نحن الآن نعيش في عالم تملؤه الشاشات بمختلف أحجامها في كل مكان من حولنا، بدءًا من التلفزيون وصولاً إلى الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية التي تستهوي الأطفال بشكل خاص؛ نظراً لحجم شاشتها الكبير الذي يمكنهم من متابعة أفلامهم الكرتونية المفضلة واللعب عليها بسهولة. ومع انتشار تلك الأجهزة بشكل أكبر بين يدي الأطفال تزداد توصيات المختصين بتحديد المدة التي يقضوها عليها قدر الإمكان وبما يتناسب مع مراحلهم العمرية المختلفة، حتى لو كانوا يتابعون عليها ما هو مفيد وغني بالمعلومات!
كيف يؤثر استخدام الشاشات على الأطفال؟
مع ازدياد تعرض الأطفال للشاشات سواء في مكالمات الفيديو مع أقاربهم أو في مشاهدة المقاطع القصيرة أو اللعب؛ رأى الخبراء الحاجة إلى دراسة ومراقبة مدى تأثر صحة وسلوك هؤلاء الأطفال. وبالفعل أظهرت أبحاثهم العديد من مؤشرات الخطر التي تحتاج منا كآباء الانتباه جيدًا.
1- الجانب البدني.

جلوس الأطفال لساعات غير محدودة أمام الشاشات بمختلف أنواعها يحرمهم من فرصة الحركة والعب وتفريغ الطاقة الضروري في السن الصغير، مما يؤثر بشكل واضح على صحتهم البدنية ويظهر ذلك في أشكال مختلفة مثل السمنة المفرطة والخمول الدائم وإجهاد العينين.
كما أن التعرض للشاشات في أوقات كتلك التي تسبق النوم قد يؤثر على جودة نومهم ويعيق حصولهم على قدر كاف من النوم كل ليلة، مما يؤثر على نشاطهم خلال النهار. يرجع ذلك لتعرض أعينهم الطويل للأشعة الزرقاء الصادرة من تلك الشاشات والتي تؤثر بشكل مباشر على إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن تنظيم النوم في جسم الإنسان.
2- الجانب النفسي.
تعرض الأطفال للمحتوى المتغير والسريع المعروض على الشاشات لفترات طويلة يعرض دماغهم للإجهاد نظرا لتشتيت انتباهم المستمر، وحسب دراسات الخبراء فقد يؤدي ذلك لشعورهم بالقلق والاكتئاب والعزلة الاجتماعية، لدرجة أن بعض الأطفال قد تجد صعوبة في التعبير عن مشاعرها بطريقة مقبولة اجتماعيا. ضف على ذلك انتشار ما يسمى الآن بالترند على منصات التواصل الاجتماعي وما يتبعه من التقليد الأعمى للمتابعين الذين يكون غالبيتهم أطفال ومراهقين، دون اعتبار للعواقب التي قد تنتج منه والتي قد تصل للخطيرة في بعض الأحيان!
وجود المحتوى الالكتروني المفتوح في أيدي الأطفال أصبح للأسف يغنيهم عن ضرورة الاختلاط المجتمعي! فهم يملكون العالم الآن بين يديهم فما الحاجة للتواصل الحقيقي إذاً! وذلك من شأنه أن يخلق جيل منطوي ومكبوت المشاعر.
3- الجانب العقلي.
وجد العلماء أن التعرض المطول للشاشات قد يؤثر أيضاً على قدرة الأطفال على التركيز وعلى استرجاعهم للمعلومات واستخدامهم لمهارات التفكير المنطقي وكلها مهارات أساسية يحتاج الأطفال لتطويرها على الدوام من أجل تحصيل دراسي أفضل، ولذلك من الطبيعي في تلك الحالات أن يكون هناك انخفاض ملحوظ في تركيز الطفل وتحصيله الدراسي!
كيف نتجنب كل ما سبق؟

كل ما تحدثنا عنه يشكل خطورة على مستقبل أطفالنا ويحتاج مننا إلى الانتباه لما يقضون معظم أوقاتهم فيه، لذلك نشرت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال توصياتها الخاصة بالوقت المناسب الذي يمكن للأطفال قضاؤه في متابعة الشاشات يوميا بمختلف مراحلهم العمرية بحيث لا يؤثر بالسلب عليهم، وهي كالآتي:
من عمر السنة ونصف إلى السنتين: يفضل أن يكون وقتهم أمام الشاشات محدود جدا ومقتصر على المكالمات مع المقربين أو متابعة محتوى تعليمي في وجود أحد الأبوين.
من عمر السنتين إلى الخمس سنوات: من ساعة إلى ساعتين فقط يوميا.
من عمر الست سنوات فيما فوق: ساعتين يوميا.
لا نستطيع أن ننكر أهمية التكنولوجيا في وقتنا الحالي ومدى الفائدة التي تعم علينا من تلك الشاشات كتعلم اللغات الجديدة واستكشاف تجارب الآخرين ذات المغزى وتعلم الجديد في كل المجالات، لكن أيضا نحتاج لأن ندرك أنه لا يوجد أكثر من المحتوى السيء أيضا عليها! وأن أطفالنا تحتاج مننا أن نرشدهم للطريق الصحيح في كيفية قضاء أوقاتهم بطريقة صحيحة منذ نعومة أظافرهم، فمن شب على شيء شاب عليه!