لم يعد لدي الأرض الكثير مما تفخر به من أنواع الكائنات الحية، لاسيما تلك الفقاريات التي طالما قطعت الفيافي وجالت في الأحراش والغابات وشقت صفحة الماء في لجج البحار والمحيطات،في صخب ظنه البعض سرمديا إلي قيام الساعة، لكننا اليوم حين نتلفت حولنا نجد أن مئات الأنواع الفريدة والثمينة من الحياة الحيوانية قد فارقتنا إلى الأبد في القرن الماضي فقط . وبحسب تحذيرات العلماء والباحثين، تشهد الأرض الآن واحدا من عصور الانقراض الجماعي ، لكن وبحسب دراسة حدييثة يبدو ان الأسوأ لم يأت بعد.
عصر إنقراض جماعي، كلاكيت سادس مرة
السيناريو الأكثر رعبا في ظاهرة الانقراض الجماعي التي تجري حاليا على الأرض، هو درجة التسارع التي تتم بها، فالبرغم من أن القرن العشرين قد شهد اختفاء عدد كبير من الفقاريات، إلا أن العلماء يحذرون من أن ما استغرق في الماضي قرنا من الزمان، ربما يتكرر بصورة أكثر ضراوة خلال عقدين من الزمان.
الوضع الآن اصبح شبيها بتساقط قطع الدومينو ، فمع سقوط كل قطعة جديدة، تصبح الآثار السلبية على الأنواع المتجاورة أكثر خطورة من أي وقت مضى، ومع عدم استقرار النظم البيئية ستتهاوي شبكات الغذاء الضعيفة مما يجعل البقاء على قيد الحياة لأي نوع – بما في ذلك البشر – خيارا غير مضمون بصورة كبيرة.
يوضح عالم البيئة جيراردو سيبالوس من الجامعة الوطنية المستقلة في المكسيك: ” مصير ملايين الأنواع الموجودة علي الأرض ، سوف يتحدد بصورة كبيرة خلال العقدين المقبلين، وبالدرجة الأولى من خلال طريقتنا في التعاطي مع أزمة الانقراض الحالية ” .
الصدمة الأولى
“ينحن الآن على ثقة من أن معدلات الانقراض الحديثة مرتفعة بشكل استثنائي ، وأنها في تزايد ، نحن الان نعيش عصر الانقراض الجماعي – السادس من نوعه في تاريخ الأرض الذي يبلغ 4.5 مليار سنة” فاد سيبالوس
الصورة تزداد قتامة
الآن ، عاد Ceballos ومعاونوه مع دراسة أخرى ، ولم تعد رؤاهم الجديدة أكثر تفاؤلاً، هذه المرة ، يقول الباحثون أنه ربما شهدت الدراسات السابقة نوعا من التهوين من شأن معدلات الانقراض في قادم الأيام، نحن نشهد اليوم معدلات متسارعة لانقراض الفقاريات اومن المتوقع أن تزداد حدتها في المستقبل
اعتمد الباحثون في دراستهم الجديدة علي بيانات بيانات القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN) للأنواع المهددة ومنظمة Birdlife International لفحص مجموعات الحيوانات الفقارية التي تعتبر على حافة الانقراض ، حيث فقدت معظم نطاقها الجغرافي ، ولا يتجاوز عدد كل نوع منها 1000 فرد في جميع أنحاء العالم، فإن 1.7 في المائة من أنواع الفقاريات الأرضية التي تم تقييمها – 515 نوعًا إجمالًا – تتناسب مع هذا الوصف ، نصفهم علي الأقل لا يتجاوز عدد أفرادها 250 فردا.
هناك 388 نوعًا إضافيًا أفضل حالًا – حيث يتراوح عدد أفرادها ما بين 1000 و 5000 فرد – لكن الفريق يقول أن 84 في المائة من هذه الحيوانات تعيش في نفس المناطق التي تعيش فيها ال 515 نوعًا على حافة الانقراض ، مما يشير إلى أنها من المحتمل أن تتعرض. لنفس التهديدات الجغرافية ، من حيث تدهور النظم البيئية الغير مستقرة نتيجة تعطيل سلاسل الغذاء ، وقطع الغابات ، والتلوث ، أو غيرها من الضغوط البشرية الأخرى التي لا تعد ولا تحصى.
وكتب الباحثون: “بفعل التفاعلات البيئية فإن وجود أنواع على حافة الهاوية سوف يدفع حتما الأنواع الأخرى نحو االإنقراض بدورها – فالانقراض يولد الانقراضات” .
“سلاسل الانقراض” ، الناجمة عن فقدان بعض الأنواع الرئيسية داخل النظم البيئية ، هي ظاهرة معروفة في علم البيئة ، ولأن العديد من أنواع الحيوانات على وشك أن تكون على حافة الانقراض ، يمكن أن يحدث الانقراض الجماعي في وقت أقرب مما كنا نتوقع ، لأنه عندما تتعرض مجموعات الحيوانات لضغوط بيئية متزايدة حينها لن تستمر طويلًا .
وبحسب ما افادت به الدراسة “فقدت الأرض 94 في المئة من عدد أفراد 77 نوعا من الثدييات والطيور المهددة بلإنقراض في القرن الماضي”
هل من امل؟
يقول الباحثون إن الوقت لم يفت بعد لإبطاء زتيرة الإنقراض ، إذا اتخذنا إجراءات لتخفيف الضغوط البشرية على المحيط الحيوي. يمن خلال تنفيذ حظر واسع النطاق على تجارة الأنواع البرية ، وتقليل معدلات قطع الغابات ، والاعتراف بجميع مجموعات الحيوانات التي تقل عن 5000 فرد بأنها مهددة بالانقراض،
الامر هنا لا يتعلق بمصير الحيوانات فقط بل بمصير البشرية أيضا يقول أحد الباحثين ، عالم الأحياء بول إرليتش من جامعة ستانفورد: “عندما تقتل البشرية مجموعات وأنواع المخلوقات الأخرى، وتدمر الأجزاء العاملة من نظام دعم الحياة الخاص بنا فإنها تقذف بنفسها في الهاوية دونما دعامة تستند إليها ” .
“إن الحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض يجب أن يرتقي إلى حالة طوارئ وطنية وعالمية للحكومات والمؤسسات ، مساوية لاختلال المناخ الذي يرتبط به”.
في هذه الملاحظة ، يتفق علماء آخرون على أنه من الممكن التخفيف من هذه المشكلة الضخمة – التي يقول الفريق أنها على الأرجح المشكلة البيئية الأكثر إلحاحًا التي تواجه الكائنات الحية – ولكن فقط إذا عملنا حقًا على تحديد أولويات الإصلاح ، بدلاً من البحث في الاتجاه الآخر.
يقول عالم البيئة كريس جونسون من جامعة تسمانيا في أستراليا ، والذي لم يشارك في الدراسة: “يبدو الأمر كما لو كان ملهاة إريقية تجري أحداثها امام اعيننا ، نحن بالفعل نمتلك المعرفة لإنقاذ الأنواع من الانقراض، والقيام بذلك لن يكلف كثيرا إذا ماتن في سياق عالمي، وكع ذلك فإن مهمة كهذه لا تعطى أولوية كافية من قبل المجتمع والحكومات.”
المصدر