تشير دراسة جديدة إلى أن مضغ قطعة من العلكة قد يساعدك في التخلص من أغنية مزعجة عالقة في رأسك وهي الحالة التي تسمى بـ(Earwarm) أو دودة الأذن، حيث تبين أن تحريك الفك إلى الأعلى والأسفل كفيل بأن يقلل من عدد المرات التي تفكر فيها بأغنية ما، ويخفض من عدد المرات التي تسمع فيها الأغنية في عقلك مراراً وتكراراً.
إن هذه الطريقة ليست عبارة عن عصا سحرية، ففي سلسلة من ثلاث تجارب، وجد الباحثون أن المتطوعين الذين تم إعطاؤهم العلكة وطلب منهم أن “يمضغوها بقوة” بعد سماعهم لموسيقى تتميز بأنها تعلق في الأذهان، مثل أغنية “Play Hard” لـ(ديفيد جوتا) أو “Payphone” لفرقة (مارون 5)، انخفض مقدار الذكريات المتربصة بعقولهم عن الأغنية، ولكنها لم تختف تماماً، ولكن مع ذلك يقول العلماء بأن مضغ العلكة هو من التكتيكات التي تستحق المحاولة إذا كنت لا تستطيع التوقف عن غناء أغنية ما.
بحسب (فيليب بيامان)، وهو أستاذ مشارك في مجال العلوم المعرفية في جامعة ريدينغ في إنجلترا، والمؤلف الرئيسي لهذا التقرير، إذا كنت تحاول تخليص نفسك من لحن غير مرغوب فيه، فإنه من غير المحتمل أن تعود لترديده عند مضغك للعلكة.
تُعرف الإيقاعات التي تعلق في رؤوسنا باسم دودة الأذن (earworm)، وهي أمر ابتلي به البشر منذ فترة طويلة، ففي عام 1845، كتب (إدغار ألن بو) أنه أمر طبيعي أن تعلق أغنية مزعجة في ذاكرة الإنسان، وفي السنوات القليلة الماضية نالت الذكريات الموسيقية حظاً من الدراسة العلمية، حيث أظهرت الأبحاث مثلاً أن الأشخاص الذين يمتلكون وظائف معرفية أكثر من غيرهم يعانون من تجربة دودة الأذن (earworm) لمدة أقصر من أقرانهم الذين يمتلكون قدرات معرفية أقل، بينما وجدت دراسة أخرى تم إجراؤها في عام 2012 أن تركيز المتطوعين اهتمامهم العقلي على مهمة أخرى بعد سماعهم للحن معين يلتصق بالذاكرة، زاد من قدرتهم على الحد من حدوث حالة دودة الأذن (earworm)، ولكن بشرط أن تكون هذه المهمة غير صعبة للغاية ولا بسيطة للغاية.
بدأ (بيامان) بمعاينة زاوية مضغ العلكة بعد أن صادف تعليق لشخض مجهول على الانترنت يدعي فيه أن مضغ عود قرفة يمكن أن يمنع الأغاني من أن تعلق في رأس المرء، وما أثار اهتمام (بيامان) هو أن مضغ عيدان القرفة كان يتفق إلى حد كبير مع ما كان يعرفه مسبقاً حول الكيفية التي يمكن فيها لتحريك الفم والفك أن يؤثر على الذاكرة والقدرة على تخيل الموسيقى.
كانت دراسات سابقة قد أظهرت أن تمتمة أشياء عشوائية مثل الأحرف القليلة الأولى من الأبجدية أثناء النظر إلى قائمة من الكلمات يجعل معظم الأشخاص ينسون من ثلث إلى نصف الكلمات التي تكون موجودة على القائمة، كما أظهرت الدراسة أن تمتمة الكلمات يمكن أن تتداخل مع الذاكرة السمعية.
أراد (بيامان) اختبار ما إذا كان يمكن للمضغ أن يحد من قدرة الشخص على توليد ما يسميه “بالصور السمعية”، لذلك وفي التجربة الأولى من التجارب الثلاث، قام (بيامان) وفريقه بإسماع 40 طالباً من المرحلة الجامعية أول 30 ثانية من أغنية “Play Hard” مرتين، وبعد ذلك طلبوا منهم بأن يحاولوا التفكير بأي شيء يشاؤونه خلال ثلاث دقائق باستثناء الأغنية، وطلب منهم أيضاً بأن يقوموا بضغط المفتاح “q” على لوحة المفاتيح إذا ما أتت الأغنية على أذهانهم.
بعد انتهاء الدقائق الثلاث، قال الباحثون للطلاب بأنه بإمكانهم التفكير في أي شيء يريدونه بما في ذلك الأغنية، ولكنهم طلبوا منهم أيضاً بأن يقوموا بضغط المفتاح “q” على لوحة المفاتيح إذا ما أتت الأغنية على أذهانهم، والجدير بالذكر أن جميع الطلاب شاركوا في التجربة مرتين، مرة أثناء مضغهم للعلكة بقوة بعد الاستماع إلى الموسيقى، ومرة من دون مضغ العلكة.
أظهرت النتائج أنه عندما لم يكن الطلاب يمضغون العلكة، كانوا يفكرون بالأغنية بما معدله تسع مرات خلال فترة الثلاث دقائق الأولى، وبمعدل 10 مرات خلال فترة الثلاث دقائق الثانية، ولكن عندما كانوا يمضغون العلكة، انخفض عدد المرات التي كانوا يفكرون فيها بالأغنية إلى ما معدله ست مرات تقريباً خلال الفترتين.
أظهرت التجربة الثانية أن مضغ العلكة كان لديه تأثير أكبر على “سماع” الأغنية في رؤوس الأشخاص بدلاً من التفكير فيها، فخلال التجربة الثانية، طلب من المشاركين أن يقوموا بالضغط على “q” عندما تأتي الأغنية إلى أذهانهم كفكرة وأن يضغطوا على “p” كلما سمعوا الأغنية تُعزف في رؤوسهم، وبعد انتهاء التجربة أفاد المتطوعون الذين لم يمضغوا العلكة بأنهم فكروا في الأغنية بما معدله مرتين خلال ثلاث دقائق ولكنهم سمعوها وهي تُعزف في عقولهم ست مرات في نفس الفترة الزمنية، أما عندما كانوا يمضغون العلكة، فبقي متوسط عدد المرات التي فكروا فيها بالأغنية على حاله، في حين انخفض عدد المرات التي سمعوا فيها الأغنية في عقولهم إلى أربع مرات خلال ثلاث دقائق.
في التجربة النهائية، أراد الباحثون اختبار ما إذا كان تأثير مضغ العلكة للحد من تكرار دودة الأذن (earworm) في الدماغ يمكن أن يتأثر بالأنشطة الحركية الأخرى مثل النقر على الطاولة، وفي هذه الحالة، أشارت المجموعة التي سمعت الأغاني ولكنهم لم يكونوا يمضغون العلكة ولم ينقروا على الطاولة أنهم فكروا أو سمعوا الأغنية 12 مرة في أذهانهم خلال دقيقتين، فيما أشار المشاركون في المجموعة الذين سمعوا الأغنية ونقروا على الطاولة بأنهم فكروا بالأغنية بما متوسطه سبع مرات خلال دقيقة واحدة، كما أشار المشاركون في مجموعة المضغ (سمعوا الأغنية ونقروا على الطاولة وهم يمضغون العلكة) أنهم فكروا في الأغنية حوالي أربع مرات في الدقيقة الواحدة، وإن نتائج التجربة الثالثة تبين أن النشاط الحركي بشكل عام ليس له أي أثر على مدى تكرار حالة دودة الأذن.
ستكون الخطوة التالية بحسب (بيامان) هي دراسة المدة التي يمكن فيها لتأثير مضغ العلكة أن يستمر في الحد من دودة الأذن، وعما إذا كان اللحن يعود مجدداً إلى رؤوس الأشخاص بعد أن يتوقفوا عن مضغ العلكة، كما يرغب (بيامان) بمعرفة فيما إذا كان مضغ العلكة يساعد الأشخاص على التخلص من الأصوات المخيفة التي تعلق في رؤوسهم.
أخيراً أضاف (بيامان) أن بحثه لا يقدم أي فكرة عن الإيقاعات التي يمكن أن تصبح في نهاية المطاف (earworm)، حيث أن آلية هذا الأمر تبدو غريبة إلى حد كبير.