بينما كان سام بيرس المخترع والمصمم في المطار في هولندا منتظراً رحلته، لاحظ وجود امرأة تدفع عربة طفل، عندما وصلت لحافة رصيف لم تنتبه إليه لترفع العجلات الأمامية التي ارتطمت به بقوة وعادت إلى الخلف، ليطير الطفل للأمام فجأة ، وينفجر في الصراخ والألم !
يقول سام أن العجلات إذا اصطدمت بأي حافة بالزاوية الخطأ فإنها تصبح بلا فائدة، عربات الأطفال بعدها كانت بداية اهتمامه بكيفية تفاعل العجلات مع الاصطدام، والذي ليس مقبولاً إطلاقاً، صحيح أن العربة لديها ممتص للصدمات تحت المقعد ما يساعد على تقليل قوته، لكنه لا يحفظ العجلات من الارتداد إلى الخلف عندما تصطدم بمطب أو حافة، وفي خمس ثوان فقط، كان في دماغ سام فكرة جديدة.
أخذ سام يفكر بنظام لامتصاص الصدمات يكون موجوداً في العجلات نفسها، بشكل يجعلها قادرة على الدوران فوق المطب أو الحافة بدل الارتداد، وقام برسم اسكتش سريع لذلك، ثم وضعه جانباً لمدة وصلت إلى سنتين، قال أنه حينها لم يكن الأمر واضحاً له، كانت لديه أفكار كثيرة، لكنه لم يكن يعرف كيف يحولها إلى تصور حقيقي، لكن هذه الفكرة بقيت تراوده بشكل ملح بين الفينة والأخرى.
في أحد الأيام جلب سام بعض الأنابيب المطاطية من أحد أماكن تصريف المطر، ثم قطعها إلى أجزاء طول كل منها 6 بوصات، وقام بعمل حلقة من كل واحدة، ووضعها في عجلة خشبية، وبدأ في تدويرها على الطاولة ثم أسرع بوضع قبضته أمامها كأنها مطب صناعي مثلاً، مع أن ذلك كان نموذجاً أولياً جداً، إلا أن سام أدرك أنه بصدد فعل شئ ما.
جميعنا نعرف الجملة التي تقال للتهكم من أولئك الذين يعيدون اكتشاف البديهيات، نحن نباغتهم بسخرية: هيه توقف عن ذلك، هل تعيد اختراع العجلة؟ لكن هذا حدث فعلاً مع سام، لقد أعاد اختراع العجلة، وقد عمل على أشياء كثيرة سبقت ذلك، مثل أداة جراحية لا تقتحم الجسم، وتقنيات للطي ثلاثي الأبعاد، والدراجات النارية.
هذه لم تكن المرة الأولى التي يعمل فيها احدهم على إعادة ابتكار العجلة التقليدية، وهو الاختراع الذي بقي نافعاً منذ آلاف السنين، وسام لم يكن أول شخص يضع ممتصاً للصدمات داخل العجلة، فآخر محاولة حديثة مثلاً كانت لمزارع إسرائيلي في تل أبيب، والذي كان قد عانى من حادث جعله مقعداً، لكن كرسيه المتحرك الذي كان يستخدمه للالتفاف حول محاصيله ومتابعتها بقي يشعره بعدم الراحة بشكل كبير، قام حينها بابتكار عجلة ذات إسطوانات ضغط داخلها، وقال سام أنه بقي يبحث في تاريخ المحاولات الأخرى، واكتشف وجود محاولات قديمة وصلت في قدمها إلى عام 1800 من مصممين بريطانيين وأوروبيين، لكن الأفكار المبكرة كانت تعتمد على الصلب، وقد حاول سام أن يجرب ذلك، وفهم لماذا لم تنجح هذه الأفكار، فهذه العجلات لم تعطه الإمكانية لقطع مسافة طويلة، كما أنها كانت تصدر الكثير من الضوضاء.
بعدها بدأ سام يعمل مع آخرين على تطوير هذه العجلة المنزلية الصنع والبسيطة التي قام بابتكارها، قال أنه أراد أن يجعلها قوية بشكل لا يصدق، وفي نفس الوقت تكون مرنة جداً بشكل يمكنها من التكيف مع كل الحركات، وبدأوا بخلط المواد والتجريب.
بعد 70 تجربة متكررة، توصل سام وفريقه اخيراً إلى التكوين الأدق، والذي اعتمد على الكربون، ليدخل هذه العجلات ذات الحلقات والتي أسموها Loopwheels في الدراجات العادية، ثم دراجات الجبال، ليدخل بها مؤخراً على قائمة المرشحين للجائزة السنوية التي يقدمها متحف لندن للتصميم.
عندما حدثت أول تغطية إعلامية لهذه العجلة في 2013 قام هواة الدراجات بتجريبها لتأتي ردود فعلهم مفاجئة ومشجعة للغاية، قالوا أنهم دهشوا بمستوى القيادة، ومدى سهولة ومرونة الرحلة، حتى مع مطبات الطريق، أو حواف الرصيف، بعد ذلك تمدد استخدام هذه العجلة إلى الكراسي المتحركة، حين انتبه أحد مصنعيها إلى هذه العجلات، وبدأ باستيرادها منه والاعتماد عليها في الكراسي المتحركة الجديدة.
العجلة ليست منخفضة الثمن، فالواحدة تكلف 2000 دولار يعمل سام وفريقه على تخفيضها الآن، ويقول أنه بهذه التكلفة فإن الناس العاديين لن يقبلوا عليها، لكنها ستكون مهمة لراكبي دراجات الجبال، بسبب وعورة الطرق، وستكون محورية ومهمة أكثر لأصحاب الكراسي المتحركة، هذا سيحميهم من حوادث كثيرة سيئة ومحرجة، ويعطيهم مرونة أكثر ومشاعر ضيق أقل، لا مزيد من خوف المطبات المؤرق باستمرار.
يمكنك أن تشاهد الرحلة فائقة الانسيابية التي يمكن أن تقدمها هذه العجلة على هذا الفيديو: