أصبحت شركة (سبيس اكس) –التي تم إنشاؤها من قبل رجل الأعمال (إيلون موسك)- في عام 2008، الشركة الخاصة الأولى من نوعها التي تقوم برحلات إلى مدار الأرض، ومنذ ذلك الحين، بدأت الشركة تقوم بشكل دوري بإطلاق مركبات الشحن غير المأهولة الى محطة الفضاء الدولية (ISS)، واستطاعت الفوز بعقد مع وكالة ناسا لإرسال رواد فضاء كذلك ابتداءً من بداية عام 2017، وعلى الرغم من أنها عانت من انتكاسات كارثية كبيرة في شهر حزيران الماضي عندما انفجر صاروخها المتجه إلى محطة الفضاء الدولية، مما تسبب بزعزعة الثقة بالشركة ككل، إلّا أنها في 21 كانون الأول، استطاعت استعادة سمعتها بعد أن تمكن موسك من إطلاق حمولة مؤلفة من مجموعة من الأقمار الصناعية إلى المدار ومن ثم استعادة المرحلة الأولى من صاروخه (فالكون 9)، الذي هبط في وضع مستقيم، بقوة محركاته الخاصة، على بعد ستة أميال فقط من منصة إطلاقه في كانافيرال، وكانت هذه المرة الأولى التي يستطيع فيها أي أحد تصنيع مرحلة صاروخ أولى قابلة للاسترداد، وإعادة الاستخدام، مما سيكون وسيلة لتقليل تكاليف عملية إرسال الحمولات ورواد الفضاء من وإلى الأرض.
إقرأ أيضا
فشل من بعد نجاح: إنفجار فالكون 9 بعيد هبوطه على منصته البحرية
وكالة ناسا تمنح (SpaceX) صلاحية نقل رواد الفضاء إلى الفضاء في عام 2017
التاريخ يُصنع: صاروخ سبيس إكس يهبط بشكل عامودي بعد إطلاقه إلى الفضاء
على اعتبار أن شركة سبيس إكس أصبحت ربما أهم الشركات الخاصة الفضائية، نقدم لكم هنا 10 أمور أخرى من المحتمل بأنكم لا تعرفونها حول هذه الشركة العظيمة.
1. من هو ايلون موسك ولماذا يبني الصواريخ؟
موسك، الذي ولد في عام 1971 في جنوب أفريقيا، هو رجل أعمال يحمل شهادة في مجال التجارة والفيزياء من جامعة بنسلفانيا، وهو يقوم ببناء الصواريخ لأنه قرر ذلك فحسب، فـ(سبيس اكس) ليست أول مشروع يقوم به موسك، حيث أنه بدأ حياته المهنية بإنشاء شركة برمجيات ويب، (Zip2)، مع أخيه في عام 1995، وبعد بيع الشركة لـ(كومباك)، شارك موسك في تأسيس شركة خدمات مالية عبر الإنترنت، تدعى (X.com).
ولكن سرعان ما اندمجت هذه الشركة مع (Confinity)، لتتجول إلى (Paypal)، وهذا ما جعله يصبح المؤسس المشارك لشركة خدمة الدفع الرائدة على الإنترنت، كما أنه وبحلول ذلك الوقت، كان موسك قد جمع ما يكفي من المال للقيام بكل ما يريد.
ومنذ ذلك الوقت قام موسك بتأسيس شركة (تسلا موتورز) و(سولر سيتي)، وعلى الرغم من أنه لا يمتلك أي معرفة رسمية في مجال الصواريخ، إلّا أنه يمتلك معرفة واسعة بأسواق العمل، لذلك وبعد أن لاحظ الفجوة التي كانت ناسا تعاني منها في مجال إطلاق المركبات الفضائية إلى مدار الأرض المنخفض، قفز بذكاء في عام 2002 لاستغلال تلك الفجوة، وأسس شركته التي دعيت بـ(Space Exploration Technologies Corporation) أو(سبيس اكس) ودخل في المنافسة مع الشركات الأخرى التي كانت تعمل في هذا المجال.
- ما الذي يميز (سبيس اكس) عن الشركات الأخرى؟
سجلت شركة (سبيس اكس) عنوانها الأول الرئيسي في عام 2010، عندما أصبحت أول شركة خاصة لإطلاق صاروخ بضائع إلى المدار وإعادته إلى الأرض مرة أخرى دون أضرار، وهو شيء كانت الوكالات الحكومية مثل وكالة ناسا أو روسكوزموس الروسية قد استطاعت فعله من قبل، أما هبوط المرحلة الأولى من صاروخ (فالكون 9) بشكل مستقيم في 21 كانون الأول من عام 2015 لأول مرة بعد وصوله إلى مدار الأرض، فقد كان إنجازاً لم يسبق شركة (سبيس اكس) إليه أحد، وذلك على الرغم من أن صاروخ شركة (Blue Origin)، الذي يمتلكه مؤسس (أمازون) جيف بيزوس، قد استطاع الإنطلاق إلى حافة الفضاء والهبوط مرة أخرى على الأرض بشكل مستقيم قبل صاروخ شركة (سبيس اكس)، لكن الرحلة لم تبلغ المدار.
- ما الذي يميز صورايخ شركة (سبيس اكس)؟
تبعاً لما أشارت إليه شركة (سبيس اكس)، فإن بإمكان صاروخ (فالكون 9) حمل أكثر من 10,000 كيلوغرام، وهو يمتلك 9 محركات، وحالياً يجري تصنيع صاروخ أكبر، سيدعى (Falcon Heavy)، وسيستخدم 27 محركاً، سيتم وضعها في ثلاث مجموعات، كل مجموعة ستتألف من 9 محركات، لتمكين الصاروخ من حمل بضاعة أثقل إلى المدار، كما أن حوالي 80% من قطع الغيار التي يتم استخدامها في أي صاروخ من صواريخ (سبيس اكس) تُنتج في مصنع الشركة، وهذا يقلل من تكلفة التصنيع ويجعل سعر نقل الرطل الواحد بأقل تكلفة ممكنة بالنسبة لناسا.
قامت الشركة أيضاً بتصميم مركبة فضائية، تدعى (Dragon)، خصيصاً لإطلاق (فالكون 9)، وقد تم إعداد (Dragon) لاستيعاب سبعة رواد الفضاء، لكنها تستطيع أيضاً حمل أقل من هذا العدد، وهذا ما سيكون عليه الأمر على الأغلب، وبهذا ستكون أول مركبة فضائية تجارية لإرسال البشر إلى الفضاء!
الجدير بالذكر أيضاً، بأنه، وتبعاً لموسك، فإن اسم فالكون مأخوذ من المركبة الفضائية (Millennium Falcon)، التي تظهر في سلسلة أفلام حرب النجوم، أما المركبة (Dragon) فقد تم تسميتها تيمناً بأغنية ((Puff the Magic Dragon
- محطة الإطلاق الخاصة
بدأت الشركة ببناء منصتها الخاصة في عام 2014 في ميناء فضاء (سبيس اكس) الجديد الذي يقع في جنوب ولاية تكساس، فوفقاً لتصريحات المسؤولين، الحصول على منصة إطلاق خاصة يمكن أن يعطي (سبيس اكس) الحرية التي تحتاجها لتكون أكثر ابتكاراً واستقلالية، حيث سيكون بمقدور الشركة تصميم وتوسيع أي مشروع تريده، بما في ذلك إطلاق الرحلات إلى المريخ، وعلى الرغم من أن شركة (سبيس اكس) قد عملت بشكل وثيق مع وكالة ناسا التي ساعدتها في خطط الإطلاق، مما ساعدها بالتأكيد على الابتكار، إلّا أن وجود منصة إطلاق خاصة بها سيسمح للشركة بتوسيع عملياتها بدون أي حدود.
- رحلات (سبيس إكس) البشرية لعام 2017
استخدمت الشركة المركبة الفضائية (Dragon) حتى الآن لإرسال البضائع فقط بدون البشر إلى المحطة الفضائية الدولية، إلّا أن (Dragon) تم تصميمها لتتمكن من نقل البشر أيضاً، ولكن على الرغم من أن السفينة قد أثبتت بالفعل جدارتها في مجال الرحلات الفضائية الأساسية، غير أنه سيكون عليها قطع شوط طويل قبل أن يثبت نظام دعم الحياة فيها جدارته أيضاً، والجدير بالذكر أنه قد تقرر البدء في استخدام رحلات كل من (سبيس اكس) و(بوينج) لحمل طاقم ناسا إلى محطة الفضاء الدولية في عام 2017، وقد سبق لوكالة ناسا تعيين رواد الفضاء الأوائل الذين سوف يتم نقلهم في السفن الجديدة، ولكن مع ذلك، فإن الموعد الذي تم تحديده في 2017 قد يتغير، وخاصة بعد انفجار صاروخ (سبيس اكس) الحامل للبضائع في حزيران الماضي خلال إطلاقه، وحتى مع النجاح الذي تحقق للشركة من خلال استعادة المرحلة الأولى من (فالكون 9) بحالته السليمة، فما يزال عليها القيام بسلسلة من عمليات الإطلاق الجيدة للتعويض عن ذلك الإنفجار الكارثي.
حالياً، تعمل الشركة على إجراء سلسلة من الإختبارات بما في ذلك اختبار محاكاة إجراءات الطوارئ لإخلاء رواد الفضاء بأمان في حال وقوع أي مشاكل في الإطلاق، وهو يتضمن إرسال دمى مجهزة بأجهزة استشعار لاسلكية، للحصول على كافة المعلومات الضرورية وإخراج الدمى في الوقت المناسب، وقد كان الاختبار ناجحاً، حيث تم إلقاء الدمى بسلام في الماء، وتدعي (سبيس اكس) بأنها سوف تستخدم هذه البيانات في إجراء اختبارات مستقبلية قبل أن إرسال أشخاص حقيقين إلى الفضاء، فإذا كانت تخطط لإطلاق رحلة إنسانية خلال العامين المقبلين، يجب على الشركة أن تشعر بالثقة إلى حد ما حول بياناتها الحالية.
- كيف يبدو مركز مراقبة بعثات (سبيس اكس)؟
يقع مقر (سبيس اكس) في هوثورن، كاليفورنيا، وهو يشبه ذلك المطبخ الصغير الذي يحتوي عليه كل مكتب، ولكنه أفضل بكثير، أما منطقة إطلاق الصواريخ فهي تشبه إلى حد كبير تلك المنطقة التي توجد بجوار المطبخ والتي يتجمع فيها الموظفون ليتحدثوا قبل أن يعودوا إلى مكاتبهم، فمبنى (سبيس اكس) هو عبارة عن منشأة صناعية مترامية الأطراف، مؤلفة من طابق واحد، كان المبنى يستخدم في الأصل كمصنع لشركة بوينغ لصناعة أجسام الطائرات، وقد استولت (سبيس اكس) عليه وحولته إلى ميناء فضائي جامع لكل شيء، وتم تخصيص العديد من آلاف الأقدام المربعة للمقصورات، لذلك لا أحد تقريباً في (سبيس اكس)، بما في ذلك موسك، يمتلك مكتب بأبواب، وفي زاوية متاخمة وراء جدار زجاجي عالي، يوجد مقر مراقبة البعثات، حيث يجتمع العمال لمشاهدة انطلاق الصواريخ واستعادتها.
- هل شركة (سبيس اكس) رابحة؟
من الصعب تحديد ذلك، وخاصة على اعتبار أن الشركة هي تابعة للقطاع الخاص، وهو ما يعني أن دفاترها التجارية ليست مفتوحة للتفتيش، ولكن تبعاً للاعتقاد السائد بين معظم المحللين، فإن (سبيس اكس) يجب أن تكون قد استطاعت الحصول على الكثير من المال، حيث أنها تمتلك عقد بقيمة 4.2 مليار دولار من وكالة ناسا وحدها، وقد نجحت مؤخراً في كسب عقد مع البينتاغون، مما يعني كسب المزيد من العائدات، وكل هذا بالإضافة إلى عقودها لإطلاق الأقمار الصناعية الخاصة، والتي تبلغ قيمتها حوالي 7 مليارات دولار، وهذا يعني الكثير بالنسبة لشركة تعتمد بدخلها بشكل رئيسي على إطلاق الأقمار صناعية نحو الفضاء بحوالي ثلث تكلفة الشركات القديمة، مما يتيح مجالاً كبيراً للحصول على الكثير من الأرباح.
- لماذا فشلت عملية إطلاق صاروخ فالكون في شهر حزيران الماضي؟
تخيل بأن الصاروخ هو عبارة عن بيضة، أو بشكل أكثر تحديداً، قشرة بيضة، وبأن الوقود هو البياض والصفار فيها، عندها وإذا علمت بأن وزن صاروخ (Saturn V )، أكبر صاروخ تم تصنيعه على الإطلاق، كان 6,500,000 رطل، عند الإطلاق، وأن 5.5 مليون رطل منها كانت تعود لوزن الوقود، فإن هذا يجعل الصاروخ في الأساس أشبه بقنبلة تم تصميمها لتنفيذ تفجير متحكم به، ولكن القوى التي تؤثر على الصاروخ عند إطلاقه –بما في ذلك القوى الكيميائية، والفيزيائية، وسرعة ومقاومة الهواء – يمكن أن تكون مدمرة بشكل هائل، ومن خلال التحكم بهذه العوامل فقط، يمكن لإطلاق أي صاروخ أن يكون ناجحاً، أما الانفجار الذي تعرض له صاروخ (سبيس اكس) في حزيران الماضي، فيعتقد بأنه ناجم عن خلل في التبخر في المرحلة الثانية من الصاروخ، وهذا يؤدي إلى تحرر حاويات الضغط العالي التي تحتوي على الهليوم، لتنطلق وتحطم بدورها الخزانات القريبة منها والتي تحتوي على الأكسجين السائل.
وصفت الشركة هذه النتائج على أنها “حادثة ضغط زائد”، ما يعني أساساً بأن كل شيء قد انفجر، وعلى الرغم من أن هذه الأمور تحدث حتماً في مجال الرحلات الفضائية، ولكن الشيء الصحيح الآخر أيضاً هو أنه لا يمكن لشركة الاستمرار في هذا المجال إن لم تستطع تقليص هذه الحوادث.
- من هم منافسو موسك الرئيسيين؟
هناك العديد من المنافسين لموسك، مثل بوينغ التي تبني مركبتها الفضائية (CST-100) لتحلق حاملة البعثات إلى محطة الفضاء الدولية، وكذلك شركة (Orbital Sciences)، وهي الشركة التي تشارك (سبيس اكس) في عقد نقل البضائع إلى محطة الفضاء الدولية، و(ULA)، وهي شريكة مؤلفة من شراكة بين شركة لوكهيد مارتن وبوينج، ويخوض موسك حالياً حرباً ضدها للحصول على جزء من أعمال وزارة الدفاع، ويوجد شركات أخرى كثيرة أيضاً تنافس موسك، مثل جيف بيزوس صاحب منشأة (Blue Origin)، الذي بدأ يعتبر نفسه أيضاً بأنه لاعب كبير في هذا المجال، وذلك بعد أن استطاع جعل صاروخ تابع له يهبط أيضاً بشكل مستقيم بعد أن وصل إلى المنطقة القريبة من مدار الأرض، ولكن المنشأة لا يزال أمامها أيضاً طريقاً طويلاً لتقطعه قبل أن تدخل في مجال نقل المسافرين أو الحمولات.
- (سبيس اكس) ورحلات البشر إلى المريخ
يمكن القول بأن هدف موسك الأساسي هو إرسال البشر إلى المريخ، حيث أنه يدعي بأن قادر على إرسال الركاب البشريين إلى هناك مقابل أقل من 500,000 دولار لكل مقعد، ولكن قد تكون ادعاءاته مبالغاً فيها من هذه الناحية، حيث أن قوانين الاقتصاد قد تكون أصعب للتغلب عليها من قوانين الفيزياء، وحتى الآن، لم يتم التغلب على أي منهما حتى تصبح مهمة الذهاب إلى المريخ حقيقة واقعة، ولكن حالياً تعمل ناسا و(سبيس اكس) على التخطيط لإرسال بعثة إلى المريخ باستخدام (Falcon Heavy) للبحث عن حياة على المريخ، وفي حال نجاحها، يمكن أن تجعلنا هذه البعثة أقرب بخطوة واحدة لإرسال الأشخاص على المريخ.
على الرغم من أنه قد تم بالفعل مباشرة تطوير المحركات للوصول إلى المريخ قبل بضع سنوات، ولكن التقديرات تشير إلى أن المركبات، وناقلات المستعمرة المريخية، لن تكون جاهزة قبل وقت ليس بالقصير، والتقديرات تشير إلى أن الرحلة ستكون في وقت ما في عشرينيات هذا القرن، ولكن لا يزال هناك الكثير من الأعمال التي ينبغي القيام بها قبل ذلك، وبمجرد أن تصبح المحركات والمركبات جاهزة، سيكون هناك بالتأكيد سنوات من الاختبارات قبل أن نتمكن من إرسال رواد الفضاء بثقة إلى الكوكب الأحمر.