دائماً ما يبحث الرجال عن علامات صحية يمكن أن تساعد على التنبؤ بخطر تعرضهم للأمراض المزمنة، مثل السكري وأمراض القلب، والسرطان، ولكن غالبية الشبان قد يستغربون لمعرفة أن السائل المنوي يمكن أن يكون أداة لا تقدر بثمن عندما يتعلق الأمر بالتعرف إلى حالتهم الصحية، هذا صحيح، حيث يمكن للسائل المنوي لدى الرجال أن يخبرهم الكثير عن حالتهم الصحية.
في العقدين الماضيين، انخفض عدد الحيوانات المنوية العام لدى الرجال في جميع أنحاء العالم بنسبة تصل إلى الثلث، فماذا يخبرنا “وباء الحيوانات المنوية” العالمي هذا عن الصحة العامة للإنسان اليوم؟
ارتفاع ضغط الدم
تم تشخيص حوالي 80 مليون من البالغين في الولايات المتحدة وحدها بالإصابة بارتفاع ضغط الدم، وهو الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى مضاعفاتٍ محتملة تُهدد الحياة إذا ما ترك دون علاج، بما في ذلك الفشل الكلوي والنوبات القلبية، والسكتة الدماغية، وقد وجدت دراسة حديثة أجريت في جامعة ستانفورد للطب أن نوعية السائل المنوي لدى الرجل يمكن أن تشير إلى احتمالية إصابته بارتفاع ضغط الدم، حيث كشفت الأبحاث التي شملت 9387 رجلاً تتراوح أعمارهم بين 30 و 50 سنة، أن الرجال الذين يعانون من انخفاض في الخصوبة يميلون لأن يكونوا معرضين أكثر لمخاطر الإصابة بأمراض معينة تتعلق بالدورة الدموية، بما في ذلك ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب، كما أن العلاقة بين جودة السائل المنوي وارتفاع ضغط الدم ترتبط بنحو 15% من كامل الجينات الموجودة في الجينوم البشري، والتي ترتبط بدورها بالتكاثر وغيرها من أنظمة الجسم.
زيادة الوزن أو السمنة
دائماً ما تظهر الأدلة بأن التدخين والسمنة يؤثران بشكل مباشر على العقم لدى الرجال، حيث أظهرت إحدى الدراسات التي نشرت في مجلة (Human Reproduction)، أن الرجال الذين يمتلكون مؤشر كتلة جسم (BMI) كبير، غالباً ما يمتلكون عدد حيوانات منوية أقل ويكون السائل المنوي لديهم ذو نوعية سيئة بالمقارنة مع الرجال الذين يمتلكون مؤشر كتلة جسم أقل نسبياً، كما وجد فريق من الباحثين بقيادة الدكتور (مايكل أيزنبرغ) أن الرجال الذين يعانون من زيادة الوزن والسمنة يقذفون ما متوسطه 2.8 ملليلتر (مل) من السائل المنوي مقارنة بقذف 3.3 (مل) من قبل الرجال الذين يمتلكون أوزاناً طبيعية، والجدير بالذكر هنا أن المقدار الصحي للقذف يتراوح ما بين 2 و 5 ملليلتر، وبحسب الباحثين، فإن ما يسبب انخفاض عدد الحيوانات المنوية لدى الرجال الأكبر حجماً، هو زيادة تخزين الدهون الذي يمكن أن يؤدي إلى تحول هرمون التستوستيرون لهرمون الأستروجين الأنثوي، ويمكن أيضاً أن يكون ذلك راجعاً إلى الهرمون الذي تنتجه الخلايا الدهنية والذي يعرف باسم هرمون الليبتين، الذي يمكن أن يلحق الضرر بالخلايا الحيوانات المنوية.
التعرض للبيسفينول أ
أدت المخاوف من التعرض للبيسفينول أ (BPA) إلى ظهور حركة للإتجاه نحو الأشياء الخالية من الـ(BPA)، حيث ارتبط الـ((BPA، وهو مادة كيميائية تعطل عمل الغدد الصم وتمتلك خصائص الاستروجين الاصطناعي، بحدوث اضطرابات في النظام الهرموني، وقد اكتشف باحثون من جامعة ولاية واشنطن مؤخراً كيف يمكن للـ(BPA) أن يزيد من خطر إصابة الرجل بالعقم، فبعد إعطاء مجموعة من الفئران الذكور حديثي الولادة لجرعات عن طريق الفم من الـ(BPA)، أو من هرمون الاستروجين الاصطناعي، أو الاستراديول (العنصر المستخدم في تحديد النسل)، أو من دواء وهمي، أظهرت النتائج أن الحيوانات المنوية لدى الفئران الذين تعرضوا للـBPA كانت تموت بسبب ضعف وظائف الانقسام الاختزالي، وهي العملية التي تقوم من خلالها الخلايا بجمع المعلومات الجينية من والديها.
استهلاك الكحول
إذا كان هناك أي رجل يسعى للحصول على اختبار لمعرفة ما إذا كان يفرط في شرب الكحول أم لا، فإن حيواناته المنوية يمكن أن تقدم الجواب الشافي له، فقد وجد الباحثون في الدنمارك، بأن الرجال الأصحاء الذين يشربون الكحول بإفراط غالباً ما يعانون من مشاكل العقم، فمن أصل 1221 رجل دنماركي من الذين شملتهم الدراسة، اعترف 64% منهم بأنهم كانوا قد شربوا بإسراف في الشهر الماضي، وقد كان العلماء قد حددوا الإسراف في الشرب بتناول خمس وحدات من المشروب خلال جلسة واحدة، وتبين بأن عدد الحيوانات المنوية لدى الرجال الذين كانوا قد شربوا 40 وحدة من الكحول في أسبوع واحد انخفض بنسبة 33% مقارنة بالرجال الذين كانوا قد شربوا ما بين واحد وخمس وحدات في الأسبوع الواحد، كما أن عدد الحيوانات المنوية الطبيعية لديهم كان أقل أيضاً بنسبة 51%.
قلة النوم
يرتبط نقص النوم مع بعض الحالات الصحية الخطيرة للغاية، بما في ذلك أمراض القلب والسكري، والسمنة، والاكتئاب، وحتى بعض أنواع السرطان، ومع ذلك فقد وجدت دراسة أخرى من الدنمارك أن عدم الحصول على قسط كاف من النوم يمكن أيضاً أن يخفض من مستويات هرمون تستوستيرون لدى الرجل ومن عدد الحيوانات المنوية لديهم، حيث قام الباحثون في الدراسة بإجراء فحص لخصيتي المشاركين الذين وصل عددهم إلى 1000 رجل وقياس عدد حيواناتهم المنوية إلى جانب إجابتهم عن استبيانات لقياس الجدول الزمني للنوم، وانقطاع النوم، وعادات النوم، وتبين بأن عدد الحيوانات المنوية لدى الرجال الذين يعانون من الأرق، أو صعوبة في الحصول على النوم في وقت مبكر، أو نوم متقطع طوال الليل، كان في المتوسط، أقل بنسبة 29% من الرجال الذين ليس لديهم مشكال في النوم، وكان هؤلاء الرجال أيضاً يمتلكون خصيتين أصغر نسبياً وحيوانات منوية مشوهة أكثر بـ 1.6%.