مع التطور المذهل الذي تشهده تقنيات الذكاء الاصطناعي، غدا واضحًا أن القليل فقط من وظائف البشر تبدو في مأمنٍ من تهديد الروبوتات.
فقد قدّر باحثو جامعة أكسفورد أن 47٪ من الوظائف في الولايات المتحدة، ستخضع للأتمتة في غضون العقدين المقبلين، وبحسب تقريرٍ أمريكيٍ آخر، فإن فرصة أن يفقد العمال -الذين يكسبون 20 دولارًا في الساعة أو أقل- وظائفهم لصالح الروبوتات في السنوات ال5 المقبلة، تبلغ 83٪، أما الذين يتقاضون 40 دولارًا في الساعة، ففرصة أن يفقدوا وظائفهم تبلغ 31٪.
أبرز الوظائف المهددة من قبل الروبوتات:
من الواضح أن الروبوتات قادمةٌ بقوة، ولكن أيّ الوظائف ستأخذها أولاً؟
1 – المحاسبون وموظفو البنوك:
مهما بلغت براعة البشر في أداء العمليات الحسابية وتدقيقها، لا يمكنهم مضاهاة براعة برامج المحاسبة الآلية، التي يسهل عليها التعامل مع الحسابات الدائنة والمستحقة القبض، ومراقبة المخزون، ومراجعة الحسابات والعديد من الوظائف المحاسبية الأخرى.
وقد أخذت الصرافات الآلية بالفعل مكان عددٍ كبيرٍ من موظفي البنوك.
2- عمّال المستودعات:
منذ عام 2016، رفعت شركة أمازون الكبرى للتجارة الالكترونية، أسطولها من الروبوتات ليصل إلى حوالي 45 ألف روبوت ضمن 20 مخزنًا، هذا الجيش الآلي يجعل عمليات الشركة أكثر كفاءة، فما كان يستغرق ساعةً أو أكثر مع العمال البشريين، يستغرق الآن حوالي 15 دقيقة فقط مع العمال الالكترونيين.
3 – الصحفيون والمذيعون:
رغم أن الروبوتات تفتقر إلى الموهبة والإبداع، ولكن من السهل برمجتها لتقوم بكتابة التقارير الروتينية المكررة، أو إجراء الإحصائيات والمقارنات الرقمية، بشكلٍ أفضل بكثير من الصحفيين الرياضيين مثلًا.
أمّا مذيعو الأخبار، فعليهم الحذر من الآلات ذات تقنية تحويل النصوص المكتوبة إلى كلام، فهي قادمةٌ بقوة.
4 – الأطباء:
أصبح بإمكان الروبوتات تقديم المساعدة الطبيّة بشكلٍ مذهل، سواءً في مجال تشخيص الأمراض، أو تقديم العلاج، أو حتى إجراء العمليات الجراحية، لذا فعلى الأطباء والعاملين في المجال الطبي، الحرص على وظائفهم بشدّة.
5- الصيادلة:
في صيدلية جامعة كاليفورنيا، لا يوجد شخصٌ يصرف الوصفات الطبية، بل روبوت، وتؤكد الجامعة بأنه لم يكن هناك أي أخطاءٍ في الأدوية أو الجرعات التي صرفها الروبوت.
6- نادلو المطاعم:
تقوم بعض المطاعم بالفعل، بتجربة استخدام الروبوتات في تقديم الأطعمة والمشروبات، وهي تعمل بسرعةٍ وكفاءةٍ عاليةٍ، فضلًا عن أنها لا تتذمر، بعكس البشر.
7- المزارعون:
تنطوي الزراعة على مهامٍ روتينيةٍ يمكن أن تحققها الروبوتات بشكلٍ أكثر كفاءة، بما في ذلك حرث الأرض وقيادة الجرارات وجني المحاصيل وتقليم الأشجار، وهذا ما تقوم به الروبوتات فعلًا في بعض المزارع الحديثة.
8- المقاتلون ورجال الأمن:
يمكن أن تأخذ الروبوتات مكان ربع الجنود الأمريكيين المقاتلين بحلول عام 2030، وفقًا لتصريحات أدلى بها الجنرال الأمريكي روبرت كون عام 2014، وقد تكون الروبوتات قادرةً على القيام بكل شيءٍ من تفكيك الألغام إلى المشاركة في القتال والمطاردات، وتستخدم فرق تفكيك القنابل العاملة في الولايات المتحدة الروبوتات بالفعل في الوقت الحالي، بغية التخفيف من الخسائر البشرية.
9- العاملون في المجال القانوني:
يدفع العملاء الملايين إلى بعض المحامين والعاملين في السلك القانوني، من أجل استشاراتٍ وخدماتٍ روتينيةٍ يمكن أن تقدمها الروبوتات بشكل أفضل، نظرًا لقدرتها على جمع أكبر عددٍ من القوانين والبحث فيها، إضافةً لقدرتها على تصوير وتخزين أي عددٍ من المستندات، واستخراجها في الوقت المناسب.
10- مدبرات المنازل:
لقد حصل برنامج Roomba 980 على تقييمٍ يفوق أيّ مدبرةٍ منزل، وهو أحدث نسخةٍ من روبوت تنظيف الأرضيات الذي تنتجه شركة iRobot، التي تنتج أيضًا روبوتات لغسل شعر الحيوانات الأليفة، وشطف السلالم، وتنظيف الفضلات، علمًا بأن مبيعات الشركة بلغت أكثر من 15 مليون قطعةً في العام الواحد.
11- مندوبو المبيعات:
إذا كنت ممن يبيعون الكلام والأحلام لترويج بضائع غير جيدة، فانتظر أن يتم الاستغناء عنك لصالح الروبوت، الذي من السهل برمجته ليكرر كلامك نفسه، وبدون أن يتقاضى عمولةً أو رشوة.
12– وظائف الإدارة الوسطى:
إذا كانت وظيفتك مثلًا، نسخ رقمٍ من مربعٍ في برنامج Excel ولصقه في مربعٍ آخر، فإن الروبوتات تدقّ بابك، وعمومًا، فأي وظيفةٍ إداريّةٍ لا تستخدم معرفتك الخاصة والفريدة فيها، هي تحت تهديد الروبوتات.
الذكاء الاصطناعي سيخلق وظائف جديدة:
يقول مانجونات بهات، مدير الأبحاث في شركة Gartner للتكنولوجيا:
“إن الروبوتات وُجدت من أجل خلق وظائف جديدةٍ للبشر، وليس لسرقة وظائفهم”
ففي تقريرٍ مثيرٍ للشركة ذاتها، توقّعت أن يخلق الذكاء الاصطناعي 2,3 مليون فرصة عملٍ جديدةٍ بحلول عام 2020، بينما سيلغي 1,8 مليون وظيفةً حالية، وفي السنوات ال5 التالية حتى عام 2025، سيصل صافي الوظائف الجديدة التي تم خلقها بواسطة الذكاء الاصطناعي إلى 2 مليون وفقًا للتقرير.
وبحسب التقرير ذاته، من المتوقع أن تحصل قطاعات إدارة الدولة والرعاية الصحية والتعليم على أكبر عددٍ من الوظائف، فيما سيكون قطاعا التصنيع والنقل الأكثر تضررًا من دخول تقنيات الذكاء الصناعي والروبوتات.
وتتناقض توقعات Gartner المتفائلة حيال الذكاء الاصطناعي، مع التحذيرات التي تطلقها بعض شركات صناعة التكنولوجيا مثل Tesla، التي تؤكد على لسان رئيسها إيلون موسك، أن السباق العالمي لتطوير الذكاء الاصطناعي يمكن أن يؤدي إلى حربٍ عالميةٍ ثالثة.
كما يتوقع كاي فو لي، مؤسس شركة Sinovation Ventures، أن الروبوتات ستسرق على الأرجح حوالي 50% من الوظائف في العقد المقبل.
وحتى شركة Gartner ذاتها، أقرّت في تقريرها بأن الذكاء الاصطناعي سيمحو ملايين المناصب المتوسطة والمنخفضة المستوى، ولكنها أكدت بالمقابل أنه سيخلق الكثير من الوظائف الجديدة، سواءً في مناصب الإدارة التي تتطلب مهاراتٍ عالية، أو حتى للمبتدئين وذوي المهارات المنخفضة، وشددت الشركة في تقريرها أنّ على قادة تقنية المعلومات ألا يركزوا فقط على عدد الوظائف التي سيقدمها الذكاء الاصطناعي، بل على نوعيتها، حيث سيحسّن كثيرًا من مستوى تلك الوظائف.
ماذا يجب أن نفعل حيال ذلك؟
الخبر السار هو أننا نعرف ما هو قادم، وكل ما علينا القيام به هو التكيف مع هذا التغيير عبر عدة أمور، منها استخدام قدرتنا المعرفية لتحديد الأعمال التي تقوم بها الآلة والأخرى التي يصعب عليها القيام بها، وتطوير مهاراتنا كي نصبح قادرين على برمجة واستخدام الآلة، وبذلك نصل إلى شراكةٍ مثمرةٍ مع تلك الآلات، بدلًا من أن ندعها تسرق وظائفنا.