يهدف إصدار جديد لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة ”FAO” إلى النهوض بصون المحاصيل الغذائية، على اعتبار أن كثيراً منها ينطوي على أهمية حاسمة لضمان الأمن الغذائي والتغذوي لسكان الكوكب.
ويطرح التقرير المعنون “معايير بنوك الجينات للموارد الوراثية النباتية، لأغراض الغذاء والزراعة”، الخطوط العريضة والمعايير الدولية الطوعية لكثير من مستودعات – أو بنوك الجينات – في جميع أنحاء العالم، والتي تختزن البذور وغيرها من المواد الوراثية المستخدمة في إعادة إنتاج النباتات، وكذلك نشر النباتات الحيّة في الحقول.
ويُختزن حالياً أكثر من 7 ملايين عينة من البذور، والأنسجة وغيرها من مواد الإكثار النباتي للمحاصيل الغذائية، جنباً إلى جنب مع أقربائها البرية في نحو 1750 بنكاً للجينات الوراثية.
وصُممت المعايير الجديدة لتوجيه المستخدمين في تطبيق التقنيات والإجراءات الأكثر ملائمة لجمع وتوثيق وحفظ التنوع المحصولي. ومن شأن وضع هذه المعايير موضع التطبيق على نطاق واسع أن يدعم البحوث الجارية تحقيقاً لإمكانية وقف استنزاف التنوع البيولوجي، وتعزيز الاستدامة في الزراعة وهما شرطان لا بد منهما لتلبية احتياجات الغذاء لسكان العالم المتوقع أن تتجاوز أعدادهم تسعة مليارات نسمة بحلول عام 2050.
وتساعد بنوك الجينات المدارة جيداً في الحفاظ على التنوع الوراثي وإتاحته لمربّي النبات والعلماء، ممن يمكنهم استخدامه لتبادل وتطوير أصناف نباتية محسنة بما في ذلك تكييفها على نحو يتواءم مع الظروف الايكولوجية الزراعية النوعية للأقاليم والمناطق.
وقال الخبير وانغ رِن، المدير العام المساعد لقطاع الزراعة وحماية المستهلك لدى منظمة “فاو”، أنه “في ظل نمو عدد سكان العالم واستمرار مواجهة مجموعة متزايدة من التحديات مناخياً وبيئياً وغير ذلك، يصبح الحفاظ على مجموعة متنوعة وسليمة وراثياً من البذور والموارد النباتية الأخرى لصالح البشر في جميع البلدان ضرورة لحفظ النظم الزراعية والغذائية المستدامة وصون مرونتها، جيلاً بعد جيل”.
وذكرت الخبيرة ليندا كوليت، أمين اللجنة الحكومية الدولية لدى منظمة “فاو” بشأن الموارد الوراثية للأغذية والزراعة، أن “بنوك الجينات تساعد على رأب الشق بين الماضي والمستقبل من خلال ضمان استمرار توافر الموارد الوراثية النباتية للبحوث ولتربية أصناف جديدة تلبي احتياجات المستهلكين وتتطور باستمرار لتواكب تغير المناخ. كما أنها تساعدنا على صون الموارد الوراثية النباتية وتحسينها، وتمكّن البلدان من تقاسم وتبادل الموارد الوراثية فيما بينها”.
مجموعة واسعة من التطبيقات
أعِد تقرير “معايير بنوك الجينات” بإشراف هيئة منظمة “فاو” للموارد الوراثية في مجال الأغذية والزراعة، التي اعتمدت في عام 2013 المعايير الدولية لحفظ البذور في البنوك الوراثية، وبنوك الجينات الميدانية؛ وحفظ الأنسجة النباتية في المختبرات والحفظ بالتجميد، وحثت على اعتماد هذه الإجراءات دولياً.
وتتناول المعايير الجديدة غير الملزِمة مجموعة واسعة من القضايا، بما في ذلك تقنيات جمع العينات، والتوصيف المتسق، والحماية من الفطريات والبكتيريا والآفات وعوامل الإجهاد المادي، واختبارات الحيوية والسلامة الوراثية، وتطوير وضع استراتيجيات الإكثار السريع للعينات وتوزيعها.
وتتفاوت بنوك الجينات في العالم كثيراً في حجم مجموعاتها المحفوظة والموارد البشرية والمالية المتاحة لها. ولسوف تساعد المعايير الجديدة مدراء بنوك الجينات على تحقيق توازن بين الأهداف العلمية، والموارد المتاحة، والظروف الموضوعية لأنشطتهم.
واستشار خبراء منظمة “فاو” في سياق إعداد المعايير الجديدة مجموعة واسعة من الشركاء، بما في ذلك خبراء الجماعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية(CGIAR) ، وهي شراكة عالمية للبحوث تضم 15 مركزاً في جميع أنحاء العالم، ولا سيما منظمة التنوع البيولوجي الدولية (Bioversity International)، ومدراء بنوك الجينات، والمؤسسات الأكاديمية والبحثية ذات الصلة، ونقاط الاتصال الوطنية للموارد الوراثية النباتية للأغذية والزراعة.
وتؤكد المعايير التي أطلقتها منظمة “فاو” على أهمية تأمين وتبادل المواد الوراثية جنباً إلى جنب مع الوثائق ذات الصلة بما يتماشى مع اللوائح الوطنية والدولية. وبوصفها كذلك تأتي المعايير كأداة هامة في إنفاذ المعاهدة الدولية بشأن الموارد الوراثية النباتية للأغذية والزراعة وخطة العمل العالمية الثانية للموارد الوراثية النباتية في مجالات الأغذية والزراعة… كركيزتين للبلدان في دعم جهود الحفظ والاستخدام المستدام للتنوع المحصولي.
الزراعة “محرّك النمو” الذي تحتاجه إفريقيا
المدير العام للمنظمة يتحدث عن انطلاق السنة الإفريقية للزراعة والأمن الغذائي وهدف القضاء على الجوع عام 2025
30 يناير|كانون الثاني 2014 ، أديس أبابا|روما – أكد جوزيه غرازيانو دا سيلفا، المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة ”FAO”، اليوم أن الزراعة يجب أن تصبح محرك النمو، الذي تحتاجه إفريقيا للقضاء على الجوع وتعزيز الإنتاج الغذائي المستدام.
وكان غرازيانو دا سيلفا يتحدث في لقاء جانبي على هامش أعمال مؤتمر قمة الاتحاد الإفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، داعياً إفريقيا إلى تكثيف جهودها.
وأشار المدير العام للمنظمة، إلى أن أكثر من واحد بين كل خمسة أشخاص من مواطني القارة السمراء “لا يزال يعاني من إنكار حقه في الغذاء”.
وأضاف أن معظم الاقتصادات العشر الأسرع نمواً في العالم إنما تعود إلى بلدان إفريقية، ولذا فإن الإقليم قادر على تغيير أوضاعه.
وقال أن التحدي الماثل بالنسبة لإفريقيا هو أن يصبح هذا النمو الاقتصادي أكثر شمولاً من خلال استهداف التنمية الزراعية والريفية، والنهوض بأوضاع النساء والشباب.
وأوضح المدير العام للمنظمة أن نحو 75 بالمائة من الأفارقة لا تتجاوز أعمارهم 25 سنة، والمتوقع أن يظل سكان القارة معتمدين إلى حد كبير على المناطق الريفية في معيشتهم على مدى السنوات الخمس والثلاثين المقبلة، وأن تترأس نسب كبيرة من النساء الأسر عوضاً عن الرجال.
وذكر أن “الزراعة هي القطاع الوحيد في الاقتصاد، القادر على استيعاب هذه القوى العاملة”، مضيفاً “وليس هنالك من طريق شاملة ومستدامة لإفريقيا إلى الأمام بدون النساء والشباب والزراعة”.
السنة الإفريقية للزراعة والأمن الغذائي
وتملك الحكومات في القارة السمراء الفرصة لتجديد دعمها للتنمية الزراعية في غضون عام 2014، باعتبارها السنة الإفريقية للزراعة والأمن الغذائي، والتي سيعلن عن إطلاقها خلال قمة الاتحاد الإفريقي هذا الأسبوع.
وقال غرازيانو دا سيلفا، “إن إطلاق السنة الإفريقية للزراعة والأمن الغذائي هو خطوة هامة صوب إفريقيا مستدامة وخلوٍ من الجوع، وهو الحلم الذي راود (زعيم جنوب إفريقيا الراحل) نِلسون مانديلا، وكثيرين غيره ممن ناضلوا من أجل هذا الهدف”.
وأشار المدير العام إلى أن هذه السنة الإفريقية سوف تبني على صرح جهود البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في إفريقيا ”CAADP”، الذي انطلق في عام 2003.
ويجري الاحتفال بالسنة الإفريقية للزراعة والأمن الغذائي بالتوازي مع سنة الأمم المتحدة الدولية للزراعة الأسرية، التي يُحتفى بها أيضاً في غضون عام 2014.
وذكر غرازيانو دا سيلفا، أن ”صغار المزارعين وصيادي الأسماك وأسر الرعاة كان ينظر إليهم في أجزاء كثيرة من العالم لسنوات عديدة بوصفهم جزءاً من مشكلة الجوع”.
لكنه أضاف، “ولا يمكن اعتبار هذا القول أبعد عن الحقيقة من ذلك. إذ أن مزارعي الأسرة هم بالفعل منتجو الغذاء الرئيسيون لدى معظم البلدان، بل وبوسعهم أن ينجزوا أكثر من ذلك إذا ما تلقوا الدعم الصحيح”.
وقال أن تحسين فرص الحصول على الخدمات المالية والتدريب والميكنة والتكنولوجيا يمكن أن يحوّل مزارعي الكفاف إلى منتجين ذوي كفاءة.
وأكد غرازيانو دا سيلفا أن الزراعة الأسرية من خلال رفع الإنتاج مع الحفاظ على الموارد الطبيعية، يمكن أيضاً أن توفر بديلاً مستداماً للتكنولوجيا الكثيفة المدخلات التي تمخضت عن الإضرار بنوعية التربة والأراضي، والمياه، والتنوع البيولوجي.
عام 2025 وهدف “صفر جوعاً”
وأشاد المدير العام بما وصفه بأنه “التزام، على أعلى مستوى، للقارة بأسرها” من أجل القضاء على الجوع في إفريقيا بحلول عام 2025.
والمعتزم أن يتبنّى مؤتمر قمة الاتحاد الإفريقي هذا الأسبوع، هدفاً يتسق مع حملة “تحدي صفر جوعاً”، كمبادرة عالمية شاملة لمحو الجوع أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في عام 2012.
المصدر: أفاق بيئية