يمكن للإصابة بالأنفلونزا نفسها أن تعطي حصانة أقوى بكثير من أي لقاح انفلونزا، لكن الإصابة بالأنفلونزا يعتبر أمراً خطيراً، لذلك فإن الحصول على لقاح الانفلونزا هو الخيار الأفضل.
عندما يدخل فيروس الانفلونزا إلى الجسم، فإن الجهاز المناعي يحارب العدوى عن طريق إنتاج أجسام مضادة قوية يمكنها أن تسرع إلى العمل مجدداً إذا ما هاجمت سلالة الفيروس ذاتها الجسم مرة أخرى، وهذه الحماية التي يوفرها الجهاز المناعي يمكن أن تستمر في بعض الحالات مدى الحياة، وبحسب الدكتورة (أليسيا فراي)، عالمة الأوبئة الطبية في مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، فإن الأدلة المتوفرة تشير إلى أن الأشخاص الذين أصيبوا بأحد الفيروسات في الثلاثينات من عمرهم لا يزالون يتمتعون بمناعة ضدها حتى الآن.
حتى بعد انحسار استجابة الأجسام المضادة، فإن الحصانة من الإصابة بأنواع الفيروسات التي كان الشخص قد أصيب بها في السابق تميل لتستمر لفترة أطول من الفترة التي يقدمها اللقاح، وعلى سبيل المثال، فقد وجدت دراسة تم نشرها في عام 2011 في مجلة (PLoS One)، أن أكثر من نصف المرضى المصابين بأنفلونزا (H1N1) في عام 2009 كانوا لا يزالون يحتفظون باستجابة الأجسام المضادة التي انتجتها أجسامهم للفايروس حتى بعد مرور ستة أشهر، في حين أن الثلث المشاركين فقط احتفظوا بهذه الاستجابة بعد حصولهم على اللقاح.
إذاً لماذا لا تعتبر مناعة الطبيعية أفضل من اللقاح؟ تبعاً لـ(فراي) فمن جهة، ستؤدي العدوى الطبيعية إلى إصابة الشخص بالمرض، وقد ينتهي الأمر ببعض الأشخاص للذهاب إلى المستشفى، وحتى الموت، كما أن المخاطر تزداد بشكل خاص بالنسبة لكبار السن، الذين يعانون من أمراض مزمنة، وبالنسبة للنساء الحوامل والأطفال الصغار، وحتى إذا كان الشخص يتمتع بصحة جيدة، فإنه قد يعرض عائلته والآخرين لخطر العدوى.
علاوة على ذلك، فإن الحصول على مناعة طبيعية لأحد أنواع فيروس الانفلونزا لن يحميك من معظم السلالات الأخرى من الفيروس، فإذا كنت مصاباً بأحد فيروسات الأنفلونزا المحددة، فإن مناعتك الطبيعية ستكون جيدة جداً في حمايتك ضد هذا الفيروس أو فيروس مماثل في المستقبل، لكن فيروسات الانفلونزا تتطور بسرعة ويمكن أن تتغير من سنة إلى أخرى، وبما أن لقاح الانفلونزا يتم تحديثه سنوياً لاستهداف السلالات الأكثر احتمالاً للتفشي في كل عام، فإن هذا يجعله الخيار الأفضل لحمايتك من الانفلونزا في كل عام.
وأخيراً، فليس هناك ضمان بأنك ستحصل على استجابة مناعية قوية من العدوى، حيث يشير الدكتور (سوريابراكاش سامبهارا)، وهو عالم مناعة في مركز السيطرة على الأمراض، بأن هذا يعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك التعرض السابق لفيروسات الانفلونزا، والاستجابة المناعية للجسم، ومقدار الفيروسات التي تم التعرض لها.
للمقارنة، وجدت دراسة تم نشرها في عام 2008 في مجلة (Nature)، بأن الناجين من الانفلونزا الاسبانية التي تفشت في عام 1918 حصلوا على حصانة مدى الحياة ضد فيروس الانفلونزا، وحماية ضد الانفلونزا (H1N1) الوبائية التي تفشت في عام 2009، إلّا أن هذه الانفلونزا في المقابل قتلت 50 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، لذلك، وتبعاً للدكتور (إيريك السكولر)، وهو أستاذ في جامعة تمبل ومؤلف هذه الدراسة، فإنه قد يكون من غير الحكيم أن تعرض نفسك لأحد أنواع فيروسات الانفلونزا على أمل اكتساب الحماية ضد الأنواع الأخرى.