التابوت يعني الأضلاع وما تحتويه، كالقلب والكبد و غيرهما، تشبيها بالصّندوق الّذي يحرز فيه المتاع. والتابوت عند قدماء المصريين صندوق من حجر أو خشب أو حديد، توضع فيه الجثة، وعليه من الصور والرسوم ما يصور آلام المصريين وعقائدهم في العالم الآخر، والكلمة بهذا المعنى أقرها مجمع اللغة العربية. والتابوت أيضا بالعبرية هو تابوت العهد أو تَابُوتَ الشَّهَادَة أو تابوت الرب عند اليهود والمسيحيين، حيث حفظت فى هذا التابوت ألواح العهد، وفقاً للتراث اليهودي، وتم وضعه داخل قدس الأقداس بالهيكل، وهو مطلي بالذهب ومزين بإطار من الذهب. والتابوت عند المسلمين هو تابوت السكينة على سند من القول أن الأصل في التّابوت هو التّوب، أي الرّجوع، فإنّه لا يزال يرجع إليه ما يخرج منه.
ونحن نرى، أن التابوت هو كل اناء أو وعاء أو صندوق حاوى لما فيهمن أشياء مادية أو غير مادية.فالتابوت البشرى هو الوعاء الحاوى لكل مكونات الجسم الممتزجة بروح الحياة، وكأنه ذرة مكونه من نواة تسمى الروح تدور حولها مكونات الجسم المختلفة فى مستويات أو مدارات طاقة مختلفة. فقلب ولب تابوت الحياة (حياة الكائن الحى ) قائم على وجود الروح، فى حين نجد أن قشرته ومحيطة يقوم على مكونات الجسم المختلفة. ولكن عندما تصعد روح الكائن الحى الى خالقها وبارئها، يصبح التابوت الكائن بين ايدينا تابوتا للموت الذى يحتوى على مكونات الجسم الساكنة فقط مع انعدام وجود قلب أو محور أو مركز للحياة التى هى فى الأصل الروح. ومع تابوت موت الكائنات الحية يندثر هيكل الكائن الحى من خلال تحلل مكوناته الميته فى مكانها الى عناصرها الأولية بعيدا عن أى معالجة أو حفظ لهيكلها. وما بين تابوت حياة الكائن الحى وتابوت موته، نجد تابوت المكونات غير الحية التى تحيا بحياة مستخدميها وتموت بموتهم. تابوت الكائنات غير الحية هو تابوت الحاضر الغائب لأنه تابوت الميت الحى والحى الميت، فتابوت الزاج الأبيض (كبريتا الخارصين المتبلورة) هو تابوت حياة عندما يستعمل محلوله المائي المخفف قطرة للعين، وذلك لغرض التعقيم وإزالة التهابات العين، وهو تابوت موت عندما تنعدم الفائده منه.
تابوت الموت (تابوت غير حيوى) الذى هو رمز للوفاة والفقدان كحدث طبيعى ونهاية لكل حياة، يعتبر جزءًا من تقاليد وطقوس معينة فى العديد من الثقافات المختلفة عبر التاريخ، فنجده يساعد في الحفاظ على الجثة وحمايتها من العوامل البيئية، ويُعتبر رمزًا للاحترام والتقدير للمتوفى، ويُستخدم كوسيلة لتكريم حياة الشخص الذي توفي، كما يمثل جزءًا من الهوية الثقافية والتقاليد المحلية، ويعكس الفنون والتقنيات المستخدمة في صناعة التوابيت، كما يلعب أيضا دورًا في الشعائر والطقوس المرتبطة بالوفاة والآخرة، مما يمنح العائلة الشعور بالسلام والسكينة. هذا التابوت يحمله الى مثواه الأخير التابوت الحيوى، وكأننا أمام تابوت يحمل تابوت، يتباكى أصحابه ويتظاهرون بالتقاطهم كل عظة وعبرة قد تسربت اليهم من تابوت الموت.
أما تابوت الحياة (تابوت حيوى) الذى هو رمز للأشياء التي تحتفظ بالحياة أو تُعززها، مثل الطبيعة أو العلاقات الإنسانية، يعتبر حاوية كل نمو وتطور لما تحتوية من مجموعة أو مجموعات من التجارب الحياتية والذكريات التي تشكل هويتنا.
فى حين نجد تابوت الحياة الميتة أو الموت الحى (تابوت شبه حيوى) الذى هو رمز للأشياء التى تتنظر الحياة وفى الوقت نفسه تنتظر الموت، يعبر عن تابوت الكائنات غير الحية التى تنتظر اكتشافها وتفعيل أفعالها والاستفادة بآثارها بأى وسيلة أو ألية حية أو غير حية. هذا التابوت يحمله ويتفاعل معه وينشط فعله وأثره التابوت الحيوى.
لذا فنحن والتابوت شئ من كل شئ، وكل شئ فى شئ، اعتمادا على أننا أمام مفاهيم ثورة فكرية وتغيير حقيقى، وأمام واقع يفرض علينا أن نكون على درجة وعى كافية وادراك مسئول لكل تابوت نقبع فيه وكل تابوت قد يحيط بنا لأن من يهرب من قضاء الله يجده أمامه.
