قامت ناسا بافتتاح التسجيل لتجربة فضائية كجزء من برنامجها المسمى بـ(Microgravity University)، حيث يقوم طلاب من المدارس والجامعات بالتقدم بطلبات انتساب لهذه التجربة، وذلك لإجراء التجارب في بيئة منخفضة الجاذبية، حيث سينطلق الفريق الرابح إلى إلينغتون فيلد هيوستن في زيارة لمدة أسبوع تنتهي برحلة يصعدون فيها إلى الفضاء ثم يعودون بعدها الأرض، أحد الفرق الرابحة كان من طلاب جامعة ستانفورد، حيث كان الفريق مؤلفاً من خمسة أشخاص بقيادة (بول وارن) البالغ من العمر 18 عاماً، وهو طالب مستجد في علوم الكمبيوتر، حيث كان الفريق يعزم على إجراء عملية إنعاش للقلب في ظروف مماثلة لما يمكن أن يتعرض له رواد الفضاء أثناء رحلاتهم، وذلك باستخدام دمية آدمية ليس لها أطراف.
كان الهدف الأساسي من هذه التجربة هو معرفة فيما إذا كان جهاز الموجات الفوق صوتية المحمول يستطيع التقاط صور للقلب في بيئة الجاذبية المنخفضة، وذلك لمعرفة قدرة الأجهزة الطبية على انقاذ البشر عندما يكونون على بعد ملايين الأميال عن الأرض.
في الحقيقة، فإن البشر في الوقت الحالي لا يمتلكون الأدوات الطبية التي تمكنهم من النجاة بحياتهم في الفضاء، فعلى سبيل المثال نحن لسنا قادرين على إجراء الجراحة في الفضاء حتى الآن، فحالياً في حال حصول حالة طبية طارئة على متن محطة الفضاء الدولية فيمكن نقل رواد الفضاء إلى المستشفيات الموجودة على الأرض كونهم لا يبعدون سوى ساعات قليلة عن الأرض، أما في حال التخطيط مستقبلاً لإرسال بعثات انسانية إلى المريخ، فإن هذا يحتم علينا أن نكون مستعدين للتعامل مع الحالات الطارئة في الفضاء، كون مثل هذه الرحلات قد تستغرق أشهراً أو حتى سنوات في الفضاء.
يعتبر جهاز الموجات فوق الصوتية الذي يقوم الطلاب باختباره مناسباً تماماً للبعثات الفضائية، فهو جهاز خفيف ومدمج، واستخدامه سهل كونه لا يتطلب إلّا القليل من التدريب الطبي، ويمكن للميل المدمج مع الجهاز أن يبقى في الجسم لمدة 72 ساعة في كل مرة، ولكن هذه التكنولوجيا تمت تجربتها على الأرض فقط، ومن غير المعلوم فيما اذا كانت قادرة على العمل في بيئة انعدام الجاذبية، خاصة وأن الميل يمكن أن ينحرف من موقعه في البيئة ذات الجاذبية المنخفضة.
ويشرح الدكتور (بيتر لي) جراح القلب وأخصائي الطب الفضاء، بأنه اذا كان رائد الفضاء يعاني من أمراض في القلب والشرايين، أو أصبح لسبب ما عاجزاً واحتاج لأن يتم وضعه على جهاز تنفس صناعي، فليس هناك من آلية تصوير قادرة على توفير صور مستمرة للقلب في الفضاء، وأقصى ما يمكن استخدامه حالياً هو جهاز التصوير بالأشعة فوق صوتية، والذي يحتاج إلى وجود فني بشكل دائم بجانب المريض ليقوم بتثبيت الجهاز على الصدر، أما في جهاز الموجات فوق الصوتية المجهّز بالميل المرن، فيتم إدخال الميل عن طريق الفم وصولاً إلى أسفل المريء، حيث يتم التقاط صور أكثر وضوحاً للقلب من الصور التي يلتقطها جهاز الموجات فوق الصوتية الذي يتوضع فوق الجسم، ويكون الميل متصلاً مع جهاز عرض أسود وأبيض يقوم بعرض صور الموجات فوق الصوتية التي يلتقطها الميل من القلب بشكل مباشر، حيث يمكن من خلال هذه الصور معرفة فيما إذا كان القلب ينبض، أو إذا ما كانت صمامات القلب تعمل بشكل صحيح.
لتجربة جهاز التصوير بالموجات فوق الصوتية المزود بميل، تم تكليف طلاب جامعة ستانفورد بالتقاط صور للقلب خلال رحلة الطيران على متن طائرة (بوينغ 727) التابعة لناسا، والتي تقوم برحلة على شكل قطع مكافئ في مدار الكرة الأرضية، تحاكي فيها ظروف انخفاض درجة الجاذبية، حيث كان يتعين على الفريق التقاط ست صور للقلب بواسطة ميل جهاز التصوير بالموجات فوق الصوتية، وتمثلت الصعوبة لدى أعضاء الفريق في الحفاظ على ثباتهم في بيئة انخفاض الجاذبية لإدخال الميل من الفم عبر المري إلى القلب، حيث يمكن أن تؤدي حركة صغيرة من اليد في ظروف انخفاض الجاذبية إلى تغيير اتجاه الجسم بأكمله.
بعد انتهاء التجربة، تمت مقارنة الصور المتلقطة خلال التجربة مع صور تم التقاطها مسبقاً على الأرض، حيث تبّين أن الصور الملتقطة في حالة انخفاض الجاذبية لا تظهر أي فرق عن الصور المأخوذة على الأرض، وهذه النتيجة قد تكون الخطوة الأولى التي تمهّد لاستعمال تقنية التصوير بالموجات فوق الصوتية يوماً ما في الفضاء.