في عالمنا الذي يحكمه روتين من السعي الحثيث لإنجاز أعمال لا تنتهي، قد يشعر المرء كما لو أن الحياة والكون وكل شيء فيه في حالة من الديمومة النسبية، ولكن هناك احتمال أن يتغير كل شيء في أي لحظة.
على الرغم من أن الحياة قد تبدو هادئة وخالية من الأحداث، إلّا أن الاستيقاظ من نومك لترى بأن نهاية العالم قد حلت سيكون أسوأ السيناريوهات، وقد تأتي النهاية ي بأشكال متنوعة، فبعضها قد يحدث في لحظة، ويكون مفاجئاً لدرجة أنك قد لا تملك حتى الوقت لاستيعاب فكرة أن كل شيء انتهى، في حين أن بعضها الآخر، قد يأتي إلينا ببطء، وبحلول الوقت الذي سيكون بإمكاننا فيه رؤية الخطر الذي يحدق بنا، سيكون الوقت قد تأخر لفعل أي شيء، وهناك بعض الأشخاص الذين يعتقدون بأن الأمر بدأ بالحدوث بالفعل.
يمكن أن تكون نهاية العالم نتيجة حدوث انفجار رهيب من أشعة جاما، أو تغيّر بسيط في المناخ، لكن في كلتا الحالتين، لن يكون هناك شيء نستطيع أنا أو أنت القيام به حيال ذلك، ولكن لحسن حظنا، فهناك بعض الأشخاص الأذكياء جداً يعملون على إيجاد حلول لمختلف التهديدات التي يمكن أن يشكلها هذا الكون، ويمكن أن ينقذونا جميعاً في يوم ما من الهلاك المؤكد.
إليكم هنا بعض السيناريوهات التي يمكن أن نشهد من خلالها نهاية العالم، وبعض الطرق للحيلولة دون ذلك:
- قد يحدث انفجار من أشعة غاما يشوي الأرض
عندما تتحول إحدى النجوم إلى نجم مستعر أعظم –أو ما يعرف بالسوبرنوفا- يصدر عنها نبضات كبيرة من أشعة جاما التي تنتشر بسرعة في الفضاء لتحمل معها كل أنواع الخراب (على الأرجح)، ولكن لحسن الحظ، فإن غلافنا الجوي يبدد بسهولة معظم هذه الأشعة، ويحولها إلى ضوء من الأشعة فوق البنفسجية وفي نهاية المطاف لا يصل منها سوى 0.2% إلى سطح الأرض، وهذا شيء عظيم، وأحد الأسباب التي حالت دون موتنا جميعاً حتى الآن.
مع ذلك، قد يتحول كائن كبير في المجرة إلى مستعر فوق عظيم (هايبر نوفا) في أي وقت، وعندها سيقوم هذا المستعر بإطلاق كميات كبيرة من هذه الكائنات لتصل إلينا بسرعة الضوء، لتخترق غلافنا الجوي وتصل إلى السطح بكميات تصل إلى 40 ضعف كمية الأشعة فوق البنفسجية التي تصل إلى سطح الأرض من الشمس حالياً، وليس هذا فحسب، بل إنها ستبدأ بأيننة الجزيئات التي تشكل الغلاف الجوي، وتركنا مع طبقة من أكسيد النيتروز بدل الأوزون.
النتيجة من كل هذا هو وصول جرعة ضخمة من الإشعاع، والانهيار البيئي والانقراض الجماعي، وإذا كان كل ذلك يبدو غير محتمل، فهناك أشخاص يفترضون بأن كل هذا قد حدث من قبل بالفعل.
- قد يكون قد فات الأوان لوقف تغير المناخ
جميعنا يسمع الكثير من الأحاديث عن تغير المناخ في كل مكان هذه الأيام، لدرجة أنه أصبح وكأنه شيء عادي، ولكن هذا الشيء لن يزول لوحده إذا ما تم تجاهله.
في حين أن التقديرات تشير بالضبط لمدى سرعة ومدى سوء وتنوع العواقب التي ستنتج عن تغير المناخ، فإن بعض الخبراء يشيرون إلى أنه لم يتبقى لدينا سوى أقل من 100 سنة للتمتع بالإنسانية بالطريقة التي نعرفها، فبحسب الدكتور (فرانك فنر)، وهو أحد المتشائمين في هذا المجال، فبغض النظر عن الخطوات التي يمكن للإنسانية أن تأخذها، فإن مصيرنا محتوم لا محال، والظروف الجوية القاسية وانهيار النظم الإيكولوجية والجفاف والمجاعة والانهيار الاقتصادي والاكتظاظ وتلوث إمدادات المياه، كلها ستكون نتائج لارتفاع درجة الحرارة على كوكبنا بشكل كبير، ولن يكون أي منها ممتعاً أبداً.
من جهة أخرى، يشير بعض الخبراء الأكثر تفاؤلاً حول مصيرنا المحتوم، بأنه يمكننا الهروب من هذا المصير إذا قمنا بإجراء تغييرات جذرية الآن، مثل ترك ما يصل إلى 80% من الوقود الأحفوري المتبقي ضمن الأرض، والاستثمار بشكل صحيح في الطاقة النظيفة، ولكن مع ذلك، فإن كلا الفريقين يتفقان بأن تصرفاتنا الحالية ستؤدي إلى نتائج كارثية.
- قد تنتشر الأوبئة والجراثيم على نطاق عالمي
مع اقتراب وصولنا إلى مرحلة انتهاء حقبة المضادات الحيوية، وارتفاع نسبة انتشار الجراثيم المقاومة للمضادات الحيوية، قد نضطر إلى العودة لحقبة الخوف من العدوى التي اختبرها أجدادنا من قبل، والتعود على فكرة أننا يمكن أن نكون مرة أخرى في خطر الموت جراء شيء صغيرة كالتهاب خدش بسيط.
مقاومة المضادات الحيوية ليس جانب واحد من الأخطار التي يمكن أن تسببها البكتيريا والفيروسات، حيث أن انتشار فيروس معد بما فيه الكفاية قد يعني أيضاً نهاية أعداد هائلة من السكان هي فترة قصيرة جداً من الزمن، وقد توقعت النماذج الحاسوبية التي صممت لمحاكاة انتشار المرض أنه، وضمن الظروف المناسبة، يمكن لسلالة قاتلة من الإنفلونزا أن تنتشر في جميع أنحاء المعمورة في أقل من عام.
على الرغم من أن الإيبولا كان مرضاً مرعباً في فترة من الفترات، إلّا أنه ليس بإمكانه الانتقال سوى عن طريق تبادل سوائل الجسم، ولكن الأمراض المحمولة عن طريق الهواء مثل الأنفلونزا الإسبانية يمكن أن تنتشر من خلال مكيفات الهواء التي توجد في أي طائرة وأبنية المكاتب أو مراكز للتسوق، ويكفي وجود مصاب واحد حتى تنقل العدوى إلى عدة أشخاص آخرين في وقت واحد.
- وضع حد للمحاكاة
بعيداًعن الانفلونزا الاسبانية وتغير المناخ، يمكن لموت للإنسانية أن يأتي من مجرد كبسة زر، نحن لا نتحدث هنا عن القنبلة النووية، بل عن إطفاء المحاكاة الحاسوبية لكوننا.
على الرغم من أن فكرة أن الكون هو في الواقع عبارة عن محاكاة قد تبدو وكأنها شيء مأخوذ من عالم الخيال العلمي، إلّا أن هناك العديد من الأشخاص الذين يعتقدون بأن واقعنا وهو مجرد واقع افتراضي، وهؤلاء الأشخاص هم علماء حقيقيون، وليس مجرد مجانين إنترنت، وحتى بالنسبة لأولئك الذين لا يصدقون كلياً بهذه الفكرة، فإنه من الصعب جداً عليهم اثبات عدم صحتها.
الآن، وبأفضل السيناريوهات فإن المحاكاة ستتوقف لتجد بأنك عضو في سباق فائق الذكاء للكائنات المجرية مع عائلة مجرية محبة فائقة الذكاء تنتظرك حول مائدة العشاء.
ولكن أسوأ السيناريوهات هي أن يكون وعيك بكامله مجرد جزء من إجراء ولده نظام للذكاء الاصطناعي ضمن محاكاة عالمية واسعة، وقد لا تكون حتى جزء كبير من تلك المحاكاة، وإنما مجرد إضافة صغيرة للمحاكاة الأساسية، ولن تكون على دراية بهذا، أو في الواقع بأي شيء آخر، بعد أن يتم سحب القابس.
العلاجات
- عكس تغير المناخ
حسناً، ربما نكون قد شعرنا بأن مصيرنا هو الهلاك بسبب الجزء الذي يتحدث عن تغير المناخ سابقاً، حتى وإن لم نكن قد بدأنا بلمس الرعب الذي قد يكون محدقاً بنا، ولكن قد يكون هناك بصيص من الأمل.
بقدر ما نعلمه حتى الآن، فإن عواقب استخدامنا للوقود الأحفوري بدأت بالفعل بالظهور في نظامنا البيئي، وهذا يعني أنه حتى وإن تحولنا لاستخدام الطاقة المتجددة غداً، فإن ظاهرة الاحتباس الحراري الكارثية بدأت بالفعل في التحرك، وهذا إذا قمنا فقط بالتوقف عن وضع المزيد من الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، ولكن هناك احتمال أن نجد تكنولوجيا لم يتم ابتكارها حتى الآن لالتقاط الكربون من الجو، وإزالة الـ(CO2) من الغلاف الجوي، وربما نستطيع بذلك وقف التغير المناخي.
تقوم الأشجار بالفعل بتأدية هذا الدور بفعالية كبيرة، ولكن بما أننا نستمر في قطعها، فإن إيجاد ابتكارات مثل الجهاز الذي طورته شركة (Carbon Engineering)، والذي يهدف لسحب الكربون من الجو وتحويله إلى وقود يمكن أن يكون خطوة على الطريق الصحيح.
لذلك، وإجابة على سؤال “هل يمكن عكس تغير المناخ؟” فالجواب هو لا، أو ليس باستخدام التكنولوجيا الحالية التي نمتلكها، ولكن إذا كان التاريخ قد علمنا شيئاً، فهو أن التنبؤ بتكنولوجيا المستقبل هو قريب من المستحيل.
- ترك هذا العالم
إذا لم تنجح خططنا في إنقاذ هذا الكوكب، فقد نحتاج إلى خطة بديلة، وهذه الخطة البديلة قد تكون تركه والذهاب إلى مكان آخر.
على الرغم من أن نهاية العالم قد لا تكون قاب قوسين أو أدنى، فإنها آتية لا محالة، وحتى إن لم يتسبب تغير المناخ في قتلنا، فكلما طالت الفترة التي لا يحدث فيها اصدام كوكبي بنا أو انفجار لأشعة غاما أو اندلاع لبركان عظيم، كلما زاد احتمال حدوث هذا، وإذا لم يحدث كل هذا فإن الشمس ستصبح ساخنة بما يكفي لتتسبب بغليان المحيطات خلال المليار سنة القادمة، لذلك إذا بقينا على هذا الكوكب حتى ذلك الوقت دون أن نكون قد وصلنا الى نجم آخر، فاننا سنشوى أحياء.
بحسب قول (ستيفن هوكينغ): “أعتقد بأن المستقبل البعيد للجنس البشري يجب أن يكون في الفضاء، حيث سيكون من الصعب تجنب وقوع كارثة على كوكب الأرض خلال المائة سنة القادمة، ناهيك عن آلاف السنين المقبلة، أو المليون سنة القادمة، ولا ينبغي للجنس البشري أن يضع كل بيضه في سلة واحدة، أو على كوكب واحد”.
حتى الآن، فإن التكنولوجيا التي نمتلكها بعيدة جداً عن ما نحتاجه للخروج من هذا العالم، ولكن هذا لا يعني أننا لا يمكن أن نصل إليها أبداً إذا ما قررنا ذلك، فسواء أكان مستقبل البشرية هو على متن نوع من الموائل الفضائية الاصطناعية، أو على كوكب آخر يشبه الأرض أو حتى على مجمع قمري، فإن الواقع هو أنه لا يمكننا البقاء هنا إلى الأبد.
- إيجاد طرق جديدة لعلاج الأمراض
قد تكونون قد سمعتم بأنه من المحتمل أن يكون الكريسبر هو مستقبل تكنولوجيا تعديل الجينوم، فهو قادر على كل شيء من إنتاج الوقود الحيوي إلى علاج الأمراض الوراثية المزمنة، ولكن هذه الطريقة يمكن أيضاً أن تكون الحل لمشكلة مقاومة المضادات الحيوية التي تلوح في الأفق.
إن استخدام تقنية الكريسبر لقتل البكتيريا يعتمد في الأساس على تحويل أحد أنظمة المناعة الذاتية لدى البكتيريا ضدها، فالبكتيريا تتعرض باستمرار لفيروسات تسمى (العاثيات) – وهي فيروسات تحقن جيناتها في الخلايا البكتيرية على أمل الحصول على شيء تمتطيه لتنتقل إلى أماكن أخرى- ولكن البكتيريا تقوم باستخدام الكريسبر بالارتباط بجينات العاثيات الغازية وتعطيلها.
من خلال تحويل هذه العملية لصالحنا، يمكننا استخدام أنظمة (الكريسبر-(CAS لمهاجمة المقاومة المكتسبة في جينات البكتيرية، وما هو أكثر من ذلك، استهداف البكتيريا الضارة (وليس البكتيريا “الجيدة” التي قد توجد في اللبن الزبادي).
إذاً، فإنه بإمكاننا عكس تغير المناخ والتخفيف من مقاومة المضادات الحيوية، وحتى تفادي التأثر بانفجار مميت لأشعة غاما، ولكن، إذا ما قرر شخص ما سحب القابس وإيقاف المحاكاة الحاسوبية لكوكبنا، فقد تكون تلك نهايتنا.