منذ طفولتنا ، قِيل لنا دائمًا أن وجبة الإفطار هي الأهم على الإطلاق مقارنةً بجميع الوجبات الأخرى. إلا أن الأبحاث لم تثبت صحة ذلك ، مما دفع العديد من الباحثين وأخصائيي التغذية إلى القول سواءً تناولت الإفطار في الصباح أم لم تفعل فإن هذا الأمر متعلقٌ بالدرجة الأولى بالتفضيلات الشخصية وبشكلٍ أقل يتعلق بمدى حصولك على الفائدة الغذائية.
السؤال اذًا : متى يجب عليك تناول وجبة الإفطار ومتى يمكنك تخطيها؟ اليكم التفاصيل…
على الرغم من أن الأبحاث حول تأثير وجبة الإفطار قد ركزت على الآثار قصيرة المدى ، بدلاً من الآثار طويلة المدى ، فحتى الآن ، لا يوجد دليل قاطع على أن تخطيها يضر بصحتك.
إنّ استجابة أجسامنا للفطور هي نقطة ايجابية، كما تقول كريستين غوستاشو (Kristin Gustashaw) ، أخصائية التغذية في المركز الطبي في جامعة راش في شيكاغو ، “إذ أن معظم الناس قد يحصلون على فائدة من تناول شيء ما في الصباح”.
وعلى سبيل المثال لا الحصر ، تعتبر وجبة الإفطار أساسيةً لدى فئةٍ كبيرةٍ من الناس ،أما بالنسبة للرياضيين الذين يحتاجون دائمًا لتحفيز و تعزيز أدائهم ، أو لأولئك الذين سيجرون امتحانات أو أي شخص لديه يوم طويل ويحتاج لوعي تام ، أو بالنسبة لأي شخص كان قد استيقظ جائعًا فإن الفطور سيشكل فارقًا كبيرًا لديهم.
في دراسة حديثة نشرت في المجلة الأمريكية للعلوم الفسيولوجية و تحديدًا قسم الغدد وعمليات الأيض (The American Journal of Physiology)،
قام باحثون بمقارنة آثار تناول وجبة الافطار وعدم تناولها (قبل ساعة) من ركوب الدراجات على 12 رجل أصحاء بدنيًا حيث وجد الباحثون أن أولئك الذين تناولوا وجبة افطار صحية (خبز محمص والحليب: العصيدة) كانوا أفضل في حرق وهضم الكربوهيدرات.
و وفقًا للباحثين ، تعتبر هذه أول دراسة تبحث عن كيفية استجابة أجسامنا للوجبات الصباحية قبل ممارسة الرياضة. كما قال باحث مشارك في الدراسة ” كل ما لدينا من معلومات كانت عن مرحلة ما قبل تناول الافطار، لكن لا يوجد لدينا معرفة كافية عن الآثار المترتبة بعد تناول وجبة الافطار وهذه بحد ذاتها تعتبر مشكلة. فنحن بحاجة لمعرفة كيفية تأثير تناول وجبة الإفطار على الصحة من خلال طرقٍ مختلفةٍ أخرى”
يقول غونزاليس Javier Gonzalez)) الباحث في علم الأعضاء البشري (الفسيولوجي) والباحث المشارك في الدراسة من جامعة باث في انجلترا ” كيف يمكن لوجبة الإفطار أن تساهم في تحسين الأداء لأقصى حد ممكن؟ إن حرق الكربوهيدرات كالوقود تمامًا ، له فوائد ومزايا مثل حرق الدهون في الكثير من الأعمال التي تتطلب قوة تحمل”
وأكمل قوله ” الكربوهيدرات وقود “سريع” أكثر من الدهون، ويمكن استخدامها لتوليد الطاقة بسرعة تقارب ضعف سرعة حرق الدهون “. وبالإضافة إلى ذلك ، فإن استخدام الكربوهيدرات للأكسجين أكثر كفاءة، إذ تحتاج الدهون حوالي 10 في المئة من الأكسجين لإنتاج نفس الكمية من الطاقة”
لذلك فإن الأشخاص الذين هم بحاجة لتحسين قدرة أجسادهم على البقاء نشطة لفترة أطول ، كالرياضيين مثلًا أو الأشخاص الذين يعملون أعمالًا تتطلب جهدًا جسديًا، يمكنهم الحصول على الفائدة عند تناول وجبة الفطور.
وكانت دراسة سابقة قد أكدت أن تناول الافطار يعد مفيدًا للجسم خاصة إذا كان هدفك هو صحة دماغك ” أي عملياتك الذهنية”، فإذا كان لديك امتحان أو مهمة تتطلب ادراك عال ، فإنك ستقوم بأشياءٍ غير صحية إن أغفلت عن تناول وجبة الإفطار. و وجدت دراسة أخرى في عام 2005 أن أداء طلاب المدارس كان أفضل في الاختبارات عندما تناولوا وجبة الافطار قبل الذهاب إلى امتحاناتهم.
وبشكل عام فإن تناول الفطور يعتبر عملية مهمة للحصول على العناصر الغذائية الأساسية التي يحتاجها الجسم ، كما تقول غوستاشو ( Gustashaw) “إذا قمت بتوزيع المواد الغذائية الخاصة بك خلال اليوم ، فإن ذلك سيعطي جسمك أفضل دورة لعملية التمثيل الغذائي (الأيض) ”
أما بالنسبة لتخطي وجبة الإفطار؟ فتقول غوستاشو ، “الأشخاص الذين لا يتناولون وجبة الإفطار، لا يمتلكون أوزانًا زائدة ، فهم أقل بدانة ، و [أقل] احتمالاً للإصابة بمرض السكري”. أيضًا وفقا لبعض الدراسات التي أجريت ،و أن الأشخاص الذين لا يتناولون وجبة الافطار كانوا مدخنين، ويتمرنون بشكل أقل.
وفي دراسةٍ نُشرَت العام الماضي في المجلة الأمريكية للتغذية (The American Journal of Clinical Nutrition) فإن تخطي وجبة الإفطار قد يكون له بعض الفوائد الإيجابية: في الأيام التي تخلى فيها الأشخاص المشاركون – الذين أجريت عليهم الدراسة- عن وجبة الإفطار ، حرقوا المزيد من السعرات الحرارية”
وتضيف غوستاشو بناء على دراسة أجريت عام 2017 ، “إن التخلي عن وجبة الإفطار يؤثر سلبًا على استقرار الانسولين في الجسم ، مما يؤثر على نسبة و تنظيم الجلوكوز في الدم”.
هذا و قد كشفت دراسةٌ حديثة صدرت مؤخرًا ، أن زيادة الوقت بين عشاء الليلة السابقة ووجبة الإفطار الصباحية قد تكون أيضًا طريقة ناجحة لإنقاص الوزن حيث أن أولئك الذين أخروا تناول وجبة الإفطار لمدة 90 دقيقة أو تناولوا العشاء قبل 90 دقيقة ، فقدوا أكثر من ضعف الدهون في الجسم (خلال فترة 10 أسابيع) من المشاركين الذين لم يغيروا أوقات تناول الطعام. ترتبط هذه الفكرة بمفهوم الكرونوبيولوجيا (Chronobiology ) ساعاتنا البيولوجية الداخلية تلعب دورًا مهما في أداء الجسم بشكل مثالي. لكن الباحثين في الدراسة لاحظوا أن البحث كان صغيرًا و دقيقًا ،و يبدو أنه هناك حاجة للمزيد من الدراسات الواسعة لتحقيق نتائج مذهلة.
يمكنك طبعًا تخطي وجبة الإفطار خاصةً عند انعدام الفرص لديك فرصة لتناول وجبةٍ صحية – رجاءً تجنب تناول الدونات كوجبة إفطار! فإذا كنت من الأشخاص الذين لا يتناولون الطعام في الصباح ، تقترح غوستاشو التخطيط ليومك وأنت تسأل نفسك: هل سآكل أكثر خلال يومي؟ و في أي وقت سأتوقف عن تناول الطعام ؟ و هل سأشرب كمية كافية من الماء؟
وأضاف غونزاليس: “لن أقول أبداً إن على الجميع تناول الإفطار، لكن يجب بالتأكيد أن تكون العملية مدروسة ومنظمة وفقًا لنمط حياة كل شخص”، كما تنصح غوستاشو بأن نستبدل جملة طعام الافطار أو الافطار بجملة وجبة اليوم الاولى. بالتالي يمكنك الحصول على وجبة متكاملة ، بما يتناسب مع نمط حياتك واحتياجاتك.