدماغ بالبرلمان، حيث تحاول كل من الأحزاب السياسية المتعددة بكل قوتها من أجل فرض سيطرتها، فكما يقول: “جميع تلك الأحزاب تحب بلدها، ولكن كل منا يمتلك أفكاراً مختلفة عن الكيفية التي ينبغي للأمور أن تكون عليها”، وقوة الإرادة تحدث عندما يكون الطرف الذي يضع الأهداف الطويلة الأجل هو الفائز.
لماذا لا يمكن للحزب الذي يعمل على تحقيق الأهداف على المدى الطويل الفوز دائماً؟ هذا بحد ذاته نقاش محتدم جداً، حيث يعتقد بعض العلماء بأننا نمتلك مجموعة محدودة من قوة الإرادة يمكن أن يتم استنفادها ونحن نقاوم الإغراء، في حين يقول آخرون بأنه نوع من التفكير، فأنت لا تعتقد بأن لديك ما يكفي من قوة الإرادة، لذلك تكون ضعيفاً أمام الإغراءات، ولكن في دراسة (إيجلمان)، حقق الطلاب الذين لم يعتبروا الإرادة كمورد محدود تقدماً أكبر في أهدافهم مقارنة بأولئك الذين اعتبروها بأنها مودر محدود، للذلك أخبروا أنفسكم دائماً بأنكم تمتلكون الكثير من القوة لفعل ما هو صحيح، ثم استخداموا هذه الحيل لتطبيقها.
- اختبر جسمك: غالباً ما تُقارن قوة الإرادة بالعضلات التي تتطلب تدرياً مستمراً لتكتسب المزيد من القوة، وعلى الرغم من أنه ما يزال هناك حاجة لإجراء المزيد من الأبحاث، إلّا أن بعض الخبراء يعتقدون بأن إجبار نفسك على القيام بأشياء أقل من المثالية يشبّه رفع الأثقال لقوة الإرادة، فأخذ دش بارد، أو الذهاب للجري تحت المطر، أو استخدام يدك غير المسيطرة قد تساعدك فيما بعد على مقاومة التدخين أو الإفراط في الإنفاق.
- أبق بطنك ممتلئاً: نحن لا نقول بأنك لا تمتلك ما يكفي من الثبات للمرور بجانب محل حلويات دون أن تدخل لتشتري شيء منه، فقوة الإرادة يجب أن تتحكم بكبح لجام الأهواء، ولكن على الرغم من أنه ليس هناك توافق في الآراء بعد، إلّا أن العلماء يعتقدون بأن السكر يمكن أن يكون كوقود لقوة الإرادة، وذلك لأنه يوفر كمية جنونية من الطاقة – في شكل الجلوكوز – يستخدمها الدماغ لاتخاذ القرارات الذكية، لذلك لا تقم أبداً بمباشرة مهمة صعبة على معدة فارغة، وحافظ على مستويات مستقرة من السكر في الدم عن طريق تناول الكربوهيدرات، بما في ذلك الحبوب والبقول، والفواكه، على مدار اليوم.
- شاهد الإعادة: هل خططت للذهاب الى صالة الألعاب الرياضية ولكنك لم تتمكن من النهوض عن الأريكة؟ إذاً إبق مكانك، وابدأ بمشاهدة حلقة من برنامجك المفضل، هذا ما يقوله الباحث في مجال الإرادة (جاي ديريك)، حيث أنه يشير إلى أن الاستسلام للإغراء على المدى القصير (الاستلقاء على الأريكة)، يعيد القوة لإرادتك ويصبح احتمال وصولك إلى أهدافك البعيدة المدى (تحسين لياقتك البدنية) أكثر احتمالاً.
- غيّر من نمط تبذير وقتك: إذا كان لديك يوم حافل، لا تلعب الكاندي كراش أثناء تنقلاتك، حيث وجدت دراسة أجرتها جامعة إلينوي أن الأشخاص الذين لعبوا بألعاب الفيديو لمدة خمس دقائق قبل وصولهم إلى صالة الألعاب الرياضية قضوا في التدريب نصف المدة التي قضاها الأشخاص الذين لم يلعبوا ألعاب الفيديو، وذلك لأن الدماغ لا يفرق بين فائدة كل من النشاطين، ولا يعرف سوى أنك تمارس نشاطاً ما، لذلك حاول القيام بأشياء سهلة على الدماغ، مثل الاستماع إلى تطبيق تأمل أو مجموعة موسيقية من الأغاني التي تفضلها، بدلاً من ذلك.
- استمتع بالمزيد من النوم: إن مصارعة ذاتك تتطلب منك بذل الكثير من الطاقة، حيث وجدت إحدى الدراسات التي تم إجراؤها في عام 2015 وتم نشرها في مجلة (Frontiers in Human Neuroscience)، بأن الأشخاص المحرومين من النوم هم أكثر عرضة للرضوخ للأهواء، وقلة التركيز، واتخاذ قرارات مشكوك فيها، لذلك إحرص على أن لا تقل ساعات نومك عن سبع ساعات كل ليلة.
- حاول إيجاد صديق: هل تراودك الرغبة في التكلم مع حبيبك السابق؟ إترك هاتفك جانباً، وحاول الانشغال بكتابك المفضل، أو أحد الأفلام أو البرامج التلفزيونية، حيث يشير (ديريك) بأن الشخصيات في هذه الأشياء يمكن أن تكون بمثابة “بدائل اجتماعية” يمكن أن تساعدك على محاربة الدوافع من خلال جعلك تشعر بأنك أفضل وأكثر حيوية.
- ابتعد عن وسائل الاعلام الاجتماعية … على الأقل حتى تنتهي من لائحة مهامك اليومية، فتصفح صورك التي تدلل على حصولك على حياة رائعة قد يعزز ثقتك بنفسك، ولكنه يقلل الحافز لديك للقيام بالمهام التي قد تزيد جمالها، ففي إحدى الدراسات، قام قسم من المشاركين بتحديث صورتهم الشخصية على صفحة موقع الفيسبوك في حين لم يقم القسم الآخر بذلك، ثم قاموا بحل بعض المسائل الرياضية، ومن خلال ذلك تبين بأن الأشخاص الذين استخدموا الفيسبوك استسلموا بسرعة أكبر من القسم الآخر، لذلك حاول تحديث حالتك في نهاية اليوم كمكافأة على عملك المتقن.