أظهرت دراسة أجريت على علب تخزين طعام الأطفال أن تسخين الأطعمة في علبها البلاستيكية في الميكروويف يطلق الملايين من قطع البوليمر إلى أطعمتنا.
كطالب يدرس الدكتوراه في تكنولوجيا النانو ضمن المجال البيئي، وبصفته أصبح أبًا قبل فترة بسيطة فقط، فإن حسين لم يكن لديه الوقت الكافي لطهي طعام ابنه بشكل دائم، مما كان يدفعه لشراء الكثير من المعلبات الخاصة بالأطفال.
من هنا بدأت قصة حسين مع البلاستيك، حيث لاحظ أن أغلب أطعمة الأطفال توضع في عبوات بلاستيكية أو تغلف بالبلاستيك.
لذلك، وبعد أن انتهى طفله من تناول احدى وجباته، حرص حسين على أخذ عينات من عبوات التعبئة للمختبر في جامعة نبراسكا – لينكولن. و اختبارها لمعرفة ملائمتها للصحة العامة، للأطفال والكبار.
حسب دراسة نشرها حسين وزملاؤه في مجلة Environmental Science & Technology، لاحظ العلماء أن المواد البلاستيكية عند تسخينها بالمايكرويف، تطلق جزيئات صغيرة تعرف بالـ مايكروبلاستيك، أو جزيئات أصغر تعرف بالـ النانوبلاستيك. تدخل هذه الجزيئات مباشرة إلى أطعمتنا.
البلاستيك عبارة عن مزيج معقد من سلاسل طويلة من الكربون، تسمى البوليمرات، تخلط مع المواد الكيميائية الإضافية، وهي جزيئات صغيرة تساعد في تشكيل البوليمرات في شكلها النهائي وتضفي عليها مقاومة للأكسدة ومقاومة للأشعة فوق البنفسجية وأمور أخرى.
يعمل الميكروويف على توجيه ضربة مزدوجة: الحرارة والتحلل الكيميائي، وهو رد فعل كيميائي يتم فيه كسر الروابط بواسطة جزيئات الماء. كل هذه العوامل يمكن أن تسبب تكسر أوعية البلاستيك وإطلاق جزيئات صغيرة من البلاستيك، مثل المايكروبلاستيك والنانوبلاستيك، والتركيبات الكيميائية الضارة للبلاستيك.
اقرأ ايضا:
5 أضرارٍ وفائدة واحدة يقدمها البلاستيك للبيئة، تعرّف عليها..
لا تزال الآثار الصحية لتعرض البلاستيك غير واضحة، لكن العلماء أكدوا لسنوات على تخوفهم منها. وذلك لعدة أسباب:
أولاً، تتميز هذه الجسيمات بالمكر. حيث وبمجرد دخولها للجسم، تتغلف بالبروتينات، وتتنقل بالجسم مرورًا بالجهاز المناعي، بصفة لا يلحظها الجسم. “مثل حصان طروادة”، كما يقول البروفيسور جون بولاند من كلية ترينيتي في دبلن، كما يمكن للمايكروبلاستيك أيضًا أن يحوي بعض الميكروبات. المعرفة بإسم البلاستيسفير، وينقلها إلى الجسم.
حتى الان لا داعي للقلق، حيث تستطيع الكُلى في الجسم ( وهو خط الدفاع الأول لنا ضد الملوثات ) بإزالة الكثير من الفضلات كما أنها جيدة في تصفية المايكروبلاستيكات النسبياً الأكبر، ولكن المشكلة تبدا من النانوبلاستيك أصغر حجماً حيث يمكنه التسلل عبر الغشاء الخلوي و”يصل إلى أماكن لا ينبغي أن يكون فيها”، يقول بولاند.
يقول ليوناردو تراساند، أستاذ في مدرسة الطب في جامعة نيويورك غروسمان ومدير مركز التحقيق في المخاطر البيئية، “عندما ينجحون في التسلل إلى نظام الدفاع في الجسم، تخترق المواد الكيميائية المستخدمة في البلاستيك الهرمونات”.
من المهم أن تعرف الهرمونات هي جزيئات إشارية تعمل جزء أساسي في كل أساسيات عمل الجسم، لذلك يخشى أن تكون لهذه المواد الكيميائية، القدرة على أن تتداخل مع كل شيء، بدءًا من الأيض إلى التطور الجنسي والخصوبة.
“الأطفال في خطر أكبر من تلك الملوثات من الأشخاص البالغين”، يقول حسين. لذلك، اختار فريق حسين ثلاث أنواع من حافظات لطعام الأطفال، متوفرة في معظم المتاجر التي نرتادها جميعًا: حاويتان من البولي بروبيلين تحملان تصنيفًا “آمنة للميكروويف” وفقًا لتعليمات إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، وجيب طعام قابل لإعادة الاستخدام مصنوع من بلاستيك غير معروف.
استبدلوا المحتويات الأصلية لكل حاوية بسائلين مختلفين (للاختبار) ثم، اتبعوا إرشادات إدارة الغذاء والدواء لمحاكاة ثلاث سيناريوهات يومية باستخدام الحاويات الثلاث: تخزين الطعام في درجة حرارة الغرفة، وتخزينه في الثلاجة، وتركه في غرفة ساخنة. كما قاموا بوضع الحاويتين من البولي بروبيلين في الميكروويف لمدة ثلاث دقائق على درجة عالية.
لاحظ العلماء كمية من الميكروبلاستيك والنانوبلاستيك – تصل إلى 4.2 مليون و 1.2 مليار جسيم في المربع المتري من البلاستيك دخلت إلى السوائل التي أجريت عليها التجارب.
جوديث إنك، المديرة الإقليمية السابقة لوكالة حماية البيئة (EPA) ورئيسة منظمة Beyond Plastics، وهي مجموعة سياسية ونشطاء ضد تلوث البلاستيك، توقفت عن استخدام الميكروويف لتسخين البلاستيك منذ 30 عامًا. وتعتقد أننا جميعًا يجب أن نتوقف عن استخدام الميكروويف لتسخين البلاستيك أيضا : “يالها من مشكلة، خاصة إذا كان لديك أطفال أو إذا كنتِ حامل، لا تضع البلاستيك في الميكروويف”.