فئة بشرية ليست بقليلة العدد لا تكاد تفقه حديثا، وغالبا ما تأخذها العزة بالإثم فَحَسْبُهُا جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ. فئة بشرية تقوم فى قولها وفعلها اما على سلطة مكتسبة أو على امتلاكها واتقانها لحلو الحديث ومفاتيح الكلم. هذه الفئة لا تكاد تعلم حقيقة ما تخبرها به اعتمادا على أنه لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ. فئة بشرية عاشت وتعايشت مع ظاهرة التسامى التى تحولت فيها الحالة الصلبة إلى الحالة الغازية دون المرور بالحالة السائلة. وفي التسامي عظة وعبرة لما فيه من تغير لطور المادة ، هذا التغير الذي يحدث عند درجات حرارة وضغوط أقل من النقطة الثلاثية في مخطط طور المادة. حيث تسمى درجة الحرارة التي يحدث عندها هذا التحول بدرجة حرارة التسامي، والضغط كذلك بضغط التسامي، ويشار إلى كليهما بمصطلح نقطة التسامى.
فتجاوز بعض العناصر والمواد ( الكيفلر، وكلوريد الأمونيوم ) للحالة السائلة عند التحول من صلب إلى غاز، يتم محاكاته من خلال هؤلاء الذين لا يكادون يفقهون حديثا، فهم وباتقان شديد وباحداثيات محددة يتجاوزون عن كل ما يتم اخبارهم به من حقائق. ففيزيائية التسامى الكائنة فى طبيعة الكثير من المواد، تغض الطرف عن حيز الشبهات الكامن فى كينونة التحولات الكيميائية لبعض المواد والتى منها شمع البارافين الذى ان تعرض للاحتراق، تبخر وتفاعل مع الأكسجين لإنتاج ثاني أكسيد الكربون والماء.
صراحة مطلقة وانتقال واضح وتجاوز أكثر وضوحا لطبيعة ما يتم الاخبار به من حقائق وأعراف معترف بها وسارية ومسلم بها فى الماضى والحاضر والمستقبل، هذا مع الوعى والادراك الكامل بصحة ودقة الحقائق المعلن بها ولكنه وبكل أسف عمى القلوب قبل الأبصار وانحراف كامل للعقول المستكبرة. فعلى الرغم من الوعى والادراك لأى حقيقة تم الاخبار بها الا أن فقة المعرفة قد غاب عن قلوب قد ضلت، وعن أبصار مبصرة دون أن ترى، وعن آذان تسمع دون أن تنصت، وعن عقول قد أخذتها العزة بالإثم.
فالتسامى فى هذه الفئة البشرية قد جاء على عكس فطرة الطبيعة التى جاءت بثمارها فى علم الجوامد الحاضن لظاهرة تسامى المواد. فقد تتفق ظاهرة التسامى فى معناها وآلية حدوثها بين الكائن الحى وغير الحى ولكنها دائما ما تختلف كل الاختلاف فى آثارها ونتائحها فالنتيجة سلبية فى الكائن الأول وايجابية فى الأخر. ومع هذا الاختلاف الشديد فى نتائج هذه الظاهرة تتأثر الطبيعة بأسرها والبيئة بكل محتوياتها، ونكون أمام خلل وعدم اتزان بيئى وتغيرات مناخية تأخذ ولا تعطى تهدم ولا تبنى. فالتسامى البشرى لم ولن يكون الا فى وجود الذين لا يكادون يفقهون حديثا.