الثقوب السوداء هي الأشياء الوحيدة في الكون التي يمكنها أن تحتجز الضوء بسبب قوة جاذبيها الهائلة، ويعتقد العلماء بأنها تتشكل عند انهيار نجم ضخم على نفسه، ليصبح كثيفاً جداً ويتسبب بحدوث انحناء في نسيج المكان والزمان.
أي جرم يعبر أفق الحدث، المعروف أيضاً باسم نقطة اللاعودة، ينزلق بشكل لولبي، دون أن يكون له فرصة في النجاة، نحو مصير مجهول، وعلى الرغم من العقود التي قضاها الباحثون في دراسة هذه الظاهرة الكونية الوحشية، فلا يزال هناك الكثير من الغموض الذي يكتنفها، وما زالت تلهب عقول العلماء الذين يدرسونها لـ10 أسباب:
الثقوب السوداء لا تمتص
يعتقد البعض أن الثقوب السوداء تشبه المكانس الكهربائية الكونية التي تمتص الفضاء من حولها عندما، ولكن في الواقع، فإن الثقوب السوداء تشبه إلى حد كبير أي شيء آخر موجود في الفضاء، ولكن ما يميزها عن البقية هي أنها تمتلك حقل جاذبية قوي جداً.
إذا قمت باستبدال الشمس بثقب أسود يمتلك ذات الكتلة، فإنه لن يلتهم الأرض إلى داخله، بل ستواصل دورانها حول الثقب الأسود وكأنها تدور حول الشمس.
قد تبدو الثقوب السوداء وكأنهم تمتص الأشياء من حولها من كل مكان، ولكن هذا خطأ شائع، فالنجوم التي تكون على مقربة منها تفقد بعضاً من كتلتها في شكل رياح نجمية، وهذه المواد التي تكون موجوداً في تلك الرياح تقع في قبضة جارها الجائع- الثقب الأسود- وذلك كما أشرنا بسبب جاذبيته الكبيرة.
اينشتاين لم يكتشف الثقوب السوداء
لم يكن أينشتاين من اكتشف وجود الثقوب السوداء- على الرغم من أن نظريته في النسبية توقعت تشكّلها- بدلاً من ذلك، كان (شوارتز شيلد) أول من استخدم معادلات آينشتاين الثورية واستنتج بأن الثقوب السوداء يمكن فعلاً أن تتشكل، وكان ذلك في ذات العام الذي أصدر فيه اينشتاين نظريته النسبية العامة في عام 1915، ومن خلال عمل (شوارزشيلد) جاء مصطلح يدعى نصف قطر شوارزشيلد، وهو يقيس إلى أي مدى يجب ضغط أي كائن لخلق ثقب أسود.
قبل ذلك بفترة طويلة، توقع الموسوعي البريطاني (جون ميشل) وجود “نجوم سوداء” ضخمة جداً أو مضغوطة جداً يمكن أن تمتلك قوة سحب جاذبة قوية جداً لدرجة أن الضوء لا يمكنه الهروب منها، كما أن الجدير بالذكر ان الثقوب السوداء لم تحصل على اسمها العالمي حتى عام 1967.
يمكن للثقوب السوداء أن تمارس تأثير الاسباغيتي عليك وعلى الكثير من الأشياء الأخرى
تمتلك الثقوب السوداء قدرة لا تصدق على جعلك حرفياً تتمدد مثل حبل طويل من السباغيتي، وتسمى هذه الظاهرة بـ”تأثير المعكرونة”، والطريقة التي تعمل بها تتعلق بكيفية تصرف الجاذبية على المسافات بعيدة، حالياً، فإن قدميك أقرب إلى مركز الأرض، وبالتالي فهي تنجذب بقوة أكبر من رأسك، ولكن تحت تأثير قوة جاذبية شديدة، لنقل، بالقرب من ثقب أسود، فإن هذا الاختلاف في قوة الجذب سيعمل ضدك في الواقع.
مع بدأ قدميك بالتمدد نتيجة لتأثير قوة سحب الجاذبية، فإنهما ستصبحان أكثر انجذاباً مع كل بوصة تقتربان فيها من مركز الثقب الأسود، وكلما اقتربا كلما زادت سرعتهما في التمدد، في حين أن النصف العلوي من جسمك الذي يكون أبعد لا يتحرك نحو المركز بالسرعة ذاتها، والنتيجة: تأثير المعكرونة!
الثقوب السوداء يمكن أن تولّد أكوان جديدة
قد يبدو من الجنون أن تقوم الثقوب السوداء بتوليد أكوان جديدة، خصوصاً وأننا لسنا متأكدين بعد من وجود أكوان أخرى في الأساس، ولكن هذه النظرية أصبحت اليوم حقلاً نشطاً للبحوث.
قد تكون أبسط النسخ لكيفية عمل ذلك هو كوننا اليوم، فعندما ننظر إلى الأرقام، سنجد بأنه كان هناك بعض الظروف المريحة للغاية التي اجتمعت معاً لخلق الحياة، وإذا كنت قمت بتغيير أي من هذه الشروط حتى ولو بمقدار ضئيل جداً، فإننا لن نكون هنا.
إن التفرد الذي يمتلكه مركز الثقوب السوداء يحطم جميع القوانين المعيارية لعلم الفيزياء، ويمكن، من الناحية النظرية، أن يغير هذه الشروط ويولّد كوناً آخر جديداً مختلفاً قليلاً عن كوننا.
الثقوب السوداء تسحب حرفياً الفضاء من حولها
تصور الفضاء على أنه ورقة مطاط ممتدة مع خطوط شبكية متقاطعة المسارات، عند وضع كائن على هذه الورقة، فإنها ستغوص قليلاً إلى الداخل، وكلما كان الكائن الذي ستضعه على الورقة أكثر ضخامة، كان العمق الذي ستغوص فيها الورقة إلى الداخل أكبر، وهذا التأثير يشوه خطوط الشبكة بحيث لا تعود بحالتها المستقيمة، بل تصبح منحنية.
من هذا المنطلق، فكلما كان العمق أكبر، زادت التشوهات الفضائية والمنحنيات، وكما نعلم فإن العمق الذي تخلقه الثقوب السوداء في الفضاء كبير لدرجة أن لا شيء يمتلك ما يكفي من الطاقة للعودة إلى الوراء، ولا حتى الضوء.
تعتبر الثقوب السوداء مصانع طاقة لانهائية
يمكن للثقوب السوداء توليد الطاقة بصورة أكثر كفاءة من شمسنا، وهذا يعود إلى حلقة المواد التي تدور حول الثقب الأسود، فالمواد التي تكون أقرب إلى حافة هذه الظاهرة الكونية- على الحافة الداخلية من الحلقة- تدور بسرعة أكبر بكثير من المواد التي تكون على الحافة الخارجية من الحلقة، وذلك لأن الجاذبية تكون أقوى بالقرب من أفق الحدث، ولأن المواد تدور وتتحرك بسرعة كبيرة، فإن درجات حرارتها سترتفع لتصل إلى أكثر من مليار درجة فهرنهايت بكثير، وهذا يمكنه أن يحول كتلة المادة إلى طاقة تسمى إشعاع الجسم الأسود.
للمقارنة، يمكن القول بأن الانصهار النووي يحول نحو 0.7 في المئة من الكتلة إلى طاقة، في حين أن الظروف حول الثقب الأسود تحويل 10 في المئة من الكتلة إلى طاقة، وهذا فرق كبير!
يوجد ثقب أسود هائل في مركز مجرتنا
يعتقد العلماء بأن هناك ثقب أسود هائل في مركز كل مجرة تقريباً – بما في ذلك مجرتنا- وهذه الثقوب السوداء تعمل في الواقع كمرساة للمجرات، وهي ما يجعلها متماسكة معاً في الفضاء.
تصل كتلة الثقب الأسود الذي يوجد في مركز مجرة درب التبانة، والذي يوجد في منطقة الرامي أ (Sagittarius A)، إلى أكثر من أربعة ملايين ضعف كثافة الشمس، وعلى الرغم من أن الثقب الأسود، الذي يبعد ما يقرب من 30,000 سنة ضوئية عنا، هادئ جداً في الوقت الحالي، إلّا أن العلماء يغتقدون بأنه قبل حوالي مليوني سنة كان يطلق إنفجارات كانت ربما مرئية من الأرض.
الثقوب السوداء تبطئ الوقت
لفهم السبب، دعونا نعود إلى تجربة التوأم التي كثيراً ما تستخدم لشرح كيفية عمل الوقت والفضاء معاً في نظرية آينشتاين في النسبية العامة:
إذا ما بقي أحد التوأمين على الأرض في حين انطلق الآخر إلى الفضاء بسرعة الضوء، ثم استدار، وعاد مرة أخرى إلى الأرض، فإن الشخص الذي سافر عبر الفضاء سيكون أصغر سناً بكثير من توأمه الذي بقي على الأرض، لأنه كلما تحركت بسرعة أكبر، كان مرور الوقت أبطأ بالنسبة لك.
مع اقترابك من أفق الحدث، فإنك ستتحرك بسرعات عالية جداً لأن قوة الجاذبية التي يمارسها الثقب الأسود عليك ستكون قوية، وهذا من شأنه أن يبطئ الوقت.
الثقوب السوداء تختفي مع مرور الوقت
تم توقع هذا الاكتشاف المدهش لأول مرة من قبل (ستيفن هوكينغ) في عام 1974، وقد أطلق على هذه الظاهرة اسم إشعاع هوكينغ، نسبة للفيزيائي الشهير.
يقوم إشعاع هوكينغ بتشتيت كتلة الثقب الأسود إلى الفضاء على مر الزمن، وهو يستمر بالقيام بذلك في الواقع حتى لا يعود هناك وجود لشيء، مما يسفر بشكل أساسي عن قتل الثقب الأسود، وهذا هو السبب في أن إشعاع هوكينغ يعرف أيضاً باسم تبخر الثقب الأسود.
يمكن لأي شيء أن يتحول إلى ثقب أسود، من الناحية النظرية
الفرق الوحيد بين الثقب الأسود وشمسنا هو أن مركز الثقب الأسود مصنوع من مادة كثيفة للغاية، مما يعطي الثقب الأسود حقل جاذبية قوي جداً، وهذا الحقل من الجاذبية هو ما يتيح للثقب الأسود بأن يمسك بكل شيء، بما في ذلك الضوء، وهذا هو السبب في أننا لا نستطيع أن نرى الثقوب السوداء، ولكن هل يمكن نظرياً تحويل أي شيء إلى ثقب أسود؟
إذا قمت بتقليص حجم شمسنا ليصل قطرها إلى 3.7 ميل (6 كم)، على سبيل المثال، فإنك ستكون بذلك قد قمت بضغط كامل كتلة شمسنا لتصبح محصورة في مساحة صغيرة للغاية، مما سيجعلها كثيفة للغاية، وهذا سيحولها أيضاً إلى ثقب أسود، ويمكن أيضاً تطبيق نفس النظرية على الأرض أو على جسمك.
ولكن في الواقع، نحن نعلم فقط طريقة واحدة يمكنها أن تولد ثقب أسود، وهي انهيار جاذبية نجم ضخم للغاية يعادل حجمه 20 إلى 30 مرة حجم شمسنا.