مع الأحداث المتتالية والاكتشافات التي بدأنا منذ فترة بسماعها في مجال الفضاء، يبدو بأن الوقت قد أصبح مناسب للتفكير في الوكالة التي تقوم بمحاولة الوصول إلى جميع هذه لاكتشافات، ومعرفة بعض الأشياء عنها.
هل تعلم مثلاً أن (نيل أرمسترونغ)، الذي كان أول إنسان يمشي على سطح القمر، سلم أوراقه إلى وكالة ناسا بعد أسبوع من انقضاء المهلة المحددة لذلك، ولولا أن صديق له قام بدس ورقته بين كومة الأوراق، لكان قد تم رفضه؟ أو أن وكالة الفضاء لم تعد تمتلك أشرطة الفيديو الأصلية التي تظهر الهبوط الأول للإنسان على القمر لأنها سجلت عليها؟ لا عجب أن الكثير من الأشخاص لا يصدقون بأن هذا قد حدث.
معظم الأشخاص لا يعرفون ما يفعله العاملون في ناسا في اليوم العادي، أو حتى ما يفعلونه في يوم غير عادي، فهناك الكثير من الغموض الذي يكتنف العديد من أوجهها، فالعالم يحتفل معهم بإنجازاتهم (مثل بعثات أبوبو الفضائية) ويتذكرونهم لفشلهم (مأساة تحطم تشالنجر)، ولا يعرفون الكثير عما يحدث غير ذلك، فماذا يفعل هؤلاء الأشخاص إلى جانب بناء الصواريخ؟ وهل تلك الصواريخ جيدة؟ وهل كل هذه الخرافات والأساطير التي نسمعها عنهم صحيحة؟
- بدأت ناسا كمنظمة للجيش
في سبيل السعي البشري للمعرفة، واتباع روح المغامرة والاستكشاف تتلقى ناسا الدعم المادي لصنع ابتكارات مدهشة تمكنها من استكشاف الكون من حولنا والذهاب إلى وجهات جديدة، ولكن إلى جانب هذه الأمور، يبدو بأن الأموال تصرف على أشياء أخرى أيضاً، مثل بناء المزيد من الدبابات والصواريخ والأسلحة النووية، التي تستخدم فقط للموت والدمار، ففي الواقع، وعلى الرغم من أن ناسا هي الآن من الناحية التقنية عبارة عن منظمة علمية إلا أنها تقوم بين الحين والآخر بابتكار بعض الأسلحة، وهو أمر خارج عن اختصاصها، فخلال الأيام الأولى كانت هذه المنظمة من منافسي (DARPA)، وكالة مشاريع بحوث الدفاع المتقدمة التي لا تفعل شيئاً سوى صنع الأسلحة، ولفترة من الزمن كانت ناسا الوكالة المتميزة في تصميم الصواريخ للأغراض العلمية والعسكرية، وكانت اختراعاتها تساعد على إرسال كل من رواد الفضاء والقنابل في جميع أنحاء الكون والعالم، ولكن في نهاية المطاف بدأ وهج الوكالة يخف وتحولت جميع العقود المربحة لتصبح بين يدي (DARPA) ووكالة الأمن القومي، وهذا كان جزئياً السبب الذي جعل تمويلها ينخفض كثيراً وجعل الانتباه يتحول عنها لفترة من الوقت.
- هناك أشخاص يتقاضون رواتبهم في ناسا مقابل عدم فعل أي شيء
من المؤكد أن وكالة ناسا تنفق المال على أشياء غريبة، وفي الآونة الأخيرة جاء أحد أغرب اقتراحاتها لإنفاق المال في شكل دراسة الراحة في الفراش، حيث تم تقديم عمل محتمل لأشخاص سيتقاضون 18000 دولار (حوالي 11,000 يورو) لعدم القيام بأي شيء، حتى أنهم لا يريدون لهم أن يتحركوا لمدة سبعين يوماً، غير أن المشاركين سيكون بإمكانهم القراءة ومشاهدة التلفزيون، واتخاذ دروس أو حتى الاستمرار في وظائفهم العادية، طالما أنهم لن يتحركوا خارج حدود السرير، فالبقاء في السرير هو الجزء الأساسي، وذلك كله كي تستطيع الوكالة الفضائية دراسة آثار الرحلات الفضائية الطويلة الأجل على جسم الإنسان، مثل تلك الرحلات الطويلة إلى المريخ أو الكواكب البعيدة الأخرى.
- أرسلوا الكثير من الأشياء الغريبة إلى الفضاء
كوكا كولا وبيبسي هي في الواقع أكثر الأشياء العادية التي تم أخذها إلى الفضاء خلال مهمات ناسا، فعلى مدى عقود ومنذ أول إنطلاقة ناجحة لناسا إلى الفضاء، تم أخذ جميع أنواع الأشياء الغريبة إلى هناك، وذلك لأسباب مختلفة، فقد تم أخذ الكثير من القطع التذكارية الرياضية، مثل القمصان والبلوزات المتعددة، بما في ذلك مجموعة من قمصان اتحاد كرة القدم الأميركي، بالإضافة إلى مجموعة من أعلام بداية ناسكار وبعض التراب من استاد يانكي.
من ناحية أخرى تم أخذ أشياء لا تمت للرياضة بصلة، فمثلاً لجعل الجمهور، والأطفال خاصة، مهتمين بالسفر إلى الفضاء، تم أخذ لعبة باز يطير إلى المحطة الفضائية الدولية في عام 2008، ولكن ربما أغرب الأشياء التي تم جلبها في مكوك الفضاء كانت رماد صانع ستار تريك (جين رودينبير)، حيث تم وضعه في علبة صغيرة وإرساله إلى الفضاء الخارجي، حيث دارت العلبة حول الأرض 160 مرة قبل أن تعاد للمكوك.
- رواد الفضاء لا يمكنهم الحصول على تأمين على الحياة
حتى اليوم ما يزال السفر إلى الفضاء عملاً محفوفاً بالمخاطر، لذلك تخيل مدى التوتر الذي كان يعاني منه رواد الفضاء في بعثة أبولو 11، والتي كان من المتوقع أن تقوم بأول هبوط لها على القمر باستخدام تكنولوجيا كانت تعتبر متطورة بالنسبة لعام 1969، ولكن في الوقت الذي كانت فيه ناسا تميل لأن تكون متفائلة إلى حد ما، كان هناك إمكانية حقيقية جداً لألا تصل البعثة إلى الوجهة، وإن تم ذلك، كان هناك تحدٍ إضافي يتمثل بعودة الجميع إلى الأرض وهم قطعة واحدة.
مع كل هذا الشك في سلامة رواد الفضاء، أصبح هناك صعوبة في حصولهم على تأمين على الحياة، وفي الواقع كان من المستحيل لكل من (نيل أرمسترونغ) و(باز الدرين) أو (مايكل كولينز) الحصول على أي عقد من شركات التأمين، والأسوأ من هذا هو أن ناسا لم تغطيهم أيضاً.
- العلماء في ناسا قاموا بوضع جميع أنواع الحيوانات في بيئة منعدمة الجاذبية
كل من وكالة ناسا ونظيرتها الروسية تمتلكان سمعة سيئة لمحاولاتهما الأولى في الرحلات الفضائية، حيث قاموا بإرسال الحيوانات بدلاً من رواد الفضاء البشر، والاتحاد السوفياتي على وجه الخصوص يمتلك بعض الأمثلة الشهيرة (مثل لايكا، الكلبة الشجاعة التي سافرت في جميع أنحاء الكون والتي تم إرسالها إلى الفضاء ولم تعد أبداً)، ولكن حتى بعد أن بدأت تجارب الإطلاق تصبح ناجحة، لم تنته التجارب على الحيوانات باسم استكشاف الفضاء، بل على العكس من ذلك، فمثلاً لمحاولة معرفة تأثير البيئة المنعدمة الجاذبية على الإنسان، قام الباحثون بإجراء العديد من الدراسات على الحيوانات، حتى أنهم أرسلوا الضفادع والطيور والثدييات والحشرات والأسماك ولكن دون جدوى، فقد اعتقدوا بأن الحيوانات التي تطير أو تلك التي تسبح، تتحرك بطريقة مختلفة عنا وبذلك قد تجد طريقة مناسبة للتأقلم مع البيئة منعدمة الجاذبية، ولكن النتائج أظهرت بأنهم جميعاً تصارعوا مع انعدام الجاذبية بنفس القدر.
- ناسا هي من ابتكر العدسات المقاومة للخدش
في عام 1972، قررت إدارة الأغذية والعقاقير بأن عدسات النظارات يجب أن تكون مقاومة للتحطم، وفي تلك السنة ذاتها ظهرت العدسات البلاستيكية، والتي كانت آمنة، ولكنها كانت أكثر ليونة وبالتالي أكثر عرضة للخدش، ولكن علماء وكالة ناسا، الذين كانوا يعملون على تطوير نوع من البلاستيك للخوذات الفضائية، استطاعوا في نهاية المطاف صناعة ما يلزم لعلاج هذه المشكلة، وبهذا أصبح لدينا عدسات نظارات مقاومة للخدش.
- مكوكاتهم متسخة للغاية
نحن نميل لتصور مكوك الفضاء بالطريقة التي تريدها منا ناسا بالضبط، عظيم، براق، وكبير، أي بمعنى آخر، نتخيله ليكون جميلاً ونظيفاً وبراقاً وأبيضاً، كما لو كان قد تم تصميمه من قبل شركة آبل أو شيء من هذا القبيل، ولكن تبين بأن غالبية المكوكات الفضائية تمتلك قواسم مشتركة أكثر مع سيارات اللاند روفر التي لم يتم تنظيفها منذ أكثر من ثلاثين عاماً مما تمتلكه مع السيارات الرياضية التي يعتني بها مالكها وينظفها يومياً.
يمكن القول بأن المكوكات الفضائية، وخصوصاً ديسكفري، قذرة جداً، بل ومقرفة جداً، وهذا الأمر يبدو منطقياً نوعاً ما، فإذا ما نظرنا لكمية الأوساخ التي يمكن أن تتراكم على السيارات جراء جولة واحدة بها في جميع أنحاء المدينة، فتخيل عدد الحشرات التي يمكن أن تلتصق على الزجاج الأمامي خلال عملية إطلاق الصواريخ.
- ناسا اخترعت كاميرات الهواتف الخليوية
في هذه الأيام، ليس من المستبعد أن نفترض أنك تستخدم هاتفك لالتقاط الصور أكثر من استخدامه لإجراء المكالمات، ولهذا الإختراع يمكنك أن تشكر وكالة ناسا، حيث تشير التقديرات إلى أن نحو واحد من كل ثلاث كاميرات توجد في الهواتف الذكية تستخدم تقنية مصممة أصلاً لبرنامج الفضاء، فرواد الفضاء بحاجة لأن يكونوا قادرين على التقاط صور رقمية عالية الجودة من الفضاء، لكنهم لا يريدون الاعتماد على المعدات الثقيلة، وهذا ما أدى إلى تطوير ابتكارات مثل أجهزة استشعار CMOS، والتي سمحت لناسا بتزويد المركبات الفضائية بكاميرات صغيرة ولكن يمكنها التقاط صور عالية الجودة.
- فئران الكمبيوتر
إلى حين حصول الجميع على الواجهات التفاعلية، ستبقى فأرة الكمبيوتر الطريقة الأكثر شيوعاً لاستخدام أجهزة الكمبيوتر الشخصية، ولكن ما لا تعلمونه هو أن هذه التقنية وجدت بفضل ناسا، فمع ازدياد إدخال أجهزة الكمبيوتر إلى تطبيقات الرحلات الفضائية، أصبحت الأموال تتوجه لتمويل مشاريع يمكن أن تجعل استخدامها أكثر تفاعلية وسهولة وكانت النتيجة “فأرة الكمبيوتر”.
- الطائرات المقاومة للجليد
الجليد والطائرات أمران لا يختلطان على الإطلاق، وقد ساعدت وكالة ناسا أيضاً في حل هذه المشكلة وإبقائنا جميعاً بأمان في السماء، وذلك عن طريق وضع عدد من الحلول الإلكترونية للطائرات التي تواجه مخاطر الجليد، مثل تسخين الأسطح الأمامية للأجنحة، ولكن ما لا يعلمه الكثيرون هو أن التقنيات التي أتت من هذه الجهود أصبحت تستخدم الآن على كل شيء، بدءاً بالطائرات التجارية للطائرات الصغيرة ذات المحرك الواحد.