هل تبادر في ذهنك هذا السؤال من قبل؟ بما أنه معروف عن البطاريق أنها لا تطير أبداً، وأنها تقضي معظم وقتها في الماء، فلماذا إذاً تملك أجنحة؟ وهل جاء وقت في التاريخ كانت تطير فيه البطاريق بالفعل أم لا؟ دعنا نعود لملايين السنين قبل وقتنا الحالي لنُجيب على هذين السؤالين.
يعتقد العلماء أنه من ملايين السنين كان هناك وقت توجد فيه البطاريق بشكل مختلف عما نعرفه الآن، فهي كانت لها أرجل ومناقير أطول مما تملكه البطاريق المعاصرة، ولها أجنحة أشبه بأجنحة الطيور المألوفة، والأغرب أنها كانت بالفعل تطير حسب اعتقاداتهم!
في الواقع، نحن نقول هنا أنه مجرد اعتقاد لأنه لم يجد العلماء حتى الآن أي أحفورة للبطاريق التي كانت تطير، فأقدم أحفورة للبطاريق ترجع ل 62 مليون سنة ماضية، وكانت هي الأخرى لبطريق لا يستطيع الطيران. لكن أغلب الدراسات التي تتم فيها مقارنة أحافير البطاريق المنقرضة مع الحديثة تُثبت بالفعل وجود تطورات جينية حدثت على مدار الوقت ساعدت في تكيف البطاريق مع البيئة المائية بدلاً من اليابسة.
كيف تكيفت البطاريق مع البيئة الجديدة؟
مثلاً، وجد العلماء في دراسات حديثة أن أطوال الأجنحة تُصبح أصغر تدريجياً كلما اقتربنا من البطاريق المعاصرة، وكذلك كثافة العظام التي من المفترض أن تكون خفيفة لتساعد الطيور على الطيران، تغيرت هي الأخرى تدريجياً وأصبحت ذات قيم أكبر. حتى أنهه ظهرت زيادة في نسب الكالسيوم في العظام، والذي ساعد على هذا التطور في الأجنحة لتُصبح أقوى وأصلب من التي توجد لدى الطيور، حتى أنها شكلها اقترب أكثر للزعانف، فساعدت البطاريق على تسهيل حياتهم قرب الماء.
لماذا إذاً تخلت البطاريق عن الطيران؟
البطاريق هي كائنات تعيش دائماً بقرب الماء وتقضي نحو 80% من وقتها بالمحيط حيث يوجد غذائها بوفره وهو الأسماك، والجزء الباقي من وقت البطاريق الذي يتم فيه التزاوج ووضع البيض والراحة يكون على اليابسة. تلك الظروف البيئية والمعيشية في اعتقاد العلماء جعلت البطاريق غير مضطرة لأن تطير أغلب الوقت! فهي لديها كل ما تحتاجه حولها، وبالتالي تطورت أجنحتها تدريجياً لتناسب وظيفتها الجديدة، وهي السباحة والتحرك بسهولة في الماء، واصطياد الفرائس.
كما أن الدراسات أثبتت أنه بالنسبة لطائر يستطيع السباحة، يُمثل الطيران له مهمة شاقة وتستهلك الكثير من الطاقة، فيمكنك أن تقول أنه على الطائر أن يختار أما أن يطير أو أن يسبح بمهارة! ويبدو أن البطاريق قد فضلت الاختيار الأخير! فبالفعل هي تسبح مهارة وبسرعة تصل ل 22 ميل في الساعة! بل وتستطيع أن تحبس أنفساها تحت الماء لمدة تصل لعشرين دقيقة! كما أن أجنحتها -التي أصبحت في الشكل المعاصر للبطاريق أشبه بالزعانف أكثر من الأجنحة- تُساعدها على السباحة وعلى اصطياد فرائسها بسهولة وبسرعة.