ان لم يشتمل التحويل على احتواء كامل، فلن تكون هناك أى فائدة من هذا التحويل. فللتحويل أنواع ومعانى مختلفة ولكنها غالبا ما تؤدى الى معنى وهدف واحد وهو الاستفادة قدر الامكان من مكاسب معينة، وقد يكون فى أحيانا كثيرة هو تجنب لمخاطر قائمة أو محتملة. فالتحويل قد يكون فى الهدف أو فى الموضوع أو فى المادة أو الى غير ذلك من الأنواع المختلفة للتحويل. فقد تحول الدولار الى درهم من أجل الاستفادة من فارق العملة أو تجنبا لخسائر محتملة أو الى غير ذلك من أهداف قد تفرضها عليك ظروف المكان والزمان. وقد تقوم بتحويل المادة من صورة الى أخرى للاستفادة منها فى صورتها المحولة اليها، وقد تتحول من مكان الى أخر للانتقال من مستوى الى أخر لرغبة ملحة بداخلك أو لظروف غير طبيعية قد فرضتها عليك الظروف المكانية أو الزمانية وهكذا. ولكل تحويل ضوابطه وشروطة وآلياته التى تحدد مساره، هذه الاجراءات التى قد تصاغ فى صورة تعليمات أو قرارات تفرضها ملابسات عملية التحويل، فهذه فى التفاعلات الكيميائية أو التحويل الكيميائى الذى يؤدى الى تحويل المتفاعلات الى نواتج تسمى شروط التفاعل وآلياته. هذا التحويل الكيميائى قد تفرضه الظروف الطبيعية للحصول على نواتج أو منتجات أكثر أهمية وذات عائد اقتصادى أكبر من المتفاعلات، وقد يفرض هذا التحويل من خلال الظروف غير الطبيعية التى تؤدى بنا الى احداث خلل بيئى فى كل من الهواء والماء والتربة بل وفى كامل كيان الكائن الحى. كل هذا لابد أن يتم احتوائه من خلال الكيميائى الذى يمتلك القدرة على هندسة هذا التحويل، هذه الهندسة التحويلية القائمة على الوصول الى المنتجات بأقل تكلفة وفى أسرع وقت وبأقل جهد، وهنا فقط تكمن سرية الاحتواء الذى ان غاب عن عملية التحويل، كانت النتائج غير مستحبة وكانت خسائرها أكبر بكثير من مكاسبها. وهناك تحويل آخر قد يكون أكثر أنواع التحويل أهمية، ألا وهو تحويل رعايا الدول المقيمين فى دول قد تسللت اليها الحروب والصرعات، هؤلاء الرعايا سواء كانوا عاملين أو زائرين أو دارسين تسعى دولهم و أوطانهم بشتى السبل لاستجلابهم واعادتهم الى أوطانهم سالمين. وأمام هذا النوع من التحويل والاستجلاب الاضطرارى لابد من وجود الاحتواء الكامل، فهؤلاء غالبا ما يعودون الى أوطانهم دون أو ببعض أوراقهم الثبوتية مع فقدهم الكثير والكثير من المال والوقت والجهد بل والعمر. ومع هؤلاء العادين وخصوصا الدارسين لابد من وجود الاحتواء القائم على التيسير والأخذ بروح القوانين القائمة أو حتى استحداث قوانين ولوائح واجراءات ترعاهم وتشعرهم أنهم فى القلب والعين من أوطانهم لدرجة أنه من الممكن أن يكون الاستثناء الذى هو قمة الاحتواء هو فى ذاته الأصل الذى يجب أن يكون. ولا غبار فى أن تدمج السنوات الدراسية للدراسين المحولين من مناطق الحروب والصراعات، فالأخذ بالمجمل وبعض التفاصيل دون الاخلال الشديد بالواقع يكون هو الاحتواء المطلوب الذى لا يجب تأجليه أو حتى تحديده بفترة زمينة بعدها يضيع كل شئ وينساب ماء العمر من بين الاصابع. ومع هذا التحويل الناجم عن وجود حروب وصراعات ان لم تهب رياح الاحتواء القوى والسريع وتتخلل كل مكان وزمان، فلن يكون لهذا التحويل أى فائدة تذكر ولن يكون امامنا الا فقد ثروة لا تقدر بمال. فاستثمار التحويل القائم على فلسفة الاحتواء سيؤتى ثماره ان آجلا أو عاجلا، أما السير فى دروب التحويل التقليدى المسلوب ارادة الاحتواء لن ينتج عنه غير فقد الجهد والوقت وجنى ثمار الألم الممتزج بنيران الحزن الذى قد يحجب ضوء القمر وتغيب معه شمس الحياة. فالخير كل الخير عندما يقترن أى تحويل باحتواء كامل لكل العائدين وذلك من خلال اجراءات وضوابط وتعليمات عاجلة وليست آجلة ومشروطة بما قد يكون مستحيل وبعيد كل البعد عن أيادى قيدتها حروب دامية وصراعات لا معنى لها ستدمر مرتكبيها قبل المجاورين لها، لأنه ان كانت نيران هذه الصراعات قد طالت المجاورين فغدا سوف تسحق فاعلى هذه الحروب والصراعات التى استحدثت نوع من التحويلات المكبلة بكل ما هو فجائى وثقيل.
ما بين التحويل والاحتواء
شارك المقالة
** أستاذ كيمياء المواد المتقدمة والنانوتكنولوجى، أحد أفضل 2% من العلماء حول العالم طبقا لقائمة ستانفورد الأمريكية.
** كل مقالاتى وأبحاثى وكل ما حصلت عليه من براءات اختراع ، صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ عَلَى رَوْحٌ أستاذى ومعلمى "وَالِدِيَّ" رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَفَرَ لَهُ، و وَقْفِيَّة عِلْمِيَّة تُبْرِزُ الْإِعْجَازَ العلمى والقانونى و روائعِ الأدب العربى مِنْ خِلَالِ مَقَاصِد العلم والأدب، بهدف إِثرَاءٌ الْفِكْرِ ونشر الوعى العلمى والقانونى،.........﴿وَلَقَدۡ وَصَّلۡنَا لَهُمُ ٱلۡقَوۡلَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ﴾ القصص: 51