إن أردنا تمثيل المجموعة الشمسية في نموذج مصغر لها وافترضنا أن كوكب الأرض في حجم حبه البازلاء فسيكون المشتري على بُعد 300 متر منها وبلوتو على بعد 2.5 كم وبحجم بكتيريا الذي إذا أردنا السفر له بسرعة الضوء (300,000 كم/ث) فسيستغرق الأمر 7 ساعات. وقنطورس (نجمنا الأقرب بعد الشمس) سيكون على بُعد 16,000 كم. علماً بأن الوصول لمدار بلوتو الثاني استغرق حوالي 12 عام وكانت المركبة – فوجير- تسير بسرعة 56,000 كم/ساعة. تلك المركبة التي أعلنت ناسا أنها غادرت النظام الشمسي لدينا عام 2018 وتم إطلاقها عام 1977.
9 كتب من قائمة القراءة لـ “إيلون ماسك” يمكن أن تغير حياتك
حسناً تلك المقدمة ليست سوى سطور أغلبها مُقتبس من الصفحات الأولى في الكتاب. ليست الصفحات الأولى وحسب التي يسرد فيها برايسون بهذا النمط. وإنما كل صفحة بداخله ستلاحظ طريقة سرد أدبية جذابة بجانب الحس الفكاهي لدى برايسون معطم الأحيان. وبالطبع لن تكفي سطور هذا المقال للإحاطة بكل ما جاء في الكتاب لكن سنتحدث عن أبرز المواضيع وأكثرها أهمية التي تم ذكرها في الكتاب بشكلٍ عام.
لماذا نتحدث عن كتاب موجز تاريخ كل شيء تقريباً؟
“هذا هو الكتاب الذي كنت أبحث عنه طوال حياتي … صناديق طافحة بالمعلومات، قصص مذهلة وشخصيات خارقة” كاتب في صحيفة الديلي ميل البريطانية
من بين العديد من الكتب التي تتحدث عن العلم وتم نشرها في مطلع القرن 21 لفت انتباهي ذاك الكتاب البسيط في الطرح حول العلم والاكتشافات العلمية. المُدهش أن الكاتب لا يمتلك شهادة في العلوم الطبيعية فهو وعلى الرغم من ذلك فهو يقص ويحكي مواضيع معقدة بطريقة بسيطة وممتعة. تلك المواضيع والحديث عنها بتلك الطريقة من غير الممكن أن تخرج إلا من بين أيدي مُتخصص. فهو يتحدث عن تفاصيل دقيقة للغاية بداية من الانفجار العظيم حتى نشأة الأرض وما بينهم من الأحداث التي مر بها الكون. ولعل الكاتب يعلم كيف يحكي العلم للعوام دون الخروج عن المنهجية العلمية – عن الموضوعية والحقائق أتحدث- وإلا لم يكن يحصد الكتاب بعد صدوره بعامٍ واحد جائزة أفينتس – Aventis لأفضل كتاب علمي في بريطانيا، فضلاً عن العديد من الجوائز من الاتحاد الأوروبي.
لماذا لا نستطيع القراءة ونحن في السيارة
مواضيع متنوعة في العلوم
يضم “كتاب موجز تاريخ كل شيء تقريبا” مواضيع في علوم الفلك والفيزياء والبيولوجيا والكيماء والميكروبات وعلم الحفريات. وجميعها بعيدة تماماً عن ملل حصص العلوم المدرسية. الكتاب يضم حوالي 513 صفحة مقسمة إلى 5 أبواب وهي مرتبة ترتيب زمني بداية من الانفجار العظيم للأحداث التي شاهدها كوننا والأرض. في الباب الأول مثلاً عنوانه “ضائعون في الكون” وهو ذكاء من الكاتب أن يبدأ الحديث عن الكون من خلال الفلك والفيزياء أولاً حيث أن الجميع يحب الفلك والكون. فيسرد برايسون في كتابه بداية قصة الانفجار العظيم من بداية اكتشاف الأشعة الكونية. ويشرح كواكب المجموعة الشمسية والنظام الشمسي كله ويسرد حقائق عن المجرات من حولنا وكم هي بعيدة.
وتحدث برايسون عن الحفريات وأهمية ذلك العلم والاكتشافات الخاصة بحفريات الديناصورات. ومنها أخذ يتحدث عن طرق تقدير عمر تلك الحفريات وكيفية التعرف على الفترة التي كانت بها من خلال طبقات الصخور الرسوبية والعناصر الإشعاعية وفترة عمر النصف.
بالطبع لم ينس الكاتب الحديث عن كون اينشتاين في الباب الثالث – الباب المفضل لي- ليحكي قصة النسبية العامة والخاصة والصراع الذي دخل فيه اينشتاين مع علماء الكم باعتباره أهم صراعات العلم المُثمرة في القرن ال 20. ويذهب من خلال ذلك الصراع إلى تغيرات مفاهيم الفيزياء حول الكون والذرة بعد النسبية وثورة الكم. أما الباب الرابع كان الحديث بشكل كامل حول جيولوجيا الأرض وما بداخل طبقات الأرض ليذهب به نحو الحديث عن الحياة والفرضيات العلمية المطروحة حول الحياة على الأرض. ويسرد سطوره في مختلف أشكال الحياة على الأرض للخمس ممالك الموجودة: الحيوانية، النباتية، الفطريات، البكتيريا، الأوليات. وينهي الفصل الأخير بعنوان “الطريق إلينا” وكما هو واضح هذه هي النهاية وهذا هو التسلسل الذي وضعه برايسون ليُمتع قارئ الكتاب بكل فصل فيه.
رؤية شخصية حول الكتاب
الكتاب يقدم رؤية شاملة حول العلم بطريقة بسيطة. فإن كنت من محبين العلوم أو كما يقوله البعض بوب ساينس، فذلك الكتاب سيكون متعتك الأولى. يمكنك الاطلاع على أبواب معينه منه أو فصول ولن تشعر بأية مشكلة في الأحداث.
لكن يجب على القارئ الأخذ في الاعتبار أن الكتاب ربما قد يكون قديم وبعض المعلومات العلمية بالتأكيد قد تم تحديثها. لذلك يفضل إن كان لديك رؤية نقدية للكتاب فمن الضروري الأخذ في الاعتبار تاريخ إصدار الكتاب الذي صدر عام 2003. لكن غير ذلك فالكتاب جذاب ويصلح لجميع القُراء.