إن جسم الانسان هو مثل أي نظام دقيق على وجه الكرة الأرضية، بل قد يكون أكثرها دقّة وتكاملا. لذلك لابد أن يكون هنالك من يقف على رأس هذا النظام ويتحكم به. هذه هي وظيفة الجينات، فهي تحتوي على كل المعلومات اللازمة لعمل الجسم ومنها يعرف الجسم على سبيل المثال كيف ينمو أو ينتج بروتينات معينة. ولكن ما علاقة هذا بداء السرطان؟
داء السرطان أو ما يسمى أيضاً بالورم الخبيث هو ليس إلا تكاثرا سريعا (انقسام) للخلايا دون رادِع. إذا تكاثرت الخلايا في مكان معين بشكل كبير فإنها تُكوّن ورما في هذا المكان، واذا كانت غير مؤذية ولا تنتقل من مكان لآخر فتعرف باسم ال”ورم الحَميد”. أمّا اذا اخذت تؤذي الانسجة المجاورة لها وانتقلت من مكان لآخر مثلاً من خلال الجهاز اللّمفاوي فإنها تدعى خلايا سرطانية أو “أورام خبيثة”. وقد سماها “جالينيوس” بهذا الاسم لأنه عندما رأى الورم على وريد كان شكله يشبه السرطان.
لماذا تتكاثر الخلايا دون رادع؟
للخلايا نظام موت مبرمج(Apoptosis) يعمل في حال أراد الجسم موت الخلية لسبب من الأسباب مثلاً: هناك مراقبة على الجينات وإذا تعرضت لضرر معيّن ينتج ال بروتين P53 والذي يحفز بدوره الموت المبرمج لهذه الخلية كي لا تتكاثر وتتفاقم بذلك المشكلة في الجسم. فإذا تعرض هذا البروتين لخلل أو كانت الخلية لا تستجيب له لعطل ما بالخلية تبقى الخلية على قيد الحياة وتتكاثر شأنها شأن أي خلية أخرى وتكثر بذلك الخلايا المصابة بهذه الطفرة.
مسبب آخر قد يكون خللا بالجينات المانعة لنشوء السرطان (Tumor suppressor gene). إن الخلايا عند الجنين والطفل تتكاثر بشكل كبير كي ينمو وبعد ذلك حينما يكبر لابد من رادع ليحد من هذا التكاثر وهي ال (Tumor suppressor gene)، فإذا أُصيبت بضرر معين يعود التكاثر الغير مرغوب به الآن للخلايا أي يتكوّن مرض السرطان.
كيف يمكن لهذه الطفرات أن تصيب الجينات؟؟
هنالك عدة عوامل يمكن لها أن تؤدي لنشوء طفرة (mutation) مثل التعرّض للأشعة أو بسبب مواد كيميائية أو حتّى من الممكن ان يكون المسبّب وراثيا.
هناك أيضاً سبب التقدم بالجيل فمن المعروف أن جينات الخلايا العادية (ليست التناسلية) تصغر مع كل إنقسام للخلية، بمعنى أن أطراف الكروموزومات (Telomere) تخسر بعض نوكليوتيداتها وهذا لا يؤثر بالتأكيد على عمل الخلايا، لأن هذه الاطراف هي فقط للحماية ولا يوجد بها معلومات وراثية. لكن يرى البعض أنه كلّما قلّت هذه الأطراف (التقدم بالعمر) فمن شأن هذا أن يزيد من إحتمال نشوء خلايا سرطانية.
وأيضاً نوع الغذاء والتدخين يلعبان دوراً كبيرا في الموضوع
أمّا الأساليب الأكثر إتباعاً لعلاج مرض السرطان فهي التدخل الجراحي وإستئصال الورم بشكل مباشر، أو العلاج بالأشعة والتي تقوم بتدمير الخلايا في المنطقة المصابة بالسرطان. ويلجأ الاطباء كحل أخير الى العلاج بالستيتوستاتيكا (العلاج الكيماوي)، والذي يعتمد أساسا على مواد تقوم بمنع عمل إنزيمات معيّنة ضرورية لإنتاج الحمض النووي (DNA) وبذلك تمنع أو تحدّ من سرعة إنقسام خلايا الجسم كافة حتى يتمكن جهاز المناعة من مقاومة السرطان. أي أن هناك أنواعا كثيرة من السرطان يستطيع جهاز المناعة التغلّب عليها ولكن إذا أُتيح له الوقت لأن الخلايا السرطانية تتكاثر بسرعة كبيرة.