تشير دراسة جديدة تم نشرها في مجلة (Volcanology and Geothermal Research) في شهر تشرين الأول من عام 2015، إلى أن البراكين الهائلة – تلك التي تحدث ثورات ضخمة وتؤدي لحدوث عواقب هائلة على المستوى العالمي- لا تتبع آلية البراكين التقليدية التي تقوم على تراكم الضغط الداخلي الذي يؤدي لإنفجار البركان، فبدلاً من ذلك، وجدت الدراسة، بأن الغرف الصهارية الضخمة التي توجد تحت البراكين الهائلة قد تنفجر عندما يتصدع سقفها العلوي أو ينهار.
قدمت رئيسة الدراسة (باتريشيا جريج)، وهي أستاذة في الجيولوجيا في جامعة إلينوي، هذه النتائج في الاجتماع السنوي للجمعية الجيولوجية الأمريكية في بالتيمور، ماريلاند، حيث أشارت (جريج) خلاله بأنه من المحتمل جداً أن تكون الآليات الخارجية، وليست الداخلية، هي من يتسبب بحدوث هذه الثورات العظمى، وهذا الأمر الذي يجعلها مختلفة تماماً عن البراكين الصغيرة التقليدية التي يقوم العلماء برصدها، لذلك فإذا كنا نريد رصد البراكين الهائلة لتحديد ما إذا كان أحدها سينفجر قريباً، يجب علينا تكوين فهم أفضل لما يتسبب بحدوث هذه الثورات العظمى في المقام الأول.
البركان الهائل هو البركان الذي يحدث ثورة بركانية يزيد حجم مقذوفاتها عن 500 كيلومتر مكعب من الصهارة المشتعلة، وعلى سبيل المقارنة، تقول (جريج)، بأن بركان سانت هيلين يقذف كيلومتر مكعب واحد من المواد، لذلك فإن البركان الهائل يقذف صهارة أكثر بخمسمائة مرة من بركان سانت هيلين.
عندما يثور بركان عادي، يمكن أن يخلف آثاراً دائمة في جميع أنحاء العالم، ويمكن اعتبار ما حدث في أيسلندا عندما أدى الرماد البركاني الكبير إلى تعطل حركة الطيران تماماً في جميع أنحاء أوروبا مثالاً جلياً على ذلك، لهذا يمكن القول بأن الثوران العظيم يمكن أن يخلف آثار مدمرة على أعلى الدرجات.
إن معرفة آليات ثوران البراكين الهائلة تعتبر أمراً بالغ الأهمية لرصدها، بما في ذلك تلك التي تقع تحت منتزه يلوستون الوطني، والجدير بالذكر أن آخر انفجار معروف من بركان هائل حدث على الأرض، كان في بحيرة توبو في نيوزيلندا منذ 26500 عام.
نتائج الدراسة الجديدة تتعارض مع الأبحاث المنشورة في العام الماضي، والتي تربط بين احتمال الثوران وبين الحمم البركانية الطافية، فتبعاً لفرضية “الصهارة الطافية”، الصهارة – الصخور السائلة – قد تكون أقل كثافة من الصخور المحيطة بها، وبالتالي يمكن أن تندفع نحو السطح، تماماً كقطعة ثلج تتمايل في الماء، وهذا يؤدي إلى زيادة الضغط داخل غرفة الصهارة، مما يؤدي إلى تحفيز الانفجار.
بحسب (جريج)، فإننا عندما نفكر في الكيفية التي يتم من خلالها تحفيز الثوران البركاني، عادة ما يكون أول ما يخطر ببالنا هو أن الضغط في غرفة الصهارة يزداد حتى يتسبب بحدوث الانفجار واندلاع البركان، وهذه هي الفرضية السائدة للسبب الذي يحفز الانفجارات، ولكن في المقابل، نحن لا نرى الكثير من الأدلة على وجود زيادة في الضغط في مواقع البراكين الهائلة، لذلك فإن فرضية الطفو لا يمكن تطبيقها في مثل هذه الحالات.
وجدت الدراسة الجديدة بأنه يمكن اعتبار حجم غرفة الصهارة –وهو تجويف تحت الأرض يوجد تحت البركان الذي يحتوي على الصخور السائلة- عاملاً أهم بكثير في تحفيز الانفجارات في البراكين الهائلة، علماً أن الدراسات السابقة التي تعتمد على فرضية الطفو، تربط ثوران البركان مع وجود المزيد من المواد الصهارية في التجويف مما يشكل قوة دافعة للثوران، ولكن هذه الدراسة وجدت بأن حجم الغرفة يؤثر على استقرار الصخور التي تشكل الغرفة.
تبعاً لـ(جريج)، فقد وجدت دراسات سابقة بأنه عندما تتوسع غرفة الصهارة، فإنها تدفع السقف نحو الأعلى مما يؤدي لحدوث تصدع فيه، ومع نمو هذه الغرفة الكبيرة جداً من المواد المنصهرة، قد يصبح السقق غير مستقراً، ويصبح من السهل اندلاع الثورات الناتجة عن حدوث تصدع أو ضعف في الصخور.
وفقاً للدراسة، إذا ما حدث صدع أو ضعف في سقف غرفة الصهارة، فإن المواد المنصهرة تستخدم الشقوق كمتنفس لإطلاق النار إلى السطح، وهذا قد يؤدي الى حدوث سلسلة من ردود الفعل التي تؤدي لإنفجار البركان بأكمله.