سنتحدث في تلك السلسلة عن تاريخ علم الأحياء على الأرض، أو بلغة أدق تاريخ الأحياء على الأرض. ربما الحديث عن موضوع كذلك قد يبدو مخيفاً نوعاً ما لضخامة الأحداث والأنواع التي تواجدت على الأرض مُنذ نشأة الحياة الأولى. فكيف سيمكن حصر آلاف بل ملايين من الأنواع في سلسلة من المقالات؛ فذلك الأمر الذي يحتاج مجلدات من الكتب للإحاطة به. لكن حتى لا نجعل القارئ من التشتت سوف نُحدد في المقالة الأولى بعض الأمور التي تخص علم الأحياء. وستكون هي الانطلاقة الأولى لتلك السلسة في المملكة الأخيرة من الممالك ال 5 الموجودة على الأرض -أو ال 4 في التصنيف الجديد- وهي مملكة الحيوان. والسبب لاختيار التسلسل الزمني ذلك (من الأحدث للأقدم) لأن مملكة الحيوان هي التي ننتمي إليها في التصنيف.
اقرأ: تصنيف الحشرات أثناء طيرانها
مملكة الحيوان وعلم الأحياء
هناك عدة زوايا يمكن أن نتحدث عنها في سياق تلك المملكة الكبيرة على سبيل المثال: أنواع الحيوانات والفصائل وأهميتها أو الحديث عن نوع بعينه – بالطبع سيكون الأمر مرهق جداً- أو حتى الحديث عن جنس معين أو حتى إلقاء الضوء على كل شعبة وأشهر خصائص الحيوانات الموجودة بها. لكن من الأفضل أن يكون هذا المقال هو نبذة تاريخية عن علم الأحياء والتصنيف بشكلٍ عام. ما يجعلنا ننتقل لبعض المفاهيم التي لا غنى عنها في هذا العلم حتى يكون القارئ على معرفة بما يقرأ. وأظن أن ذلك التسلسل سيكون الأفضل وبداية من الجزء الثاني سنبدأ الخوض في الشعب المختلفة والأنواع ونبحر سوياً مع عوالم الكائنات الموجودة وبعض الأحداث الأخرى المرتبطة بها. فضلاً عن رصد التطورات العلمية المقترنة ببعض الكائنات وخصائصها النادرة.
على مدار التاريخ كان هناك العديد من المحاولات لتفسير صفات الكائنات الحية وخصائصها، خصوصاً في التاريخ اليوناني والإسلامي. بدايتها كان عند الفيلسوف اليوناني أرسطو الذي قام بتصنيف الكائنات الحية وفقاً لوجود الدم؛ فقال أن هناك حيوانات تمتلك دم أحمر تسمى Enaima وكان يشير إلى أنها الحيوانات الفقارية بشكل عام. أما التي لا تمتلك دم أحمر هي Anaima وهي الحيوانات الغير فقارية. وفي التاريخ الإسلامي الجاحظ الذي قدم كتاب علم الحيوان. وعلى الرغم من أنه كان بعيداً نوعاً ما عن علم الحيوان حيث أن الكتاب كان مقترن بدراسة الحيوان في سياق أدبي أكثر من كونه علمي ولكنها كانت محاولة لفهم الكائنات بوجه عام.
التسمية الثنائية – binomial nomenclature
حتى جاء العالم الشهير كارولوس لينيوس ووضع أول أساس للتصنيف في القرن في منتصف القرن 18 ووضع معه أول تصنيف. وقسم الكائنات الحية عموماً إلى مملكة الحيوان ومملكة النبات بناءً على الاختلافات التركيبية للخلايا، لكن أهم ما قدمه هو التسمية الثنائية -binomial nomenclature التي يستخدمها العلماء حتى الآن. وهي تتكون من اسمين الاسم الأول يكون للجنس والاسم الثاني يدل على النوع.
والنوع ببساطة هم مجموعة من الأفراد يستطيعون التزاوج فيما بينهم أما الجنس يضم العديد من الأنواع.
على سبيل المثال كلمة Entamoeba وحدها تعني جنس الانتاميبا ويضم العديد من الأنواع وكل نوع لديه نفس العدد الكروموسومات – إن لم يحدث أي طفرات – مثل E.histolytica و E.coli وغيرهم. في الواقع تلك التسمية اللاتينية للحيوانات أو أي كائن حي ضرورية للغاية حتى يكون الاسم متعارف عليه عالمياً وسط العلماء. فمثلاً كيف لعالم أمريكي سيفهم الاسم الشائع لنوع سمك متواجد بمصر! فعادة الأسماء الشائعة يتم تداولها بين العلماء من نفس المنطقة أو لتسهيل الحديث عن الكائن. لكن الأصل تلك التسمية التي أضافها لينوس للمجتمع العلمي.
التصنيف في علم الأحياء
من أهم الأشياء التي يتم دراستها في علم الأحياء هي التصنيف. بشكل عام عند الحديث عن تصنيف أي شيء يمكن تصنيفه وفقاً لزوايا مختلفة مثلاً يوجد تصنيف حسب الخلايا لدى الكائن وينقسم إلى Prokaryotic – بدائيات النواة و Eukaryotic – حقيقيات النواة. لكن التصنيف الأشهر الذي يتبعه العلماء هو التصنيف وفقاً لصفات الكائنات ككل. وهو تصنيف ينتقل من الصفات العامة للصفات الخاصة حتى نصل إلى الجنس ومن ثم النوع فعلى سبيل المثال مملكة الحيوان تضم شعبة الحبيليات التي تضم الفقاريات وبداخلها العديد من الأنواع كالأسماك والزواحف والبرمائيات والثدييات وهكذا. وظهور تلك الكائنات على الأرض أقترن بالكائنات التي قبلها وعاشت معها أيضاً. فكل مجموعة كائنات عاشت وتكيفت بشكلٍ ما ومنها الذي أنقرض ومنها الذي أستمر حتى الآن للقدرة على التكيف.
فمثلاً الأوليات أقدم الكائنات على سطح الأرض التي لازالت تعيش معنا الآن لقدرتها على التكيف. على سبيل المثال، الأميبا وهي من الأوليات التي عاشت منذ ملايين السنين وتمتلك خاصية Immortal فهي لا تموت بشكل طبيعي وتستطيع التكاثر بالانشطار الثنائي في جميع الظروف. لذلك هي حيوان قادر على التكيف تحت أي ظروف تقريباً. في الواقع، أغلب الأوليات تمتلك تلك الخاصية التي مكنتها من العيش لملايين السنين.
تضم مملكة الحيوان حوالى 10 شعب – Phylum وفي المقال التالي سنبدأ بالحديث عن كل واحدة منها بالتدريج في تسلسلها التاريخي. ونتعرف على بعض الأنواع الموجودة بتلك الشعب وكيف عاشت وما الصفات المشتركة في تلك الشعب وأهم الخصائص الموجودة والتي قد تكون مهمة لبعض الباحثين والإنسان بشكل عام.
مصادر
Britannica, T. Editors of Encyclopaedia (2020, October 1). Classification. Encyclopedia Britannica. https://www.britannica.com/science/classification-biology
“Kingdom .” U*X*L Complete Life Science Resource. . Encyclopedia.com. 22 Sep. 2021 <https://www.encyclopedia.com>.