بعد الإطلاق الناجح لمركبة ناسا الرباعية الأجزاء والتي تهدف لدراسة الغلاف المغناطيسي للأرض (MMS) في تمام الساعة 10:44 بتوقيت شرق الولايات المتحدة يوم الخميس الماضي، استطاعت المركبة التموضع بنجاح في المدار حول الأرض لتبدأ أول مهمة فضائية مخصصة لدراسة ظاهرة تسمى إعادة الربط المغناطيسي، حيث يُعتقد بأن هذه الظاهرة هي المحفز لحدوث بعض أقوى الإنفجارات في نظامنا الشمسي.
انطلقت المركبة الفضائية على متن الصاروخ (أطلس V) من قاعدة كيب كانافيرال للقوات الجوية بولاية فلوريدا، وبعد بلوغها المدار انفصل كل جزء من المركبة الفضائية عن سطح الصاروخ بالتتابع وبفارق زمني يبلغ 5 دقائق بين الجزء والآخر، حيث بدء الانفصال الأول في تمام الساعة 12:16 صباحاً يوم الجمعة، وانتهى آخر انفصال في الساعة 12:31، وقد تأكد العلماء والمهندسون في ناسا من أن عمليات الانفصال لجميع أجزاء المركبة الفضائية قد تمت بنجاح.
خلال الأسابيع القليلة المقبلة، سيقوم العلماء والمهندسون في ناسا بنشر الهوائيات على متن سفينة الفضاء، واختبار جميع الآليات على متنها، وسيتم لاحقاً وضع المراصد في تشكيل هرمي استعداداً لبدء المراقبات العلمية، والتي من المتوقع أن تبدأ في أوائل شهر أيلول المقبل.
ستقدم هذه البعثة لأول مرة رؤية ثلاثية الأبعاد لعملية إعادة الربط التي تحدث في الغلاف المغناطيسي، وهو الغلاف المحيط بالكرة الأرضية والذي يحميها من الأشعة الشمسية، حيث أن عملية إعادة الربط المغناطيسي تحدث عندما تترابط الحقول المغناطيسية، ومن ثم ينقطع الاتصال بينها، مما يسبب حدوث انفجارات مغناطيسية، وإطلاق كميات كبيرة من الطاقة يمكن أن تصل قوتها إلى ما يعادل مليارات من الميغاطنات من الـ (TNT)، ويمكن لهذه الانفجارات أن تدفع بالجسيمات عبر الفضاء بسرعة تقارب سرعة الضوء.
يتوقع العلماء أن تساعد هذه المهمة في تكوين فهم أفضل عن ظاهرة إعادة الربط المغناطيسي، بالإضافة إلى توفيرها لنظرة ثاقبة عن هذا الحدث القوي، والذي يمتلك القدرة على تعطيل العديد من النظم التكنولوجية الحديثة مثل شبكات الاتصالات، وأجهزة تحديد المواقع والملاحة، وشبكات الطاقة الكهربائية.
من خلال دراسة ظاهرة إعادة الربط المغناطيسي للكرة الأرضية، يمكن للعلماء تكوين فكرة أفضل عن هذه العملية في أماكن أخرى، مثل الغلاف الجوي للشمس والنجوم الأخرى، أو في محيط الثقوب السوداء والنجوم النيوترونية، أو على الحدود بين الغلاف الجوي للشمس في مجموعتنا الشمسية وبين نجوم في الفضاء.
تبعاً لـ (جيف نيومارك)، وهو المدير المؤقت لقسم الفيزياء الشمسية في ناسا في مقر الوكالة في واشنطن، فإن بعثة (MMS) تعتبر الخطوة الحاسمة التالية في مسيرة تقدم العلم الذي يهتم بإعادة الربط المغناطيسي، وتعتبر هذه المهمة الأولى من نوعها التي تعمل على عملت على مراقبة هذه العملية الأساسية بمثل هذا التفصيل.
نهايةً، تجدر الإشارة إلى أن (MMS) هي المهمة الرابعة في برنامج المسابير الأرضية الشمسية التابع لوكالة ناسا، علماً أن شركة (Goddard) هي المسؤولة عن بناء ودمج واختبار مركبات (MMS) الفضائية الأربعة، وهي المسؤولة العامة عن إدارة المهمة والعمليات، وأخيراً فإن التخطيط للعمليات العلمية وإدارة الأدوات يتم تنفيذها في مركز العمليات العلمية لـ (MMS) في مختبر فيزياء الغلاف الجوي والفضاء في جامعة كولورادو بولدر.