- إنها في الواقع أشبه بمهمة لمدة ثلاث سنوات
قد يكون كل من رائد فضاء ناسا (سكوت كيلي) ورائد الفضاء الروسي (ميخائيل كورنينكو) قد أقاما لمدة سنة في الفضاء، ولكن الأبحاث العلمية التي سيتم القيام بها حول مهمتهما ستمتد لأكثر من ثلاث سنوات، فمنذ أن غادرا الأرض قبل سنة واحدة، بدأ كل من (كيلي) و(كورنينكو) بالمشاركة في مجموعة من الأبحاث الرامية إلى الوصول لفهم أفضل حول كيفية استجابة الجسم البشري لرحلات الفضاء الطويلة الأمد، فقد تم أخذ عينات من دمهما وبولهما ولعابهما وغيرها لتشكل مجموعة من البيانات التي سيتم دراستها من قبل العلماء، واستمرت ذات الأنواع من العينات بالوصول طوال فترة إقامتهما في الفضاء، وستستمر لمدة عام أو أكثر بعد عودتهما.
- ما سنتعلمه سيساعدنا في الوصول إلى المريخ
إحدى أكبر العقبات التي تواجهنا في الوصول إلى المريخ هو ضمان قدرة البشر على “الذهاب” للقيام بمهمة طويلة الأمد، وأن أفراد الطاقم سيتمكنون من المحافظة على صحتهم وقدراتهم الكاملة على طول مدة بعثة المريخ وبعد عودتهم إلى الأرض، والجدير بالذكر أن العلماء كانوا قادرين على جمع بيانات موثوقة تماماً حول استجابة الأجسام البشرية للعيش في بيئة من انعدام الجاذبية لمدة ستة أشهر، ولكن لم يتم تجمع بيانات كافية خارج هذا الإطار الزمني … حتى الآن.
هذه البعثة المريخية المحتملة ستستمر لحوالي ثلاث سنوات، ونصف المدة سيقضيها الطاقم في رحلة الذهاب والإياب من المريخ ونصفها الآخر على سطح المريخ، لذلك فلا بد من فهم كيفية تأثر الأجهزة البشرية مثل الرؤية وصحة العظام بالعيش لفترة تتراوح ما بين 12 إلى 16 شهراً على متن مركبة فضاء في بيئة منعدمة الجاذبية، وما الإجراءات التي يمكن اتخاذها للحد أو للتخفيف من المخاطر التي يتعرض لها أفراد الطاقم أثناء الرحلة من وإلى المريخ، ولكن فهم التحديات التي يواجهها البشر هو أحد سبل الأبحاث فقط التي تقام على متن محطة الفضاء لمساعدتنا في رحلتنا إلى المريخ.
- نتائج الأبحاث العلمية ستستغرق بعض الوقت
على الرغم من أن العلماء سيبدؤون بتحليل بيانات كل من كيلي وكورنينكو بمجرد عودتهما إلى الأرض، ولكن نتائج البحث يمكن أن تستغرق من ستة أشهر إلى ست سنوات قبل أن تنشر، حيث أن العمليات البحثية تستغرق بعض الوقت، ومعالجة البيانات من جميع التحقيقات المرتبطة ببعثة السنة الواحدة لن تكون مهمة سهلة، وبالإضافة إلى ذلك، ستبقى بعض العينات المأخوذة من دم وبول ولعاب كل من كيلي وكورنينكو مخزنة في المجمدات في محطة الفضاء حتى يمكن إعادتها على متن سفينة الفضاء سبيس إكس دراجون، وفي حين أن العلماء قد يحصلون على فكرة عامة عما يمكن أن تكون عليه نتائج الأبحاث في وقت مبكر من عملية التحليل، إلّا أن النتائج النهائية ستأتي بعد فترة طويلة من وصول كيلي وكورنينكو إلى الأرض.
- هذه ليست المرة الأولى التي يقضي فيها شخص سنة كاملة في الفضاء
على الرغم من أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها إجراء بحوث شاملة باستخدام تقنيات جديدة ومثيرة -مثل الدراسات الجينية- على أحد أفراد طاقم الفضاء لمدة طويلة، وأن رائد فضاء ناسا (سكوت كيلي) هو أول أمريكي يكمل مهمة استمرت لمدة عام كامل في الفضاء، لكنها ليست المرة الأولى التي يصل فيها البشر إلى هذا الهدف، فقد استطاع سابقاً أربعة أشخاص قضاء فترة وصلت إلى سنة أو أكثر في مهمة متواصلة في المدار، على متن محطة مير الفضائية الروسية، وقد كان ذلك جزءاً من بحث هام أثبت أن البشر قادرين على العيش والعمل في الفضاء لمدة عام أو أكثر، حيث قضى رائد الفضاء الروسي (فاليري بولياكوف) مدة 438 يوماً على متن محطة مير في الفترة الممتدة ما بين كانون الثاني/ يناير 1994 وآذر/ مارس 1995، محققاً بذلك رقماً قياسياً في أكبر عدد للأيام المتواصلة التي تم قضاؤها في الفضاء، كما قضى رائد الفضاء الروسي (سيرجي أفدييف) مدة وصلت إلى 380 يوماً على متن محطة مير بين آب/ أغسطس من عام 1998 وآب/ أغسطس من عام 1999، كما استطاع كل من رائدي الفضاء (فلاديمير تيتوف) و(موسى مناروف) إنهاء مهمة استمرت لـ 366 يوماً خلال الفترة التي امتدت ما بين كانون الأول/ ديسمبر من عام 1987 إلى كانون الأول/ ديسمبر من عام 1988.
- التعاون الدولي هو المفتاح
محطة الفضاء الدولية هي دولية بالفعل، حيث تجسد بعثة السنة الواحدة روح التعاون بين البلدين في الجهود الرامية للتخفيف من عدد المخاطر التي يمكن أن تصيب البشر في المهمات طويلة الأمد، وسيتم تشارك البيانات التي تم جمعها من كيلي وكورنينكو بين الولايات المتحدة وروسيا، والشركاء الدوليين، وهذا النوع من التعاون يساعد على زيادة سرعة الوصول إلى المعرفة الطبية اللازمة لعمليات الاستكشاف البشرية، الحد من التكاليف، تحسين العمليات والإجراءات، وتحسين الكفاءة في مهمات محطة الفضاء في المستقبل.
- إجراء الكثير من المهام العلمية
لم تكن مشاركة كيلي خلال مهمة السنة الواحدة على متن المختبر المداري في العلم مقتصرة على الأبحاث التي ترتبط بالبعثة وحدها، فبالمجمل، عمل كيلي على ما يقرب من 400 دراسة علمية تساعد ناسا في الوصول إلى آفاق جديدة، وتكشف عن المجهول، وتفيد البشرية جمعاء، حيث شمل وقته على متن المحطة أخذ عينات للدم واللعب، جمع البول، إجراء اختبارات حاسوبية، كتابة المذكرات، الاهتمام بنوعين من المحاصيل في منشأة زراعة الخضروات، إجراء مسوحات بصرية، وبالموجات فوق الصوتية، استخدام أكواب الفضاء، أخذ جولات باستخدام الروبوتات الصناعية (SPHERES)، قياس الصوت، المساعدة في تطوير أجهزة (cubesats) ليتم نشرها في الفضاء، المشاركة في اختبار تحولات السوائل باستخدام سراويل (CHIBIS) الروسية، وتسجيل أوقات نومه، وأكثر من هذا بكثير، وكل هذا كان بالإضافة إلى القيام بالمهام العادية المتمثلة بصيانة المحطة، والقيام بثلاث عمليات سير في الفضاء!
- لا مزيد من الأطعمة المخزنة في الحقائب
بعد أشهر من تناول الطعام من الحقائب والعلب والشرب من خلال القشة، سيكون كل من كيلي وكورنينكو قادران على الاحتفال بعودتهما إلى الأرض بتناول الأطعمة التي يختارونها، ففي المحطة الفضائية، يتم مراقبة كمية الأطعمة التي يتناولها رواد الفضاء على متن محطة الفضاء الدولية بشكل دقيق ومصمم لتوفير العناصر الغذائية التي يحتاجون إليها بالضبط، ولا يكون لأعضاء الطاقم أي خيار في اختيار قوائم الطعام التي تقدم لهم في المدار، وهذا ما يجعلهم عادة يشتاقون إلى وجباتهم المفضلة في الوطن، لذلك وبمجرد عودتهما، لن يكونا مضطران لتناول قائمة الطعام المحدودة نفسها التي كانوا يتناولانها في الفضاء، وبمجرد هبوطهما على الأرض وخروجهما من كبسولة الفضاء، عادة ما يتم إعطاؤهما قطعة من الفاكهة أو الخيار لتناولها مع البدء بإجراء الفحوصات الطبية الأولية لهما.
- بعد العودة يأتي الترميم
من المرجح أنك قد سمعت بعبارة “استخدمها وإلّا ستفقدها” من قبل، ولكن قد لا تكون تعرف بأن هذه المقولة تنطبق تماماً على عضلات رواد الفضاء وعظامهم أيضاً، فالعضلات والعظام يمكن أن تتقلص في البيئة منعدمة الجاذبية، فعلى الرغم من أنه وأثناء وجودهم في الفضاء يقوم رواد الفضاء باتباع نظام تدريبات قلبية مخصصة لمحاربة هذه الآثار، ويقومون باستئناف تدريبات القوة والترميم بمجرد عودتهم إلى الأرض، إلّا أنهم يشاركون أيضاً في اختبارات الميدان فور هبوطهم، واختبارات وظائف المهام التي سيجريها كيلي وكورنينكو بمجرد عودتهما مرة أخرى في مركز جونسون للفضاء التابع لناسا هي التي ستقيّم مدى استجابة جسم الإنسان للعيش في بيئة من انعدام الجاذبية لفترة طويلة، وفهم مدى تعافي رواد الفضاء بعد الرحلات الفضائية الطويلة الأمد هي جزء مهم في التخطيط للبعثات إلى الفضاء السحيق.
- دراسات التوائم جعلت الباحثين يكتشوف التغيرات بشكل مزدوج
أحد الجوانب الفريدة التي تتميز بها مشاركة كيلي في بعثة العام الواحد هو أن لديه شقيق توأم متطابق معه يدعى مارك، وهو رائد فضاء سابق، وقد كان لكلا الشقيقين دور في مجموعة من الدراسات التي استخدمت مارك كشكل من أشكال المجموعة الضابطة الإنسانية على الأرض خلال فترة وجود سكوت لمدة عام في الفضاء، والجدير بالذكر أن دراسة التوائم تتألف من 10 دراسات مختلفة ومتناسقة معاً يتم خلالها تبادل جميع البيانات وتحليلها كفريق واحد كبير ومتكامل من البحوث، وجميع الدراسات تركز على علم وظائف الأعضاء البشرية، والصحة السلوكية وعلم الأحياء المجهرية والجزيئية، كما أن دراسة التوائم هي تعاون وطني متعدد الأوجه بين التحقيقات في الجامعات والشركات والمعامل الحكومية.
- ستساعد المهمة على تحديد الخطوة التالية
سيساعد الإنتهاء من مهمة السنة الواحدة وأبحاثها في توجيه العلماء نحو الخطوات التالية في التخطيط للبعثات الطويلة الأمد في الفضاء السحيق والتي ستكون ضرورية لتمكين البشر من الذهاب إلى أماكن جديدة في النظام الشمسي، كما أن المهمة التي شارك فيها كل من كيلي وكورنينكو ستساعد في اتخاذ القرارات التي تتعلق بالتخطيط لمستقبل إرسال المزيد من البعثات الطويلة الأمد، سواء كانت على متن محطة الفضاء الدولية، أو إلى مكان في الفضاء السحيق حول مدار القمر، أو في المهمة إلى المريخ.