قد تكون من النوع الذي لا يمكنه تذكر آخر مرة بكى فيها، ولكن هناك أشخاص آخرين يبكون لأسباب غريبة، مثل حفلات الزفاف، أو حفلات أعياد الميلاد، أو رؤية أطفالهم وهم يمثلون في المسرحيات المدرسية، وغالباً ما يبدأ الأمر بارتجاف الشفة، أو برمش العيون بسرعة لمنع الدمع من الخروج منها، ولكن بكلتا الحالتين، فإن البكاء عادة ما يأتي في الأوقات أو الأماكن التي لا تريد البكاء فيها أو لا تريد أن يشاهدك الآخرون تبكي فيها.
على الرغم من أن مشاهدة العديد من مدربي كرة القدم والسياسيين وهم يبكون في العلن، قد يعكس تطور المجتمع وتقبله قليلاً للعواطف، ولكن يبقى البكاء بالعلن مربكاً للشخص الذي يبكي وهو محاط بالعديد من الأشخاص من حوله، ولكن ما الذي يقف وراء التسبب في البكاء؟ ولماذا يبكي بعض الأشخاص بسهولة وبعضهم يبكي بصعوبة؟ وما هي الطريقة الأمثل للتعامل مع الدموع؟ وهل هناك طريقة تمكننا من تجنب البكاء في الظروف غير المناسبة؟
قد يبدو السبب الذي يجعلنا نبكي مباشراً وواضحاً، فالبكاء هو استجابة عاطفية طبيعية لمشاعر معينة، والتي عادةً ما تتمثل بالحزن أو الأذيّة، ولكن بعض الأشخاص يبكون في ظل ظروف ومناسبات أخرى، وذلك بحسب (ستيفن سيديروف)، وهو دكتور في علم النفس في سانتا مونيكا في جامعة كاليفورنيا في لوس انجليس، فمثلاً هناك بعض الأشخاص الذين يبكون عند مشاهدتهم لشيء جميل، حيث أنهم يخرجون عن حذرهم، وينسون دفاعاتهم، وينساقون إلى أماكن عميقة داخل أنفسهم، مما يحفّز البكاء لديهم.
تبعاً لـ (سيديروف)، فإن البكاء يخدم أغراضاً عاطفية، حيث أنه يفرج عن تراكم للطاقة مترافقاً مع كمية من المشاعر، ولكن تبعاً لـ (جودي ديلوكا)، وهي دكتورة في الطب العصبي النفسي في المستشفى العام في تامبا في ولاية فلوريدا، فقد يكون البكاء أيضاً آلية للبقاء، فعندما نبكي، فإن هذه إشارة على وجود شيء ما يحتاج إلى المعالجة، حيث أن هذا يعني أن هذا الشخص يحس بالإحباط، أو حتى يحاول فقط الحصول على الاهتمام من شخص ما، وهذا ما تدعوه (ديلوكا) وغيرها من الباحثين “بالمكسب الثانوي”.
علاوة على ذلك، فقد يكون هناك هدف كيميائي حيوي من البكاء، حيث يُعتقد بأن البكاء يقوم بالإفراج عن هرمونات الإجهاد أو السموم التي قد تكون موجودة في الجسم، وذلك بحسب (لورين بيلسما)، وهي طالبة دكتوراه في جامعة ساوث فلوريدا في تامبا، كما أن هناك وظيفة اجتماعية بحتة يؤديها البكاء، حيث أنه وتبعاً لـ (بيلسما)، فإن الأشخاص الذين يبكون غالباً ما يفوزون بالدعم من أولئك الذين يشاهدونهم وهم يبكون، لدرجة أنه أحياناً، قد يكون البكاء مزيفاً، أي كوسيلة للحصول على مانريده.
اقرا ايضا
يتفق معظم الخبراء أن النساء يملن للبكاء أكثر من الرجال، حيث أن بكاء المرأة عادةً ما يكون أكثر تقبلاً من الرجل من الناحية الاجتماعية، ولكن هذا الأمر بدأ يتغير إلى حد ما، ولكنه وفي الوقت ذاته لا يزال يُنظر إليه من قبل العديد من الأشخاص- وخاصة الرجال- على أنه علامة على الضعف، إلّا أن ما يحدث في الواقع هو أن هناك أشخاص يبكون بسهولة وآخرون نادراً ما يبكون، وحتى الآن لم يتمكن الخبراء من تحديد السبب بدقة، على الرغم من أنهم يتوقعون أن يكون مزاج الشخص يلعب دوراً في ذلك، ففي الوقت الذي يمكن أن يكون فيه بعض الأشخاص عرضةً للبكاء، فإن هناك أشخاص آخرين يستطيعون تجاهل الأشياء التي تجعلهم منزعجين أو حتى لا ينزعجون لتلك الدرجة التي قد تؤدي إلى إثارة دموعهم.
يشير (سيديروف) إلى أن الأشخاص الذي كانوا قد عانوا من الصدمات يكونون أكثر ميلاً للبكاء، وهذا يظهر بصورة خاصة عند تكلمهم عن ماضيهم، وإضافةً إلى ذلك، فإن التكلم عن الصدمة أو الألم العاطفي الذي سببته الصدمة، سيولّد المزيد من مشاعر الحزن لدى الشخص، وبدون البكاء سيكون الشخص محتقناً بمشاعر سلبية، فالبكاء يمكن أن يشكّل متنفساً للشخص.
في دراسة قامت (بيلسما) بإجرائها على ما يقرب من 200 امرأة هولندية، وجدت أن معظم النساء شعرن بتحسن بعد البكاء، ولكن ليس الجميع، حيث وجدت الدراسة أن النساء اللواتي يعانين من الاكتئاب أو القلق الشديد، كنّ غالباً ما يشعرن بالسوء بعد البكاء، ولكن حتى الآن لا يزال السبب مجهولاً، حيث تشير (بيلسما) أن هذا الأمر قد يكون راجعاً لكون النساء اللواتي يعانين من الاكتئاب أو القلق لا يستفدن من فوائد البكاء التي يحصل عليها الآخرون.
وإليكم بعض النصائح التي يمكن إتباعها للتعامل مع الأشخاص عندما يبدؤون بالبكاء:
- يجب أن تعلم أن عدم القيام بأي شيء يجعل الشخص الذي يبكي يشعر بأنه أسوء حالاً.
- حاول أن تدعم الشخص الذي يبكي، وذلك تبعاً للوضع العام، ومدى معرفتك به.
- لا تفترض بأنك تعرف كيف تريح من يبكي، فكلما كانت العلاقة أقل حميمية، كلما كانت إمكانية السؤال عن الكيفية التي يمكنك فيها مساعدة الشخص الذي يبكي أكبر.
- الأشخاص الذين يبكون أمام مجموعة كبيرة من الأشخاص، يشعرون عموماً بأنهم غير مرتاحين أكثر من الأشخاص الذين يبكون أمام شخص واحد أو شخصين، ولكن حتى في مجموعة كبيرة، فإن الأشخاص الذين يتعرضون لنوبة من البكاء، قد يرحبون بالدعم من الأشخاص الذين لا يعرفوهم جيداً.
وإليكم أيضاً بعض النصائح لمنع أنفسنا من البكاء في المواقف الحرجة:
- حاول تأجيل البكاء، ولكن لا تمنع نفسك تماماً عنه، فكبت البكاء بشدة ليس أمراً جيداً.
- حاول الانسحاب من المكان الذي تتواجد فيه، واعثر على مكان مناسب للبكاء فيه.
- إذا كنت لا تستطيع ترك المكان، حاول تأجيل البكاء و إيقاف الدموع بالتفكير بأفكار إيجابية، وعلى الرغم من أن هذا يعتمد على الشخص وموقفه، إلّا أن الخبراء ينصحون بمشاهدة الفيديوهات المضحكة، أو إذا كنت في عيادة الطبيب، فينصح بأخذ مجلة والبدء بقراءتها.
ونهايةً، وعلى الرغم من أن كثرة البكاء يمكن أن تجعل الشخص يشعر بعدم الراحة، إلّا أن عدم البكاء أبداً قد يكون مضراً بالصحة العقلية، وذلك لأسباب مختلفة، حيث أن الأشخاص الذين يكبتون دموعهم، يقومون بطريقة ما بخنق أنفسهم، مما قد يقودهم إلى الاكتئاب، لذلك فمن الأفضل أن يعترف الشخص بمشاعره، كما أن الحزن المكبوت قد يؤدي إلى أضرار جسدية في بعض الأحيان.
المقالة الأصلية:
https://www.webmd.com/balance/features/why-we-cry-the-truth-about-tearing-up