انكشافُ ظلمةِ الليل عن نور الصُّبْح تأتى دائما بالفجر الذى يتقدم بجيوش النهار الغازية لظلام رداء الليل المنسحب. فالفجر هو اللحظة التي تتنفس فيها السماء عبق بداية يوم جديد، حينما يبدأ الضوء الرفيع بالتسلل برقة من الأفق الشرقي، مبشرًا بقدوم النهار. يظهر الفجر كخيوط بيضاء ناعمة تتباين تدريجيًا مع ظلام الليل، وتنتشر في السماء كحجاب من النور الرقيق، يزداد اتساعًا ووضوحًا مع مرور الوقت. يُعرف أيضًا بالفجر الصادق، وهو ذلك الضوء الذي يختلط بين الظلام والنور، ويشعُر فيه القلب بالسكينة والهدوء، وكأن الطبيعة تستعد لتبدأ دورة جديدة من الحياة والهدوء، في مشهد يثير الروح ويبعث على التأمل والخشوع.
ساعات الفجر تعد من أهدأ وأجمل لحظات اليوم، حيث يسود فيها سكون تام وهدوء عميق يعم الأجواء، فتشعر فيها النفس براحة لا مثيل لها. تكون السماء في أبهى حلتها، مكسوة بنور خافت ينهل من الفجر الصادق، في حين يخيّم الهدوء على كل شيء، كأن العالم بأسره يستعد لاستقبال يوم جديد بصمت وسكينة. تسيطر على النفس حالة من الطمأنينة والراحة النفسية، حيث تتناغم الأفكار مع طبيعة اللحظة، وتجد فيها ملاذًا من ضجيج الحياة وتوتراتها، فتشعر وكأن الروح ترتاح وتتأمل في عظمة الخالق وهدوء مخلوقاته، وتستمد من هذا السكون قوة وصفاءً يرافقانها طوال اليوم. ساعات الفجر، إذن، ليست مجرد بداية وقت، بل هي لحظة من السلام الداخلي والسكينة التي تملأ القلب وتنعكس على النفس بكل هدوء وراحة.
عند بزوغ الفجر، تبزغ التفاعلات الكيميائية الحيوية التي تؤثر على الإنسان والحيوان والنبات، وتلعب دورًا هامًا في تنظيم العمليات الحيوية والحفاظ على التوازن البيئي. عملية التمثيل الضوئي بالنسبة للنباتات، تبدأ عند بزوغ الفجر عندما تصل أشعة الشمس إلى النباتات، حيث تقوم الكلوروفيل بامتصاص الضوء وتحويل ثاني أكسيد الكربون والماء إلى سكريات تختزن الطاقة وأكسجين كمخلف طبيعى. وإفراز الهرمونات عند الانسان، حيث يزداد إفراز هرمون الكورتيزول عند الاستيقاظ مبكرا مع الفجر، وهو الذي ينظم العمليات الأيضية ويعد جزءًا من الاستعداد لليوم، حيث يساعد في تنظيم مستويات الطاقة والتمثيل الغذائي. كما تبدأ عمليات الأيض في الجسم، حيث يتم تحويل الغذاء إلى طاقة عن طريق تفاعلات الأكسدة. وتحلل الكربوهيدرات لإنتاج الجلوكوز، الذي يُستخدم كمصدر طاقة. وتحلل الدهون والبروتينات لإمداد الجسم بالطاقة. كما يبدأ العديد من الحيوانات في النشاط، حيث تتغير مستويات الهرمونات مثل الأدرينالين، الذي يحفز العمليات الحيوية ويزيد من تدفق الدم والطاقة. علاوة على إفراز الهرمونات، التي تنظم الاستيقاظ والنشاط، وتُنتج من خلال تفاعلات كيميائية داخل الغدد الصماء. عند بزوغ الفجر، تحدث تغيرات في تركيبة الهواء والضوء، مثل تشتت الضوء في الغبار والجزيئات الصغيرة، مما يؤدي إلى ظهور الضوء وبدء النهار. هذه الظواهر تعتمد على مبادئ كيميائية وفيزيائية، مثل تفاعل الأكسجين مع المواد العضوية أو التغيرات في الحالة الفيزيائية للمركبات نتيجة للحرارة والضوء.
فهم والفجر يجتمعون فى هذه الكلمات المعبرة:
في فجر الدجى تنسجم الكواكبُ
وتبدأ العملياتُ في النباتِ تنمو
تفتح الأزهارُ تحت ضوءٍ خافتٍ
وتُنشطُ التركيبَ الضوئيَّ وتُعطي
وفي هواءِ الفجرِ الأكسجينُ يتجددُ
وتُنقصُ ثاني أكسيدَ الكربونِ يُفَدَّدُ
حيثُ الإنسانُ يواكبُ إيقاعَ الهرموناتِ
ويُخففُ من أعباءِ الليلِ ويستيقظُ
وفي الحيوانِ تنشطُ الحركاتُ وتبدأُ
مواسمَ التزاوجِ والصيدِ المُجدَّدِ
وفي البيئةِ يَسودُ التوازنُ والصفاءُ
وتُحافظُ على كَونِ الكربونِ والنقاءِ
فالفجرُ زمنٌ يعكسُ الكيمياء والبيولوجيا
حيثُ يُنظمُ الدوراتُ ويُعطي الحياةَ
وفيه تتناغمُ الطبيعةُ بانتظامٍ
تُعززُ الصحةَ، وتُنشطُ العقولَ والأنجمُ
فسبحانَ خالقِ الفجرِ، منبعِ العطاء
سحرُ الطبيعةِ، وأسرارُها الخفية