الهدف من بحثي هذا هو فهم طرائق السيطرة والتحكم عندما يتم استخدام نظام تعليم في سيناريو يتضمن قدرات آلية مثل التغذية الراجعة القسرية والأتمتة، ومن خلال هذا البحث أحاول استكشاف السلوكيات والعلاقات والفروق الدقيقة بين الناس من خلال التكنولوجيا التي تقوم بممارسة أفعال مادية قائمة على أساس أنظمة التغذية الراجعة القسرية، بحيث ترتبط هذه الآلية معنا بشكل عاطفي وهي تقوم بمساعدتنا في أداء مهماتنا، عن طريق التعلم منا، ومن بعدها ممارسة ردات فعل قسرية علينا، ونتيجة هذا البحث ستؤخذ بعين الاعتبار عند تصميم نظم التغذية الراجعة القسرية في المستقبل.
كيف بدأ المشروع
فكرة التكنولوجيا الجسدية تحظى بفضول منتشر في جميع أنحاء العالم، حيث تشمل فوائد هذه التكنولوجيا الإضافية إمكانية استخدامها لفهم وتحسين أفعال إنسانية معينة، وهذا ما يَعِدُ به التطور في عالم التقنيات القابلة للارتداء، ولكن بغض النظر عمّا تقدم، فأنا من أشد معجبي طرائق تعليم صناعة الروبوتات، ودائماً ما كنت أسعى لأن أصنع روبوت خاص بي، حتى ذهبت برحلة في الصيف إلى كوبنهاجن، وقررت أن أنفذ بعض المشاريع الجانبية، ووضعت لنفسي هدفاً للقيام بثلاثة مشاريع.
ولكنني استطعت أن أنفذ مشروعين فقط من هذه المشاريع، وقمت بتغيير المشروع الثالث حينما لمعت بذهني فكرة أثناء قيامي بالتدخين على الجسر، وقمت بتنفيذ المشاريع فقط بهدف التسلية، ولأحافظ على استمرارية الأفكار التي ترد إلى ذهني.
الإلهام خلف مشروع إصبع التغذية الراجعة القسرية (Forced Finger Project) جاء جرّاء الرؤية المستقبلية التي أتوقعها لمستقبل الآلات، الرؤية التي تتبدى بآلة بسيطة نرتديها على جسدنا، وتتعلم منا، ومن ثم تقوم بتعليمنا ما يجب أن نتعلمه من التكنولوجيا كأداة مساعدة لنا، ومن هذا المنطلق يتم استخدام التكنولوجيا بغية فهم البشر على أنهم حواسيب متنقلة في كل مكان، والمثال البسيط على نظم التغذية الراجعة القسرية التي يتم إدماجها مع الروبوتات هي الهياكل الخارجية الروبوتية (Exoskeleton Robotics).
فهم المشروع
التغذية الراجعة القسرية هي نوع من أنظمة التغذية الراجعة التي غالباً ما تستخدم في سيناريوهات صناعة ردات فعل مادية، ومن منطلق آخر، فإن هذا النظام متعلق بعلم النفس أكثر من تعلقه بالتقنية بحد ذاتها.
في عام 2014، وخلال فصل دراسي كان يحاضر به (بيل فيربلانك) حول المحركات والموسيقى، طلب من مجموعة من الطلاب، وكنت أنا من بينهم، تصميم سيارات المستقبل، حيث كان سؤال (فيربلانك) البسيط هو “كيف سيكون الوضع إذا لم يكن علينا قيادة السيارة بعد الآن؟”، ويتمثل التحدي في تصميم أفعال آلية مخصصة لسيارات المستقبل باستخدام التغذية الراجعة اللمسية ونظم التغذية الراجعة القسرية.
بشكل عام، فإن فعل قيادة السيارة يتشكل من الشعور الذي نحس به ونحن نقود السيارة، فنحن يمكننا الاحساس بالمحرك، وبالأصوات وبالاهتزازات، وهذه التجارب هي ما يشكل فعل قيادة السيارة ككل.
بدأت نظم التحكم الآلي بالظهور لأول مرة في الطائرات بغية السيطرة على مؤشرات رحلة الطيران، وفي ذاك الوقت، شعر الطيارون بأنهم بحاجة للحصول على بعض الإحصائيات عن سلوكيات نظام التحكم الآلي، لأنه بدون هذه الاحصائيات كانوا يشعرون بأنهم بعيدون عمّا يجري بالطائرة، حيث كان من الضروري أن يحصلوا على هذه الاحصائيات ليشعروا بأنهم جزء من النظام، وفي ذلك الوقت بالذات بدأ تطوير نظام التغذية الراجعة القسرية، وعلى الرغم من أننا حققنا تقدماً كبيراً منذ تلك الفترة، إلا أننا على أرض الواقع لا نزال نشعر كما لو أن هذا النظام لم يتم تطويره أو التركيز عليه بالقدر الذي حظيت به النظم الأخرى المتعلقة بالتفاعلات بين الانسان والآلة، فحالياً كل ما نملكه ونفهمه حول نظام التغذية الراجعة هو التفاعل اللمسي مع بعض أنظمة الاهتزاز، رغم أننا إذا نظرنا إلى الوراء، وإلى سبب نشوء هذا النظام، فإن الأمر الأساسي خلف صناعة هذا النظام هو شعور بالتكيف والسيطرة على ما يجري، وفي الآونة الأخيرة أثيرت حجج جديدة تناقش ضرورة وجود نظام تغذية راجعة يجعل البشر يشعرون وكأنهم جزء من النظام ويعطيهم الشعور بالسيطرة والتحكم.
إذا نظرنا إلى أنظمة التغذية الراجعة القسرية من حولنا، يمكننا أن نلاحظ وجودها واستعمالنا لها بأشكال مختفلة ومنذ فترة طويلة، والمثال الكلاسيكي عليها هو أي مفتاح تشغيل مزود بنابض، والذي يحتاج منها إلى تطبيق بعض القوة لتشغيله، بحيث نشعر بأن هذا المفتاح يجري التحكم به بشكل صحيح من خلال النبضة التي نشعر بها عند التشغيل والناجمة عن انقباض وتحرر النابض المضغوط الموجود داخل مفتاح التشغيل، ولكن في يومنا هذا، ومع اعتناقنا لنهج تطوير آلات تفاعلية جديدة، أصبحت الآلات تعمل في العالم الحقيقي بدون وجود شاشات لمراقبة نشاطها، ولهذا أصبح وجود ما يجعلنا نشعر بأنها تعمل هو أمر ضروري بالنسبة لنا، حتى نستطيع القيام بردات الفعل، وبشكل عام نحن ندرك الأشياء من حولنا بحواسنا، ولكون العالم مليء بالفوضى البصرية، فإن استعمال حواسنا الأخرى، كحاسة اللمس، هي ضرورة مرحلية مهمة.
في الوقت الذي ساعد فيه جميع ما تقدم على إلهام العلماء لتصميم نظم تغذية راجعة لهواتفنا، ووحدات تحكم الألعاب، كنت أشعر بضرورة وجود طرق أخرى تعمل فيها نظم التغذية الراجعة على توفير ما يزيد عن مجرد إعطاء تأكيدات على الدخول في طور التشغيل (كما في مثال مفتاح التشغيل السابق)، وكنت أتساءل ما الذي قد ينجم عن دمج نظم التغذية الرجعية القسرية مع الآلات الذكية؟ وكيف يمكن لهذا أن يساعدنا؟ أو هل يمكن لهذه الأنظمة أن تساعدنا أساساً؟
هذه الأسئلة أودت بي لتطوير واستكشاف نظام يتألف من التغذية الراجعة القسرية يجري استخدامه ليس فقط لتأكيد التشغيل، بل كوسيلة للمساعدة في التعلم.
الخوض في تفاصيل التصميم
سأكشف هنا عن الكيفية التي يمكن من خلالها استخدم أنظمة التغذية الراجعة القسرية في أمور متعددة، وليس فقط للشعور بعمل الآلات أو لمطابقة صحة عملها، وإحدى الطرق التي يمكن استغلال هذا النظام فيها، هي عن طريق عمل الآلات والمعدات كبوابات تعليمية؛ ولكن كيف يمكننا أن نتأقلم مع واقع أن هذا الجانب من التطور لا يطغى على الفعل الإنساني؟ وما هي الاحتمالات التي قد تنجم عندما ندمج نظم التغذية الراجعة القسرية مع تكنولوجيا اليوم لتصميم مستقبلنا القريب؟ وهل يمكننا توفير المزيد من الفرص عندما تقوم الآلات بأفعال مادية تساعدنا على التعلم ولا يقتصر دورها فقط على تعليمنا من خلال المعلومات التي تظهرها على الشاشات؟ ومن خلال هذه الأسئلة السابقة بدأت بالتنقيب عن نظام من شأنه أن يساعد المستخدم على أداء مهمة من خلال مساعدة النظام له مادياً لتعلم أداء هذه المهمة.
أتذكر سابقاً وعندما كنت طفلاً وبدأت أتعلم الحروف الهجائية، قام أول أساتذتي بالإمساك بيدي وأنا أحمل القلم وعلمني كيفة رسم الحرف عدة مرات على الورقة، وبعد أن أفلت يدي، كنت أستطيع رسم ذات الحرف مراراً وتكراراً، كونني استطعت أخيراً أن أشكل ذاكرة عضلية لطريقة لرسم الحرف من تلقاء نفسي، وهذا المثال هو تشبيه يركز على أهمية مسك اليدين عند تعلم مهارة جديدة، وهنا يحق لنا السؤال، هل يمكن للتكنولوجيا أن تساعدنا مادياً من خلال مسك أيدينا، بدلاً من مجرد إعطائنا توجيهات على ما يجب القيام به وكيفية القيام بالعمل على شكل مقاطع مرئية معروضة على شاشات الحواسيب؟ لذلك قررت أن أختبر ما قد نشعر به عندما تقوم آلة بمسك أيدينا ونحن نقوم بمهمة ما، وكيف يمكن للآلة أن توصل إلينا هذه التجارب والتطلعات الجديدة، وكيف يمكن لنا أن نستجيب لها؟
هذه الأفكار أودت بي إلى البحث في منهجية التصميم، حيث مر تصميم الآلة بمرحلتين، المرحلة الأولى قدمت من خلالها نموذج أولي، وهي آلة بسيطة مثبتة على اليد وتتصل بأحد الأصابع من خلال ذراع رافعة، وكانت هذه نقطة الانطلاق لاستكشاف التصميم النهائي من خلال صناعة آلة تعتمد على نهج واحد صغير، وبعدها قررت أن أقوم بتصميم جهاز من جزأين قد يساعد في تعلم العزف على البيانو، والتكنولوجيا التي استخدمتها كانت أساسية وبدائية للغاية، حيث قمت بتطويرها من خلال التلاعب والتعديل على بعض البرامج المفتوحة المصدر عبر شبكة الانترنت، علماً أن الهدف من صنع هذه الآلة لم يكن لتطوير أفضل حركة لتعلم العزف على البيانو، بل كان عبارة عن تطوير للنموذج الأولي، فبينما كان الاختراع الأول لا يسيطر سوى على إصبع واحد من اليد، كان الاختراع الثاني قادراً على السيطرة على معصم اليد والإصبع معاً، وبالتالي كان قادراً على ضبط حركة اليد فوق لوحة مفاتيح البيانو بشكل كامل.
صناعة النماذج الأولية
بهدف الحصول على آراء الأشخاص، كنت مضطراً لتعريضهم لبعض التجارب لكي يشعروا بالظاهرة ويعلقوا بأنفسهم عليها، لذا اضطررت لصناعة نماذج أولية، فأولاً قمت بصناعة محرك دوار بسيط يعمل على إجبار نظام التغذية الراجعة القسرية على التحكم بالأصابع، وأردت من خلاله أن أصنع آلة جسدية تتوافق مع أجسامنا لكي لا يتم النظر إليها ككيان منفصل عن الجسم، والطريقة التي تصبح بها هذه الآلية البسيطة مثيرة للاهتمام هو في جعل أفعالها سلبية، بمعنى ألّا تكون مخصصة لتوفير التغذية الراجعة أثناء أداء المهمة، بل تصميم الآلة لمتابعتنا ونحن نقوم بالمهمة ومن بعدها تقديم تغذية راجعة عن العملية، وهي عملية بسيطة تتضمن الاستشعار بالطريقة التي نقوم بها بتحريك أصابعنا، ومن ثم توفير التغذية الراجعة من خلال قسر أصابعنا على التحرك بذات التسلسل السابق.
كثير من الناس ادعوا بأن تجربة الحصول على رد فعل قسري من قبل هذه الآلة الصغيرة التي تكرر أفعالهم، هو أمر تجريبي للغاية، بمعنى أنه لا يمكن فهم الشعور الناجم عنه من خلال التحدث عن الآلة فقط، بل لا بد من تجربتها، حيث قال البعض بأن هذه التقنية قد تكون واعدة بالنسبة للأشخاص الذين قد يستعملونها لتعلم العزف على إحدى الآلات الموسيقية، خاصة إذا اتخذت الآلة شكلاً مرناً وملائماً للجسد الإنساني مما يبعدها عن فكرة أنها آلة موضوعة على اليد ومتحكمة بها، علماً أنه وفي ذلك الوقت لم أكن قد ذكرت لهم وجهة نظري حول استكشاف المدى الذي نستطيع من خلاله استخدام التغذية الراجعة القسرية في مجال التعلم، بل كان هذا رأيهم الشخصي، في حين أن البعض الآخر لم تعجبه فكرة أن يتم قسره على أداء فعل معين من قبل الآلة، ولكن هذه الفئة أعجبت بشدة بفكرة إن الآلات قد تكون قادرة على إظهار ردود الفعل وتسمح لنا بأن نشعر بها ونتفاعل معها بطريقة تتجاوز التفاعل المعتاد بين الآلة والإنسان المتمثلة بمجرد سماع الآلات أو رؤيتها.
هذه الآراء شجعتني على تطوير الاختراع باتجاه أكثر انضباطاً وتحديداً، وذلك عن طريق استخدام آلية التغذية الراجعة القسرية الشبيهة بالجسد لتعليم العزف على البيانو، لذا قمت بوضع قطعة امتداد جديدة تضاف على النموذج الأولي للاختراع الذي كان يتحكم بالاصبع فقط، حتى تستطيع الآلة السيطرة على حركة المعصم، واستعملت لهذه الغاية سكة التوجيه العائدة لطابعة قديمة لصناعة قطعة الامتداد هذه.
استخدام سكة توجيه عائدة لطابعة قديمة
وبغض النظر عن بعض التفاصيل التقنية، فلقد قمت بقراءة مدونات كثيرة، وقضاء ثلاثة أيام بلياليها لفهم الترميز بغية التحكم بعزم الدوران، وفي النهاية استطعت تسجيل مواقع سكة التوجيه وتغذية المحركات التابعة للآلة بتفاصيل رموز هذه المواقع.
دمج سكة التوجيه مع نظام الاصبع
الخطوة الكبيرة التالية
بعد فترة قمت بوضع الأطروحة النهائية للمشروع، فكوني شخص يتمتع باهتمام كبير في البحث واكتشاف الطرق ودراسة السلوكيات المتعلقة بالتكنولوجيات، أردت أن أوسع هذا المشروع المتعلق بنظم التغذية الراجعة القسرية، لذلك قمت بوضع موجز عن أطروحتي النهائية، حيث جاء فيها:
أردت الخوض في غمار البحث لاستكشاف التكنولوجيا التي تقوم بتطبيق أفعال مادية، بحيث ترتبط هذه الآلية معنا بشكل عاطفي وهي تقوم بمساعدتنا في أداء مهماتنا عن طريق التعلم منا، ومن بعدها تزويدنا بتوجيهات، تماماً كما يفعل المدرّس المسؤول الذي يقوم بتعليمنا القيام بأمر ما، وفي بحثي، أريد استكشاف كيف يمكننا استخدام الفروق الدقيقة في أنظمة التغذية الراجعة القسرية لتعلم مهارات جديدة، والمساعدة على تطوير ذاكرة العضلات من خلال القيام بذلك، وكيف يمكن استخدام التكنولوجيا لدعم تجربة ذاكرة العضلات والارتقاء بها، إذا كان هذا الأمر ممكناً أساساً، وبتعبير أدق، أود أن أرى ما إذا كان من الممكن أو من الصحيح استخدام نظام التغذية الراجعة القسرية لتعزيز ذاكرة المهارات العضلية الحركية الدقيقة.
سأكشف هنا عن الكيفية التي يمكن من خلالها استخدم أنظمة التغذية الراجعة القسرية في أمور متعددة، وليس فقط للشعور بعمل الآلات أو لمطابقة صحة عملها، وإحدى الطرق التي يمكن استغلال هذا النظام فيها، هي عن طريق عمل الآلات والمعدات كبوابات تعليمية؛ ولكن كيف يمكننا أن نتأقلم مع واقع أن هذا الجانب من التطور لا يطغى على الفعل الإنساني؟ وما هي الاحتمالات التي قد تنجم عندما ندمج نظم التغذية الراجعة القسرية مع تكنولوجيا اليوم لتصميم مستقبلنا القريب؟ وهل يمكننا توفير المزيد من الفرص عندما تقوم الآلات بأفعال مادية تساعدنا على التعلم ولا يقتصر دورها فقط على تعليمنا من خلال المعلومات التي تظهرها على الشاشات؟ ومن خلال هذه الأسئلة السابقة بدأت محاولات اكتشاف نظام من شأنه أن يساعد المستخدم على أداء مهمة من خلال مساعدة النظام له مادياً لتعلم أداء هذه المهمة.
تعبير ذاكرة العضلات يستخدم بشكل مترادف مع تعبير التعلم الحركي، وهذه الذاكرة هي شكل من أشكال الذاكرة الإجرائية التي تتضمن تدعيم مهمة حركية معينة في الذاكرة من خلال التكرار، فعندما يتم تكرار حركة معينة مراراً وتكراراً خلال مدة معينة من الزمن، يتم إنشاء ذاكرة عضلية على المدى الطويل لتنفيذ هذه المهمة، مما يسمح في نهاية المطاف القيام بها بدون بذل أي جهد واعٍ.
أساس بناء ذاكرة عضلات جيدة هو التركيز على النوعية ضمن كمية المهام التي يتم تأديتها، لذلك، وفي الوقت الراهن، سأركز أساساً على تجربة الرسم، وكيف يمكن أن يتم الارتقاء بمهارة العضلات بالرسم عن طريق استخدام التكنولوجيا في تطوير ذاكرة العضلات، والبحث فيما إذا كان من المناسب استخدام آليات التغذية الراجعة القسرية لهذا الغرض، أو إذا كانت هذه التقنية يمكن أن تساعد في تطوير ذاكرة العضلات بشكل أسرع.
على نطاق أوسع، فإن الهدف من هذا البحث هو إضافة بعض المعلومات لمعرفتنا وفهمنا للسلوك البشري مع آلات التعلم، وفهم طرائق عمل تكنولوجيا التغذية الراجعة القسرية بهذا الصدد، وبالإضافة إلى ما تقدم، عندما يتم تطبيق هذه التكنولوجيا في مجال التعلم والمساعدة، سيساعد هذا البحث على معرفة العوامل التي تحكم إدراكنا البشري، وما هي الفروق الدقيقة التي يجب علينا فهمها لتصميم مثل هذه الأنظمة في المستقبل بطريقة أكثر تعاطفاً مع الإنسان، وأقل تحكماً به، ولذلك سيتم تنفيذ سلسلة من التجارب، والمعارف التي ستنجم عن هذا السياق المحدد، سيتم تعميمها للاستخدام في سياقات متعددة في المستقبل.
تطوير البحث
نظراً لتوسع نطاق البحث، توجب عليّ تطوير الآلية التي يعمل بها الاختراع، وكانت المشكلة الأساسية تتمثل بكون سكة التوجيه تعمل ضمن بعد واحد فقط، لذا حتى أستطيع تحقيق مبتغاي قمت بمباشرة العمل من الصفر.
الخطوة الأولى كانت بتصميم آلة رسم قادرة على رسم شيء على الورق، وحينها سرعان ما قمت بصناعة هذه من خلال محركات دوارة وقلم لاختبار الحركة المجردة (الكينماتيكا) العكسية، التي تُطبق على سطح ثنائي الأبعاد لتمكين الجهاز من الرسم، وبالإضافة إلى ذلك قمت بتصميم برنامج قادر على التقاط صورة حية، ومن ثم إرسال بيانات مسار هذه الصورة إلى الآلة، مما يمكّنها من رسم هذه المسارات، وكل هذه الاختراعات قمت بتنفيذها بسرعة كبيرة للغاية، أي في غضون يوم ونصف اليوم تقريباً.
النموذج الأول
الهدف من هذا النظام والبرنامج اللذان قمت بتصميمها، هو فهم المفاوضات التي يبديها الأشخاص عندما يكون لدى الآلة والبشر وجهات نظر مختلفة لتحقيق ذات الهدف، وكيف يكملان بعضها البعض أو يتعارضان مع بعضها البعض، وفي وقت لاحق تم إضافة آلية التعلم أيضاً، بحيث كان يمكن للجهاز أن يرى، يؤدي، ويتعلم، مع المستخدم، ومن ثم يرسم دليلاً توفيقياً مؤلفاً من وجهات نظره ووجهات النظر التي تعلمها.
البرنامج الذي يقوم برؤية وتعقب الصور الحية
ومن ثم قمت بالتركيز على تصميم الجهاز ذاته، بحيث صممته بشكل معياري (أي تقسيم النظام إلى أجزاء أصغر مثل النماذج, أو الوحدات بحيث يمكن لهذه الأجزاء الصغيرة أن تُصنع باستقلالية لاستخدامها في نظم مختلفة للعديد من الوظائف)، وقابل للحمل، وللتوسيع والتغيير لإجراء تجارب أخرى.
وقمت بتصميم ذراع الآلة على شكل هيكل خارجي مؤلف من وحدات قابلة لإعادة التركيب فوق أي طاولة، واستغرق الأمر مني يومين تقريباً لأكتشف أن الوزن تسبب بكسر المحركات الدوارة، حيث كان الوزن الذي وضعته عليها يفوق الوزن الذي تستطيع المحركات الدوارة العادية تحمله، كما أن إحدى التجارب كانت تتضمن تسجيل موقع المستخدم وتكراراه بعد ذلك، لذلك كنت بحاجة إلى ذاكرة جيدة تتمتع بها الذراع المتحركة بحيث يمكنها تخزين بيانات الموقع.
النموذج الثاني
في هذه النقطة طورت شيفرة برمجية تكون من خلالها الآلة قادرة على معرفة حركة المستخدم، ومن ثم تقوم بتكرارها من تلقاء ذاتها مرة أخرى.
النموذج النهائي
بعد أن تأكدت بأن الهيكل سيكون ثقيلاً للغاية لتتحمله المحركات الدوارة، قررت أن أصنع نموذجاً آخر، حيث قمت بإعادة تصميم بعض أجزاء الهياكل بحيث تستطيع تحمل وزن يد الشخص بدون تعطل المحركات الدوارة، وهذا الأمر استغرق مني يوماً كاملاً للانتهاء منه بشكل كامل وصحيح.
الوحدات المعيارية للجهاز
في هذه المرحلة كان نموذجي مكتملاً وجاهزاً إلى حد ما، وكانت السمات الأساسية للجهاز تتمثل بالآتي:
- يمكنه تسجيل الحركة وإعادتها مرة أخرى.
- يمكنه تسجيل وتعلم وإعادة الحركة مرة أخرى.
- يمكنه الرسم من خلال النظر إلى صورة ما.
- يمكنه النظر إلى صورة ما، محاولة رسمها، التعلم من حركة الشخص الخاصة، اتخاذ نهج تجميعي من حركته وحركة الشخص التي تعلمها، ومحاولة الرسم مرة أخرى.
في هذه المرحلة تم لفت انتباهي إلى ضرورة تسجيل بيانات تحليلية أثناء تجريب الأشخاص للجهاز، لذا قمت حينها بتعديل الذراع لتحمل مستشعرات للتيارات الإلكتروميوجرافية (التيارات الناتجة عن جهد العضلات اختصاراً EMG) وتيارات تخطيط أمواج الدماغ (EEG)، حيث قمت بوصل أقطاب سطحية على الأشخاص لقياس جهدهم العضلي الناجم عن ردود أفعال عضلاتهم بشكل بياني، وبهذه الطريقة استطعت رؤية ردات فعل العضلات، وتحديد ذروة تفاعلات الأشخاص.
نظام قياس التيارات الإلكتروميوجرافية
المعدات الأخرى
نظام التعرف على الأشكال والرسومات
برنامج تعلم الأشكال والأنماط
التجارب
التجربة الأولى
الأهداف: الشعور بالثقة، التعقيدات، التعاطف، الانصياع والتعاون المشترك.
السيناريو: يقوم أحد الأشخاص (أ) بوضع يده في الجهاز، الجهاز سبق وأن قام بتسجيل حركة يد شخص آخر (ب)، وفي النهاية يحصل (أ) على فرصة للرسم بيده لتمكين الجهاز من تسجيل تحركاته، ليقوم (ب) باستخدام الجهاز مرة أخرى واتباع الحركات التي سجلها الجهاز من (أ).
ما يجب ملاحظته: المشاكل، ردود الفعل، الأسباب، سبب المشاكل، التغييرات، المنطق.
فيديو التجربة
نتائج الملاحظة
مستخرج بيانات الجهد العضلي في أول 15 ثانية للتجربة، حيث الخط الأزرق عائد لـ(أرومينا) و الأحمر عائد لـ(باولا)، ويبين أنهما كانتا تعانيان من مزيج من الدهشة والارتباك.
مستخرج بيانات الجهد العضلي في 15 ثانية لاحقة، يبين مزيج من شعور الدهشة المتجه تصاعداً نحو الشعور بطريقة أفضل حول التجربة
التجربة الثانية
الأهداف: ذات الأهداف السابقة، مضافاً إليها وجهات النظر المختلفة، الشعور بالأداء، النطاق والمسارات، قدرة الجهاز على التعاون مع الشخص الهدف.
السيناريو: الآلة قادرة على رسم شكل من مسار بسيط تم إنشاؤه من قبل الكمبيوتر، ويجب على الشخص أيضاً رسم ذات الشكل، ولكن كلاً منهما قد يكون لديه وجهة نظر مختلفة حول نطاق الشكل وحجمه، الشخص يضع يده داخل الجهاز، ويرسم ذات الشكل كما تم توجيه كلاً من الشخص والجهاز، علماً أن الشكل هو أحد الأشكال الأساسية مثل مستطيل أو دائرة، وفي مرحلة لاحقة، يقوم الجهاز بالأخذ بعين الاعتبار الكيفية التي يرغب الشخص أن يرسم بها، من خلال خلق أفضل مسار مناسب وتوفيقي ما بين المسار الذي ولّده الحاسوب، والمسار الذي تم تسجيله من حركات الشخص.
ما يجب ملاحظته: التفاوض، المجاملة، الارتجال، التقدير، الرفض، رد فعل، التعقيدات، المخاطرة.
فيديو: فيديو التجربة
نتائج الملاحظة:
مستخرج بيانات الجهد العضلي لدى ثلاثة مشاركين، على الجانب اليساري يتبين شعور المشاركين الذي يترواح ما بين الدهشة والارتباك في حالة رسم شكل المستطيل بدون تعلم الجهاز للحركة، وفي الجانب اليميني شعور المشاركين في حالة رسم شكل الدائرة بعد تعلم الجهاز للحركة والذي يتراوح ما بين الدهشة والشعور الجيد.
التجربة الثالثة
الهدف: ذات أهداف التجربة السابقة
السيناريو: جميع التجارب السابقة سيتم تأديتها من قبل شخص واحد فقط، لمراقبة سلوكه وأفكاره حول تغييرات وسلوكيات الجهاز، وفي هذه التجربة تم تجهيز الآلة لتطبيق قوة ضغط متوسطة تستند على رؤية الجهاز وحركة الشخص، وعلى الرغم من أنها تجربة أولية للغاية، إلا أنها تعطينا فرصة إضافية لدراسة جميع مجموعات التجارب السابقة وتغييراتها.
ما يجب ملاحظته: التفاوض، المجاملة، الارتجال، التقدير، الرفض، رد الفعل، التعقيدات، المخاطرة.
فيديو: فيديو التجربة
نتائج الملاحظة:
مستخرج بيانات الجهد العضلي للمشترك، على الجانب اليساري يتبين شعوره أثناء رسم أشكال بسيطة أثناء تعلم الجهاز، وفي الوسط شعور المشترك في حالة رسم أشكال معقدة بدون تفعيل ميزة التعلم لدى الجهاز، وعلى اليمين شعور المشترك في حالة رسم الأشكال مع تفعيل ميزة التسجيل والتعلم والإعادة لدى الجهاز
ملاحظات ختامية
في المهام المبنية على أساس التوجيهات، من الأفضل إذا كان نظام التغذية الراجعة القسرية يتواصل مع الشخص من خلال تفهمه ومن ثم مساعدته في أداء المهمة بطريقة تكاملية، وإلا فإن القسر الذي يطبقه النظام على الشخص سيسبب له الإزعاج، وعندما يتم تقبل هذه الأنظمة التوجيهية، فإن تحقيق التزامن السليم ما بين الإنسان والآلة غالباً ما ينعكس من خلال نوعية المهام وكميتها ودرجة السهولة التي يتم بها تنفيذ المهام.
من خلال التجارب يتبين أن التناوب بين السيطرة على الشخص وتوزيع السيطرة هي الحل الملائم، فبعض الأعمال عكست حقيقة أنه في الظروف المتوترة، يفضل الأشخاص السيطرة على الجهاز، وتوزيع وتبادل السيطرة بين الإنسان والآلة يجب أن يكون مرناً للغاية، بحيث لا يتأثر شعور الإنسان بالسيطرة والتحكم والثقة بشكل كبير.
درجة الحرية هي قضية أساسية، وتصميم الجهاز يلعب دوراً هاماً هنا، الاحتمالية والنمطية، أي الشكل والحجم والتجهيزات، تعتمد إلى حد كبير على سياق المهام التي سيتم تنفيذها، فلممارسة مهمة محددة مثل الكتابة، لا مشكلة في أن يكون الجهاز ثابتاً بطبيعته، بالنظر إلى أن ذلك يوفر درجة كبيرة من الحرية، أما في المهام الأخرى فيمكن أن يكون الجهاز متحركاً.
هناك خطر محتمل بتخريب العلاقة ما بين الناس والجهاز خلال المهمات، وذلك يعتمد إلى حد كبير على عزم القوة والطريقة التي يتم بها تطبيق هذه القوة على الأشخاص.