هل تتخيل كم سيصبح من السهل التنقل مشياً على الأقدام من مكان إلى آخر بين الأسواق والمتاحف والتجول في المدينة كلها من دون تعب؟ حسناً يبدو أنك قد تستطيع فعل ذلك فعلاً من خلال هيكل خارجي غير مزود ببطارية ومصنوع من ألياف كربون يتم وضعه على الجزء السفلي من ساقك، حيث استطاعت مجموعة من الباحثين الأمريكيين مؤخراً تصميم هذا الجهاز الأنيق والبسيط والمؤلف من نابض وأسلاك وقوابض مثبتة على إطار من ألياف الكربون يمكنها أن تقلل من المجهود الذي يبذله الشخص للتحرك على قدميه.
وجد الباحثون أن هذه الآلة الميكانيكية يمكن أن تساعد على خفض الطاقة اللازمة للمشي بنسبة 7%، أي ما يعادل 4 كغ من وزن الجسم، وهذا يعني بأن هذا الجهاز هو – على الأقل بالنسبة للمتخصصين في الميكانيكا الحيوية- عمل فذ.
تبعاً لـ(ستيفن كولينز)، وهو المصمم الذي قام بتصميم وبناء الجهاز في جامعة كارنيجي ميلون في بيتسبرغ، فإن العضلات البشرية رائعة في الكثير من النواحي، فهي تنمو لتلبي احتياجاتنا، وتشفي نفسها إذا ما أصيبت، وتعمل على الوقود العضوي الذي يوجد في كل مكان من حولنا، ولكنها ليست فعالة بما فيه الكفاية، فعندما تعمل العضلات، تكون كفاءة تحويل الطاقة لديها تعادل حوالي 25%، وهو تقريباً ذات المقدار الذي يبذله محرك احتراق داخلي في السيارة.
لسنوات عديدة حاول المهندسون تصنيع هياكل خارجية تعمل بالطاقة لمساعدة الأشخاص على المشي والركض أو رفع الأشياء الثقيلة، ولكن جميع هذه المعدات كانت ثقيلة، فهي تستخدم المحركات أو الأنظمة الهيدروليكية، وتحتاج إلى البطاريات للعمل، لذلك فإن أهم ما يميز الهياكل الخارجية الغير مزودة بالطاقة هي أنها خفيفة، ولا تحتاج لإعادة شحن مستمر، ويمكن أن تكون غير مكلفة أيضاً.
إن الجهاز الذي قام (كولينز) بتصنيعه مع زملائه في جامعة ولاية كارولينا الشمالية، يلتف حول الساق من الأعلى وحول القدم من الأسفل، حيث يقوم النابض والأسلاك والمقابض بأداء ذات وظيفة العضلات والوتر العقبي، فعندما تلامس القدم الأرض، يقوم المقبض بتقييد حركة الأسلاك، مما يجعل النابض يمتد أثناء تحرك الشخص إلى الأمام، وعندما يرفع ذلك الشخص قدمه عن الأرض، تتحرر المقابض ويستريح النابض استعداداً للخطوة التالية، هذه العملية تخفف من الحمل الذي يضعه المشي على عضلات الساق، لذلك يقلل من كمية الطاقة التي يبذلها الشخص في المشي.
تبعاً لتقرير الباحثين حول الاختبارات التي تم إجراؤها على هذا الجهاز، والتي تم نشرها في مجلة (Nature)، فإن هذا الهيكل الخارجي استطاع تخفيض كمية الطاقة التي يبذلها الشخص على المشي بحوالي 4,6 وحتى 9,8%، أو ما متوسطه حوالي 7%، أي أنه استطاع التخفيف من الطاقة الإضافية المستخدمة في حمل وزن الهيكل الخارجي للجسم بحوالي 0.5 كغ عن كل ساق.
بحسب (كولينز) فإنك عند ارتداء الجهاز للمرة الأولى قد تشعر ببعض الغرابة، ولكن بمجرد أن تبدأ بالمشي به لفترة من الوقت، ستشعر بالراحة، ولكن الفرق الكبير ستشعر به عند خلعك للجهاز، حيث ستشعر بأن ساقك أصبحت ثقيلة وضعيفة.
هناك بعض المشكلات الصغيرة التي يعاني منها النموذج الأولي للجهاز والتي تحتاج لأن تتم معالجتها، مثل صوت ضجيج المعدن المستمر الناجم عن الجهاز الذي يمكن أن يزعجك في حال قيامك بنزهة في ريف هادئ، وكذلك فإن نزول الدرج يشكل مشكلة أخرى، فهناك رافعة تمسك بالجزء الخلفي من كعب القدم بعرض نحو 10سم، وهذا يجعل النزول إلى الأسفل على الدرج بمثابة كارثة، وبحسب تعبير (كولينز) فإن هناك الكثير من الأشياء الصغيرة التي تحتاج لأن يتم تحسينها قبل أن يتم إطلاق المنتج الأصلي في الأسواق.
يشير (كولينز) إلى أنه كان مدفوعاً من قبل الفضول العلمي المحض لمعرفة ما إذا كان يمكن التحسين من كفاءة المشي البشري، ويأمل أن الإصدار القادم من الجهاز يمكن أن يخفف من الجهد الذي يبذله أصحاب الإعاقات في المشي، فمثلاً بالنسبة للأشخاص الذين عانوا من السكتات الدماغية، فإن المشي يستهلك منهم طاقة أكبر من غيرهم من الأشخاص، وذلك لأن تنسيق حركة أقدامهم قد يكون قد أصيب بالضرر، كما أن عضلاتهم تضعف مع مرور الوقت.
يضيف (كولينز) بأن هذا الجهاز يمكن استخدامه أيضاً من قبل الأشخاص الذين يمشون كثيراً في وظيفتهم، حيث أن المشي لساعات مطولة هو أمر متعب في النهاية.