قام باحثون يمنيون بنشر ورقة بحثية جديدة تفترض بأن الكون نشأ نتيجة لتسرب الطاقة المظلمة من نقطه صغيره، حيث ادى هذا التسرب لخلق مكان جديد هو كوننا الحالي، بجانب النقطة الصغيرة، التي اطلق عليها الباحثين (الكون الداخلي).
بسبب هذا التسرب زادت سرعة دوران الكون الداخلي حول نفسه في نقطة ثابتة، وبدورها زيادة الدوران أدت إلى زيادة تسرب الطاقة المظلمة (على شكل موجات تقوم بدفع المجرات للتباعد).
يؤدي هذا التسرب إلى انخفاض طاقة المركز بالتالي كتلته. هذا الانخفاض يؤدي إلى مزيد من الدوران، ومزيد من الدوران يؤدي الى مزيد من تدفق الطاقة المظلمة، مما يتسبب في زيادة توسع المحيط الخارجي لكوننا، وزياده تسارع تباعد المجرات التي عليه.
نحن نعلم أن كوننا يتمدد بمعدل متسارع، لكن ما الذي يسبب هذا التسارع يبقى لغزا. نموذجنا الحالي المعترف به على نطاق واسع للكون، المسمى LambdaCDM، لا يخبرنا شيئًا عن ماهية الطاقة المظلمة فيزيائيًا. يعد فهم طبيعة هذه الطاقة المظلمة أحد المهام الصعبة في علم الكونيات.
هذا النموذج الجديد، الذي نُشر مؤخراً، بواسطة وهيب العرشي وأرسلان احمد من جامعة صنعاء، ومحمد جمعان ووليد العرشي من جامعة العلوم والتكنولوجيا باليمن. يقدم تفسيرًا جديدًا.
يقول وهيب العرشي المؤلف الرئيسي للورقة البحثية : من خلال إعادتنا النظر في الافتراض الأساسي لبداية نشأه الكون، قمنا ببناء نموذج يقترح أن بداية خلق الكون كانت نتيجة لتدفق الطاقة المظلمة التي خلقت مكان جديد وليس نتيجة لتمدد المكان نفسه.
هذا التعديل البسيط في بداية نشأه الكون يؤدي إلى نتائج جديرة بالدراسة والاهتمام، وتتفق مع الكثير من الملاحظات التي تمثل نقاط جدل في النظرية السائدة حالياً الانفجار العظيم.
في حين أن هذه الفكرة المحيرة للعقل قد تبدو وكأنها شيء من حلم عالِم فيزيائي، إلا أنها في الواقع محاولة جديدة للتوفيق بين الملاحظات وواقع الطاقة المظلمة.
يضيف وهيب العرشي : ما زال الانفجار العظيم يمثل أفضل تفسير علمي لكيفية نشوء كوننا، وتتلخص فكرته بأن كل جسيمات الكون انبثقت من نقطه واحده، ثم شكلت بمرور الزمن ذرات ثم جزيئات وكواكب ونجوم. عندما نعيد بداية الكون إلى تسرب فهذا يفتح باب آخر من استكشاف الطاقة المظلمة ويدخلها في النموذج المعياري باعتبارها هي من شكلت الذرات، وهنالك دراسات ظهرت مؤخراً تتحدث عن إمكانية خلق الطاقة المظلمة للجسيمات الأولية في البدايات الأولى للخلق.
صحيح ان تلك الدراسات لازالت قليله وتحتاج الى مزيد من التعديلات والتوضيحات والتجارب لدعمها، الا أنها هامة وقد تفتح الطريق إلى علم كونيات جديد.
يدعي النموذج الجديد أيضا بانه يستطيع التعامل مع مشكلة الأفق وحلها، التي تمثل أزمه في نظرية الانفجار العظيم.
من المعروف أن مشكله الأفق تعني وجود مناطق في الكون من الاستحالة أن تتوحد خواصها الفيزيائية. فبحسب نظرية الانفجار العظيم، كانت سرعة تمدد الكون في بداياته تتجاوز سرعه الضوء، مما خلق مناطق في الكون منفصله عن بعضها البعض بمسافة تتجاوز عمر الكون نفسه.
بحسب النظرية النسبية الخاصة، لا يمكن للمعلومات أن تنتقل بسرعة أسرع من الضوء. تعني المعلومات أي نوع من التفاعلات الفيزيائية. على سبيل المثال، تتدفق الحرارة بشكل طبيعي من المناطق الحارة إلى المناطق الأكثر برودة، ومن الناحية الفيزيائية، يُعد هذا أحد الأمثلة على تبادل المعلومات.
بالنظر إلى المثال أعلاه، لا يمكن أن تتبادل المجرات أي نوع من المعلومات، أي أنها ليسا على اتصال سببي. في غياب الظروف الأولية الشائعة، يتوقع المرء أن تكون خصائص المجرات الفيزيائية مختلفة، وبشكل أعم، يُتوقع أن يتمتع الكون ككل بخصائص مختلفة في المناطق المنفصلة سببيًا.
إذاً كيف توحدت خواص الكون ووصل إلينا إشعاع الخلفية الكونية من جميع الاتجاهات بدرجه حرارة واحده! يضيف وهيب العرشي : قدمنا في نظرية الكون الداخلي إطار نظري علمي يمكن له حل مشكلة الأفق.
آليه تدفق الطاقة المظلمة من الكون الداخلي تعطي الكون الوقت الكافي لتشكيل الذرات في ظروف فيزيائية واحده، مما يؤدي بدوره إلى كون موحد الخواص كما هو مشاهد. هذا الإطار لازال في طور النمو ويحتاج إلى مزيد من التوضيحات والتجارب لصياغته بشكل اكبر.
تقدم النظرية المقترحة عدد من التنبؤات القابلة للرصد والاستكشاف, ننتظر السنوات القادمة لنرى ما سيكشف لنا العلم من جديد.