الكوكب الأحمر دائماً ما يتربع على رأس القائمة عندما نتحدث عن العوالم المحتملة للبشر في المستقبل، فهو أقرب جيراننا وأكثرهم شبهاً بالأرض مما يشجع العلماء على استكشافه بصورة أوسع، فهو حتى الآن أكثر الكواكب المأهولة بالروبوتات على الإطلاق! لكن فلنفترض أننا تمكننا من الوصول إلى هناك هل سنتمكن من النجاة وبناء مجتمعات بشرية على سطحه؟
لماذا يعتبر المريخ مرشحًا جيدًا؟

المريخ يشبه كثيراً الأرض، فطول يومه مقارب للأرض حيث يُقدر بـ 24 ساعة و40 دقيقة تقريباً، وكذلك فهو يمتاز بمرور فصول السنة عليه كما هي الأرض بسبب ميلهما حول محورهما بزاوية مقاربة. المريخ قريب نسبياً للأرض عن باقي العوالم المحتملة للعيش على سطحها، وذلك يسهل عملية انتقال البشر منه وإليه، كما أنه يملك طبيعة جيولوجية مشابهة للأرض مما يسهل من دراستها والتعامل معها.
التحديات كثيرة.
بالرغم من وجود أوجه التشابه إلا أن الصعوبات أكثر بكثير! وهي تمثل تحديات حقيقية لدى العلماء في وقتنا الحالي
- الغلاف الجوي: يتكون الغلاف الجوي للمريخ من غاز ثاني أكسيد الكربون بصورة أساسية حيث تصل نسبته إلى 95% على عكس الأرض التي يتكون غلافها الجوي من 0.03% فقط منه.
- المياه: بالفعل أُثبت وجود المياه على المريخ ولكنها في صورة متجمدة وغير نقية فهي مخلوطة بغاز ثاني أكسيد الكربون، كما تحتوي على أملاح تجعلها غير صالحة لاستخدام الكائنات الحية.
- الطعام: على المريخ لا يوجد أي شكل من أشكال الحياة وبالتالي نحتاج لطريقة لإنتاج طعامنا بأنفسنا.
- السكن: الغلاف الجوي للمريخ أرفع من غلاف الأرض بمقدار 100 مرة! ولذلك فسطح المريخ معرض للإشعاعات الخطيرة القادمة من الفضاء وذلك يجعل الحياة عليه بدون حماية أمر مستحيل.
- حرارة الجو: بالرغم من أن الحرارة على المريخ تصل في أعلى درجاتها إلى 20 درجة مئوية إلا أنها تنخفض ل 153 درجة تحت الصفر!
لكننا قد نتمكن من فعلها!

بالرغم من صعوبة تلك التحديات لكن العلماء الآن قد يكون لديهم رؤية عن ما يمكننا فعله للتغلب عليها، كلها بالطبع مجرد نظريات لكنها قد تسير كما خُطط لها!
- الغلاف الجوي: من أجل توفير نسبة أكثر من غاز الأكسجين الضروري لتنفس الكائنات الحية صممت ناسا جهاز أطلقت عليه اسم MOXIIE وهو عبارة عن آلة تحول غاز ثاني أكسيد الكربون إلى أكسجين، وأظهر حتى الآن فعالية كبيرة بالفعل.
- السكن: بناء السكن على المريخ أمر صعب لا شك فيه، خاصةً مع الحاجة لاستخدام مواد عازلة ومقاومة للإشعاعات ولدرجات الحرارة القاسية لتحمي من داخلها، لذلك فكر العلماء في احتمالية الحياة بداخل أكواخ الجليد أو تحت سطح المريخ، كما تصمم بعض الشركات العديد من النماذج لما يمكن أن يكون عليه هذا السكن ليحقق منه أقصى استفاده وحماية.
- الطعام: في ظل عدم ملائمة الظروف البيئية للزراعة، يرى العلماء أن الزراعة المائية قد تكون أحد الحلول المناسبة فهي لا تحتاج لتربة أو أسمدة أو ضوء الشمس، وتعتمد فقط على المياه الغنية بالعناصر المفيدة للنبات مع الأضواء الصناعية.
- المياه: قد تكون تلك هي المعضلة الأهم حتى الآن، فوجود المياه مختلطة مع غاز ثاني أكسيد الكربون والأملاح في صورة ثلجية يصعب من عملية فصلها، لكن من حسن الحظ أن العديد من العمليات الكيميائية المستخدمة في انتاج الوقود اللازم للصواريخ يمكن أن نستخدمها أيضاً في إنتاج المياه، وبالتالي استخدامها في الأنشطة البشرية كالشرب والزراعة المائية.
من صعود الإنسان إلى القمر إلى إطلاق تلسكوبات عملاقة إلى الفضاء، ما زالت البشرية تتفوق على نفسها وتثبت أنها ما زالت قادرة على إنجاز المزيد بفضل العلم والتكنولوجيا. لكن هل سنتمكن يوماً من إحراز ذلك النجاح المنشود على المريخ؟ ذلك ما سوف يتضح في الأعوام القادمة.