الميكروسكوب هو أداة تُستخدم في تكبير الأشياء الصغيرة والتي تكون في الأغلب لا يمكن رؤيتها بدقة بالعين المجردة، كالخلايا الحية والأنسجة وحبات الرمال وغيرها، واكتشافه فتح على البشرية آفاق جديدة أهمها أنه ساعد العلماء في اكتشاف كثير من الأمراض الخطيرة والتوصل لعلاجها، وآخرهم فيروس كوفيد-19 الذي لم نكن لنستطيع تخطيه وإيجاد اللقاح لولا وجود الميكروسكوب وسط التقنيات الحديثة.
عرفت البشرية أول صورة للميكروسكوب المركب ( الذي يحتوي على عدستين على الأقل ) في أواخر القرن السادس عشر على يد 3 من الألمان وهم هانز ليبرشي وهانز يانسن وابنه زكريا يانسن لكن كان الميكروسكوب يملك قوة تكبير صغيرة إلى حدٍ ما فكان أقصاها هو إنتاج صورة مكبرة بقدر 9 مرات تقريباً وبالتالي لم يساعد في ظهور أي اكتشافات علمية هامة في الـ 100 عام التالية من اكتشافه.
أول تعارف بين الإنسان والخلايا الحية.
في القرن السابع عشر تم إجراء بعض التعديلات على العدسات المُستخدمة في الميكروسكوب لتحسين جودة الصورة ورفع قوة التكبير التي بالفعل وصلت لمقدار مدهش في التكبير ل 270 مرة. هنا أصبح الطريق ممهد للاكتشافات العلمية الهامة الذي بدأها العالم الإنجليزي روبرت هوك حيث نشر كتاب Micrographia في الستينيات من نفس القرن ووضع فيه مئات الرسومات لعينات فحصها تحت الميكروسكوب من حشرات وأنسجة نباتات وحيوانات، حتى أنه هو أول من جاء بمصطلح “الخلية” لوصف الحجرات الصغيرة التي يتكون منها النبات تحت الميكروسكوب. ومن هنا بدأ علم الأحياء الخلوي Cellular Biology في السطوع.
اكتشاف البكتيريا.
في عام 1676 عدَل رجل الأعمال والعالم أنتوني فان ليفينهوك من الميكروسكوب من أجل رفع قدراته في التكبير وإنتاج صور واضحة ليستخدمه في الأساس من أجل معاينة الأقمشة التي كان يبيعها في ذلك الوقت، لكن بمحض الصدفة أثناء المعاينة اكتشف وجود البكتيريا وأطلق عليها animalcules أي الحيوانات الصغيرة جداً، وأصبح يبحث عنها في العديد من العينات مثل مياه البرك والمطر وفي فم الإنسان والأمعاء وغيرها، وفتح ذلك أبواب علم الأحياء الدقيقة Microbiology حتى أن ليفينهوك نفسه تم إطلاق اسم The Father of Microbiology عليه لأنه يرجع إليه الفضل في اكتشافه.
وتوالت الاكتشافات واحد تلو الآخر.
في البداية كان الكثير من الباحثين يرفض استخدام تلك الميكروسكوبات الأولية وذلك لأنهم لم يكونوا يثقون فيما يرون بعدساتها، وذلك لأن بالفعل كان يوجد بعض الشوائب بالعدسات في البداية مما كان يشوه العينات ويعطي ملاحظات خاطئة بناء على ذلك. لكن على مر العقود تم إجراء تحسينات كبيرة على العدسات أهمها استخدام زجاج أنقي في صنعها وبالتالي أصبحت الصورة أفضل بكثير وأنقى كما تم إضافة مرآة صغيرة لتجميع الضوء وبالتالي تتنج صورة أوضح وأدق.
مع ظهور التحسينات انتشر استخدام الميكروسكوب بصورة أوسع وحاز على ثقة الكثير من الباحثين ومن بعدها أصبح معدل ظهور الاكتشافات الجديدة أسرع كثيراً من ذي قبل. فبدايةً من عام 1830 أصبحت الخلية وانقسامها هي أحد المحاور الأساسية للبحث العلمي، حيث توصل العالمان الألمان ماتياس شلايدن وثيودور شوان أن الخلية هي وحدة البناء الأساسية للحيوان والنبات، وبعدها اكتشف العالم الألماني أيضاً والتر فليمنج انقسام الخلية الذي ساعد بعد اكتشافه بعقود في التوصل لكيفية تكون ونمو السرطان.
فيما نستخدم الميكروسكوب حالياً؟
تطور الميكروسكوب بشكل كبير منذ اكتشافه من مئات السنين وأصبح له أنواع عديدة ذات قوى تكبيرية مختلفة تصل إلى مليون مرة في بعض الأنواع! وذلك من شأنه أن يوسع من مجالات استخدامه ليخدم البشرية بأفضل شكل ممكن. فهو يستخدم حالياً في مجالات كثيرة مثل:
الرعاية الصحية: يتم استخدامه في التحاليل الطبية لفحص عينات الدم لرؤية كرات الدم الحمراء والبيضاء والصفائح الدموية وغيرها عن قرب، وكذلك فحص عينات كالبول والبراز ليتم من خلالهم تشخيص الأمراض بطريقة صحيحة.
الجراحات: عندما تتطلب العمليات الجراحية الوصول لجزء دقيق من جسم الإنسان تساعد أنواع معينة من الميكروسكوبات الجراحين أثناء تلك العمليات في فحص الجزء المُستهدف عن قرب لتوسيع مجال الرؤية وبالتالي لتقليل مجال الخطأ.
البحث العلمي: تقوم عملية البحث عن علاجات جديدة للأمراض بالأساس على الميكروسكوبات لقياس مدى فعاليتها بدقة كعلاج السرطان والأمراض المناعية والأوبئة وغيرها.
التشخيص: عمليات مثل استئصال الأورام تحتاج إلى فحص جزء من تلك الأورام عن قرب أولاً لتحديد نوعها وبناء عليه يتم تحديد العلاج المناسب ويتم ذلك بواسطة الميكروسكوب.