دائما وابدا ما يسعى أعضاء هيئة التدريس/ البحوث بالجامعات والمؤسسات البحثية المحلية والعالمية للحصول على الالقاب العلمية العليا ذات المستوى الاكاديمى والبحثى المتقدم، وهم فى سعيهم يبذلون الكثير من الوقت والجهد ويتحملون ويحملون مؤسساتهم الكثير من التكاليف المالية. ومن هنا كان من الضرورى أن تبذل كل من المؤسسات الجامعية والبحثية قصارى جهدها لتوفير التكاليف ووضع القوانين واللوائح والأليات المنظمة لعملية الحصول على اللقب العلمى الذى قد يتبعه توفير كافة التدابير المطلوبة للتعيين لما تم الحصول عليه من درجات علمية عليا. وهنا لابد أن يتوقف القلم قليلا ونلتقط الأنفاس ونتوقف أمام طبيعة عمل كل من عضو هيئة التدريس بالجامعة وعضو هيئة البحوث بالمؤسسة البحثية مع الأخذا فى الاعتبار ان يكون هناك معيار حقيقى لتقييم المستوى الفعلى لهؤلاء الأعضاء. فليس من منطقية الأشياء ان تكون معايير التقييم المؤدية الى الحصول على الألقاب العلمية العليا قائمة فقط على كل من الانتاج العلمى والنشاط نظرا لأن كل من هذا وذلك لابد أن يكون لدى هؤلاء الأعضاء ولكنهما لن يعبرا عن المستوى الحقيقى الذى يجب أن يكون هو الهدف الرئيسى. حيث أنه من السهولة بمكان أن يستطيع العضو البحثى أو التدريسى أن يشترك مع أقرانه فى نشر مخطوطته العلمية فى مجلة علمية مرموقة وان يكون دوره بسيط علاوة على ان هذا لا يعبر عن مستواه العلمى الحقيقى خصوصا ونحن أمام التقدم للحصول على ألقاب علمية عليا. علاوة على أن النشاط العلمى لا تعبر تعبيرا حقيقيا عن المستوى العلمى الحقيقى لراغبى الحصول على هذه الألقاب. ولا تحدثنى عن ما يسمى بتكليفه باعداد والقاء ما يسمى بالبحث المرجعى/ بحث عرض الاتجاهات الحديثة، والذى يستطيع أن يجيد اعداده وعرضه طلاب المرحلة الجامعية. كل هذا يستدعى بل ويستوجب أن يكون هناك معيار حقيقى لتحديد المستوى الفعلى ومن ثم منح الألقاب العلمية العليا مع مراعاة طبيعية عمل كل عضو سواء على المستوى التدريسى أو المستوى البحثى، اعتمادا على أنه لكل حادث حديث.
حيث أنه لا مجال غير المجال البحثى فى المؤسسات البحثية، مع انحصار هذا المجال البحثى مقارنة بالمجال التدريسى فى المؤسسات الجامعية. فالعبء التدريسى وملحقاته غالبا ما تؤثر على المجال البحثى الخاص بعضو هيئة التدريس الذى يتمزق وقته ما بين تدريس ووضع وتقييم اختبارات لعلوم تخصصية محدده للطلاب للحصول على درجة الليسانس/البكالوريوس، ناهينا عن تلك للدراسات العليا لدرجتى الماجستير والدكتوراه. فى حين نجد أن العبء البحثى الخاص بعضو هيئة البحوث كثيرا ما يجد له متسع من الوقت لأن الشغل الشاغل لهذا العضو لن يكون الا عملية البحث العلمى فقط مع توافر الكثير من الامكانيات العملية والمعملية التى قد لا تتوافر لعضو هيئة التدريس. ومع اختلاف طبيعة العمل الخاصة بأعضاء هيئة التدريس/ البحوث بالجامعات والمؤسسات البحثية ، لابد ان تختلف معايير التقييم للحصول على الألقاب العلمية لكل منهما وذلك من حيث الكم والكيف.
فمعايير تقييم عضو هيئة التدريس للحصول على اللقب العلمى الأعلى لابد أن تهتم بتقييم كافة النواحى التدريسية وذلك على حساب النواحى البحثية وذلك لا لشئ غير أن طبيعة العمل تختلف كثيرا عن نظيرتها بالنسبة لعضو هيئة البحوث الذى يجب أن تكون معايير تقييمه متجهه الى الناحية البحثية. وعلى الرغم من كل هذا فهناك من المعايير التى يجب أن تكون موحدة بالنسبة لكليهما، هذا فيما يخص أليات تقييم الانتاج العلمى القائم على ما تم نشره أو ما تم قبوله للنشر من مخطوطات علمية. أما فما يخص النشاط العلمى لكل منهما فلابد أن يكون لكل منهما معايير خاصه به هذا اعتمادا على اختلاف طبيعة عمل كل منهما.
ونأتى فى نهاية الأمر الى ضرورة استحداث أليه محددة لتقييم المستوى الحقيقى (مدى الكفاءة العلمية) لكل عضو وذلك من الناحية العلمية التى هى محور كل من العمل التدريسى والعمل البحثى ، ولن يكون هذا الا من خلال امتحان أ واختبار يكون قبل أو بعد تقييم انتاجه ونشاطه العلمى على ان يسبق هذا الامتحان مستوى دراسى معين لعدد من المقررات العامة والتخصصية فى مجال العضو التدريسى أو البحثى، كما يستحسن ان يكون هناك اختبار فى لغة البحث الذى يعمل فيه.
واعتقد ان المعايير الثلاث السابقة المتضمنة تقييم كل من الانتاج والنشاط العلمى مع اجتياز الاختبارات العلمية والفنية واللغوية المسبوقة بدارسة مقررات ذات مستويات متقدمة، تكون قد اعدت اساتذه متميزين كل فى مجال تخصصه. ولكن قد تصطدم هذه الرؤية مع بعض الصعوبات ولكنها ضرورة يجب أن تكون، ولما لا؟ وهناك بالفعل الكثير من الجامعات التى تشترط للحصول على درجتى الماجستير والدكتوراه أن يسبقهما على الأقل عام دراسى كامل يتم فيه تناول مقررات دراسية معينة، ومن ثم ومن باب أولى أن يكون هذا بالنسبة لمن يرغب فى الحصول على الألقاب العلمية العليا التى منها درجة ولقب أستاذ فى المجال التدريسى لعلم معين أو أستاذ باحث فى علم ما.