أصبحت التحديات التي يواجهها العالم الآن من التغير المناخي والبيئي، ومحدودية الموارد الاقتصادية والطبيعية و البشرية تمهيداً لثورة على طرق الزراعة التقليدية.
كانت هذه الثورة بدايةً لاستبدال طرق الزراعة التقليدية بطرق حديثة أكثر كفاءة لدعم متطلبات الأمن الغذائي المتزايدة.
إحدى هذه الطرق هى الزراعة العمودية (Vertical Farming). ألهمتنا النباتات المتسلقة أنه إذا ضاقت مساحة التربة المتاحة، فعلينا أن نرتقي إلى أعلى.
فقامت الزراعة العمودية على زراعة المحاصيل بعضها فوق بعض فى مبانى عمودية مصغرة ذات طوابق متعددة و يحيطها الزجاج.
قد تبدو الفكرة للوهلة الأولى ابتكاراً حديثاً؛ ولكنها موجودة منذ آلاف السنين فى حدائق بابل المعلقة، ولكن أُعيد إحياء هذه الفكرة بواسطة أستاذ فى جامعة كولومبيا يُدعى (ديكسون ديسبومير) حيث وضع عام 1999 طريقة لزراعة أسطح ناطحات السحاب.
حدائق بابل
يتوقع الخبراء أن تشكل الزراعة العمودية مستقبل هذا القطاع لمميزاتها العديدة.
فقد تغلبت على مشكلة انخفاض المساحات الصالحة للزراعة، وتمكننا من اعادة تدوير المياه واستخدامها مرارا وتكرارا حيث يتم زراعة النباتات الأكثر احتياجاً للمياه فى الطوابق العلوية، ثم تتساقط المياه ببطء إلى الطوابق السفلى حيث النباتات الأقل احتياجاً .
لا تحتاج النباتات إلى تربة حيث تتم بطريقتين إما زراعة مائية ( Hydroponic Farming) أو زراعة هوائية (Aeroponic Farming)، كما تمكننا من حصاد المحصول أكثر من مرة واحدة فى السنة مما يساهم فى تقليل الفجوة بين النمو السكاني المستمر وتوفير المواد الغذائية الكافية.
تُؤَمِّنَ الزراعة العمودية النباتات من أخطار سوء الأحوال الجوية والأعاصير، حيث تُستخدم التكنولوجيا الحديثة للتحكم فى جميع العوامل البيئية من الرطوبة ودرجة الحرارة والضوء، كما تساعد البيئة للتعافى من أخطاء البشر المُرتكبة عند الزراعة مثل رش المبيدات الحشرية الضارة وإزالة الغابات وأنظمة بيئية متكاملة للحصول على مساحات صالحة للزراعة.
وقد لوحظ أيضاً قلة انتشار الأمراض المعدية بين النباتات، كما تجاوزت المعيقات المتعلقة بنقل المواد الغذائية للمستهلك؛ فلا تفسد أثناء النقل أو تصيبها الأمراض وتتوفر المحاصيل أينما توجد الحاجة إليها.
لكن لازال بعض الخبراء يشككون فى كفاءتها ؛ وذلك للتكلفة الهائلة المطلوبة لبناء تلك المباني الرأسية، ولأن النباتات تحتاج لكميات هائلة من الطاقة الشمسية مما يحتم توفير مصدر اصطناعي بديل طوال العام.
أما فيما يخص المحاصيل؛ وجد الخبراء بعض المحاصيل التي لا يمكن زراعتها بهذه الطريقة كالقمح و الذرة وهى محاصيل هامة لا يمكن الاستغناء عنها.