توفي الأسبوع الماضي عن عمر يناهز التسعين عاماً المهندس (بيتر جلاسر) الذي وضع أحد أروع الأفكار البشرية في مجال الطاقة النظيفة والغير محدودة، حيث طرح هذا المهندس أفكاره في عام 1968، أي قبل عام من إرسال (ناسا) لأول بعثة لها إلى القمر، وقامت مجلة Popular Science بوصف أفكار (جلاسر) في عددها الصادر عام 1972 بالآتي :
“تقوم خطة جلاسر على بناء مجموعة ضخمة من الخلايا الشمسية في مدار الأرض، تقوم هذه الخلايا بجمع أشعة الشمس، وتحويلها إلى تيار كهربي مستمر، ويمكن استعمال التيار المستمر لتشغيل محولات الطاقة الدقيقة (الميكروويف)، والتي بدورها تقوم ببث الإشعاع إلى الأرض، حيث يتم استقباله من قبل هوائي كبير وتحويله مرة أخرى إلى طاقة كهربائية”
وعلى الرغم من أن فكرة (جلاسر) تبدو مدهشة، ورغم أن التكنولوجيا الأساسية التي تحتاجها محطة الطاقة في مدار الأرض كانت موجودة بالفعل في ذلك الوقت، إلا أن أحداً لم يستخدم هذه التكنولوجيا في مشروع بهذه الضخامة، خاصة وأن المشروع بحاجة إلى مبالغ طائلة من المال، بما في ذلك إرسال نحو 500 رحلة مكوكية إلى الفضاء لتوصيل متطلبات المشروع، وقامت الحكومة الامريكية بدارسة الخطة وقدرّت أن تكلفتها تصل إلى 20 مليون دولار، و في نهاية المطاف، قرر الباحثون أن الخطة غير قابلة للتطبيق.
فكرة (جلاسر) التي لم يتم تطبيقها، تم تبنيها في عدة بحوث أخرى، فمثلاً قام الباحث (CPجيلمور) بطرح فكرة سميت بخطة (Meinel)، وهي بالمبدأ قريبة جداً من فكرة (جلاسر)، حيث تعتمد على بناء مجموعة واسعة من مزارع الطاقة الشمسية ضمن الصحراء، حيث تقوم هذه المزارع الشمسية بجمع الحرارة، واستخدامها لتوليد البخار وتشغيل توربينات توليد الكهرباء، وفي النهاية كان يأمل الباحث بأن يتم التوصل لبناء محطة توليد تنتج ما لا يقل عن مليون ميغاواط، علماً أن هذه الفكرة تم تطبيقها فيما بعد بمشروع (Ivanpah) لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية القائم في ولاية كاليفورنيا، إلا أن الفارق أن المشروع الأخير ينتج فقط 392 ميغاواط بدلاً من مليون ميغاواط التي كانت مقترحة في خطة (Meinel).
أخيراً، فقد مرت بحوث الطاقة الشمسية بعدة مراحل تطور منذ سبعينات القرن الماضي، حيث شملت التطورات زيادة كفاءة الخلايا الشمسية، وبناء أول مسكن في العالم يتغذى بالكامل من الطاقة الشمسية من قبل باحثين في جامعة ولاية ديلاوير.